«النقض»: تقدير جدية التحريات من المسائل الخاضعة لإشراف محكمة الموضوع

كتب/ عبد العال فتحي

أكدت محكمة النقض خلال نظرها الطعن رقم 16361 لسنة 90 قضائية، أن تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى، ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض.

وكان عدم بيان كيفية إجراء التحريات لا يقدح بذاته في جدية التحريات، ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ، وأن لا يفصح عنها رجل الضبط الذي اختاره لمعاونته في مهنته، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً، هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع الأسس التي يتحدث عنها في وجه الطعن.

الوقائــــع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ١٢١١٦ لسنة ٢٠١٩ أول العاشر والمقيدة بالجدول الكلي برقم 3606 لسنة ۲۰۱۹ جنوب الزقازيق.

بأنه في