«النقض» توضح ما لا يعد من جريمة خيانة الأمانة في علاقة الوكيل بموكله

أوضحت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 32750 لسنة 73 القضائية، تقاعس الوكيل عن القيام بالعمل المكلف به، ولو إضرارًا بموكله، أو عدم بذل العناية اللازمة فيه، أو عدم تقديم حساب لموكله، أو تجاوزه نطاق الوكالة، لا تقوم به جريمة خيانة الأمانة.

وذكرت في حكمها أن إدانة الطاعن لمجرد تجاوزه حدود وكالته رغم عدم تسلمه أموالاً من موكليه وعبثه بملكيتها. خطأ في تطبيق القانون. يوجب نقض الحكم والقضاء ببراءته.

المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة خيانة الأمانة وإلزامه بالتعويض المدنى المؤقت قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون وقصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك أن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه اعتنق صورة للواقعة بفرض صحتها لا تشكل جريمة خيانة الأمانة إذ أن تجاوز حدود الوكالة فى حد ذاته غير مؤثم، مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.

ومن حيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلص إلى توافر أركان جريمة خيانة الأمانة فى حق الطاعن فيما مؤداه أن الطاعن تجاوز حدود الوكالة المرسومة له بإقراره الصلح عن موكليه فى الجنحة رقم….. لسنة….. رغم أن التوكيلات الصادرة له من المدعين بالحق المدنى لا تخوله ذلك. لما كان ذلك.

وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن القانون فى مادة خيانة الأمانة لا يعاقب على الإخلال بتنفيذ عقد الائتمان فى ذاته، وإنما يعاقب على العبث بملكية الشيء المسلم بمقتضاه وأن المناط فى وقوع تلك الجريمة هو ثبوت أن الجانى قد اختلس الشيء الذى سلم له ولم يستعمله فى الأمر المعين الذى أراده المجنى عليه بالتسليم “ولما كانت الالتزامات التى يرتبها عقد الوكالة على عاتق الوكيل هى تنفيذ الوكالة فى حدودها المرسومة (المادة 703 من القانون المدنى) وبذل العناية الواجبة فى تنفيذ الوكالة (المادة 704 من القانون المدنى) وتقديم حساب عنها إلى الموكل (المادة 705 من القانون المدنى) ورد ما للموكل فى يده.

والالتزام الأخير هو الذى تقوم به خيانة الأمانة ذلك أن الوكيل يرتكب هذه الجريمة إذا اعتدى على ملكية الأشياء التى سلمت له بصفته وكيلاً لكى يستعملها فى مصلحة موكله ولحسابه، أو كى يسلمها للموكل فيما بعد، ويعنى ذلك أن فعله يجب أن يتخذ صورة الاستيلاء على الشيء الذى أؤتمن عليه لحساب موكله أما إذا أخل بالتزام آخر تولد عن الوكالة ولم يكن متضمنًا هذا الاستيلاء فهو لا يرتكب خيانة الأمانة.

كما لو تقاعس عن القيام بالعمل الذى كلف به ولو كان دافعه إلى ذلك الإضرار بموكله، أو لم يبذل فيه القدر من العناية الذى تطلبه القانون، أو لم يقدم الحساب إلى موكله، أو جاوز نطاق وكالته. لما كان ذلك، وكانت الواقعة على الصورة التى اعتنقها الحكم المطعون فيه لم تتضمن أن الطاعن تسلم أموالاً ما بمقتضى عقود الوكالة التى أبرمها مع المدعين بالحقوق المدنية ثم عبث بملكيتها وأن ما وقع منه هو تجاوز لحدود وكالته مما ينهار به الركن المادى لجريمة التبديد وتظل حقيقة العلاقة بين الطاعن والمطعون ضدهم علاقة مدنية بحتة، فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة خيانة الأمانة يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه والحكم ببراءة الطاعن مما أسند إليه. لما كان ذلك.

وكان الأصل فى دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية، وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية. وكان الحق المدعى به ناشئًا مباشرة من ضرر وقع للمدعى من الجريمة فإذا لم يكن الضرر الذى لحق به ناشئًا عنها سقطت تلك الإباحة وسقط معه اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية، ولما كان الحكم بالبراءة بنى على أن الواقعة المرفوع بها الدعوى الجنائية هى منازعة مدنية بحتة تدور حول خروج الوكيل عن الحدود المرسومة للوكالة. وقد ألبست ثوب جريمة التبديد على غير أساس من القانون أو سند من الواقع فإن القضاء بالبراءة لهذا السبب يلزم عنه الحكم بعدم الاختصاص بنظر الدعوى المدنية.

زر الذهاب إلى الأعلى