«النقض» : تناقض أقوال الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم
أكدت محكمة النقض خلال نظرها الطعن رقم 16537 لسنة 89 قضائية، أن تناقض أقوال الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم، ولا يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ـ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـ فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
الوقائـــــــــــــــــــــــــــــع
اتهمـت النيابـة العامـة كـلاً مـن ۱…………………… (طـاعن) فـي قضية الجنايـة رقـم ٢٦٧٧٨ لسـنة ٢٠١٧ مركـز مغاغـة والمقيـدة بالجـدول الكلـي بـــرقم ٢٦٧١ لسنة ۲٠١٧ کلي شمال المنيا .
بأنهم في يوم 15 من أكتوبر سنة 2017 – بدائرة مركز مغاغة – محافظة المنيا.
المتهمون جميعاً :
ــ سرقوا المبلـغ المـالي المبـيـن قـدراً وكـذا الهاتف المحمـول المبـين وصـفـاً بـالأوراق المملـوكين للمجنـي عليـه/ ………….. بطريـق الإكـراه الواقـع عليـه بـأن قـام الأخيـر بتكتيفـه وشـل حركتـه وتواجـد بـاقي المتهمـيـن وحـال حـمـل الثالـث سـلاحين ظـاهرين ( طبنجـة – مطـــواة ) وذلـك للشـد مـن أزر بعضـهم البعض وتمكنـوا بـهـذه الوسيلة مـن شـل مقاومتـه والإستيلاء علـى المنقولات المبينة على النحو الوارد بالأوراق .
ــ احتجـزوا المجنـي عليـه سـالـف الـذكـر بـدون أمـر أحـد الحـكـام المختصيين بـذلك وفـي غيـر الأحـوال الـتـي تـصـرح بـهـا القـوانين وقاموا بتعذيبـه تعـذيبات بدنيـة بـأن قـاموا بتوثيقـه وتقييـد وشـل حركتـه وقـام المـتهم الثالـث بكيـه بإستخدام مطـواة محمـاة مـحـدثاً بذلك إصابته الواردة بالتقرير الطبي المرفق.
ـ هتكـوا عـرض المجنـي عليـه سـالف الـذكر والـذي لـم يبلـغ مـن العمـر ثمـانـي عشـرة سـنـة كـاملـة بـالقوة بـأن استدرجوه إلـى مـسـكن المتهم الرابـع وأمسكوه بـه عنـوة وطرحوه أرضـاً ورفـع عنـه المـتهم الرابـع ملابسـه وأنـزل عنـه سـرواله واستطالت يـده دبـر المجنـي عليـه وقـام المـتهـم الثـاني بتصـويره عاريـاً وذلـك علـى النحـو الـوارد بالأوراق.
ــ أكرهـوا المجنـي عليـه سـالـف الـذكـر بـالقوة علـى الإمضـاء والبصـمة علـى عـدد مـن إيصالات الأمانـة المثبتـة لـدين بمسـكـن المـتـهم الرابـع حـال تهديـدهـم لـه وإشهار المتهم الثالـث لسلاح نـاري طبنجة ومطواة على النحو المبين بالأوراق.
المتهم الثالث:
ــ أحرز بغير ترخيص سلاحاً ناري مششخن طبنجة.
ـ أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض مطواة .
وادعـى المجنـي عليـه مـدنياً قبـل المتهمـين بمبلـغ عشـرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.
وأحــالتهم إلـى محكمة جنايـات المنيـا لمحاكمتهم طبقـاً للقيـد والوصـف الوارد بأمر الإحالة.
والمحكمـة المـذكورة قضـت حضـورياً لـلأول والثـاني وحضـورياً بتوكيـل للخـامس والسادس وغيابيـاً للثالث والرابـع بـتـاريخ ٢٥ مـن أكـتـوبـر سـنة ۲۰۱۸ – عمـلاً بالمواد ٢٦٨، ۲۸۰، 282/2، 314، 316، ٣٢٥ مـن قــــــانون العقوبـــات والمــــــــواد ۱/۱، ٢٥ مكــرر/1، ٢٦/٢ مـن القـانون 394 لسـنة 1954 المعدل بالقـانونين رقمـي ٢٦ لسـنة ۱۹۷۸، 165 لسنة ١٩٨١، والمرســــــــــوم بـقـــــــــانون 6 لسـنة ٢٠١٢ والبنـد (5) مـن الجـدول (۱) والبنـد (أ) مـن القسـم الأول مـن الجـدول (۳) المرفقين بالقـانون الأول والمعـدل أولهمــا بقـــــرار وزير الداخليــة 1756 لسـنة ٢٠٠٧ والمستبدل ثانيهمـا بـقــرار وزير الداخليـة 13354 لســــنة 1995 والمــادة 116 مكــرر مـن القـانون ۱۲ لسـنة ١٩٩٦ المضاف بالقـانون ١٢٦ لسـنـة ۲۰۰۸، مـع إعمـال المــادتين 17، ۳۲/۲ مـن قـانون العقوبــات. بمعاقبـة ……………………………………………………………….. بالسجن لمـدة سـت ســنوات عمـا أسـنـد إلـــيهم وإلـــــزامهم بالمصــــــاريف الجنائيـة وبإحالـة الـدعوى المدنيـة إلـى المحكمـة المدنيـة المختصـة بـلا مصاريف.
فطعن المحكوم عليهما الخامس والسادس في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 2018، كما طعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 3 من يناير سنة 2019، وطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 19 من يناير سنة 2019، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليهما الخامس والسادس بتاريخ 23 من ديسمبر سنة 2018 موقعاً عليها من محام مقبول للمرافعة لدى محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
أولاً: بالنسبة للطعن المرفوع من الطاعنين الأول: ……….. والثاني: ح…………………………..:
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً من محكمة جنايات المنيا في 25 من أكتوبر عام 2018 بيد أن الطاعنين الأول والثاني لم يقررا بالطعن فيه بطريق النقض إلا بتاريخي 3 من يناير عام 2019 بالنسبة للطاعن الثاني وتاريخ 19 من يناير عام 2019 بالنسبة للطاعن الأول ــــــــ بعد الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 كما لم يقدما أسباباً لطعنهما ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن المقدم منهما شكلاً.
ثانياً: بالنسبة للطعن المرفوع من الطاعنين الثالث: ……………………………………
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما وآخرين بجرائم السرقة بالإكراه، وهتك عرض صبي لم يبلغ سنه ثماني عشرة سنة بالقوة والتهديد، والإكراه على التوقيع على سندات والاحتجاز بدون وجه حق، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى والأدلة التي أقام عليها قضاءه، وجاءت أسبابه ترديداً لقيد ووصف الاتهام من النيابة العامة، ولم يبين دور كل منهما والصلة بينهما وبين باقي المتهمين ولم يقم الدليل على قيام الاتفاق بينهم على اقتراف الجريمة.
وعول على مجري التحريات رغم الدفع بعدم جديتها وأنها جاءت ترديداً لأقوال المجني عليه، وعلى أقوال الأخير رغم تناقض أقواله استدلالاً عنها بتحقيقات النيابة العامة، ودانهما الحكم مع خلو الأوراق من دليل يقيني قبلهما، واطرح بما لا يسوغ دفاعهما القائم على عدم معقولية تصوير الواقعة والتأخر في الإبلاغ والتناقض بين الدليلين القولي والفني، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد في حقهما دليلين مستمدين من أقوال شاهدي الإثبات وأورد مؤداهما في بيان واف ـ خلافاً لما يزعمه الطاعن ــ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها وهما دليلان سائغان من شأنهما أن يؤديا إلى ما رتبه الحكم عليهما، وجاء استعراض المحكمة لدليلي الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.
لما كان ذلك، وكان المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعنين بالقصور الذي رميا به الحكم يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صبغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له.
لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين إسهامهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة وتواجدهما على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين وقيامهم جميعاً بالسرقة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها، فإن ما ينعاه الطاعنان في شأن التدليل على مشاركتهما في ارتكاب الجريمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من تعويله على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليه، لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ، فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن ـ بفرض صحته ـ يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها.
وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت، وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به منها، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه، وتطرح ما عداها، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة ولو اختلقت، ما دامت قد أسست الإدانة في حكمها بما لا تناقض فيه، دون الزام عليها بأن تبين العلة في ذلك، فضلاً عن أنه من المقرر أن تناقض أقوال الشاهد في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم، ولا يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته ـ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـ فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول إلى محكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كان الدليلان اللذان أوردهما الحكم من شأنهما أن يؤديا إلى ما رتب عليهما من ثبوت مقارفة الطاعنين للجرائم التي دينا بها، فإن ما يثيره الطاعنان من خلو الأوراق قبلهما من ثمة دليل على ارتكاب الجريمة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة، إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل رداً خاصاً أو صريحاً، طالما أن الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ــ كما هو الحال في هذه الدعوى ـ ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على ذلك الدفع أو أن تكون قد اطرحته بالرد عليه إجمالاً، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
وفوق ذلك فإن المحكمة قد عرضت لما أثير في هذا الشأن واطرحته برد سائغ. لما كان ذلك، وكان تأخر المجني عليه في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ـــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـــ ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع وكل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون هذا فضلاً عن أن الحكم رد على دفاع الطاعنين في هذا الشأن رداً سائغاً فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في إثبات التهم في حق الطاعنين إلى أقوال شاهدي الإثبات ولم يعول في ذلك على ثمة دليل فني ولم يشر إليه في مدوناته، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من تعارض الدليل القولي والفني يكون غير مقبول.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:- أولاً: بعدم قبول الطعن المرفوع من الطاعنيّن الأول والثاني شكلاً.
ثانياً: بقبول الطعن المرفوع من الطاعنيّن الثالث والرابع شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
أميـــــن الســــــــــر رئــيــــس الدائــرة.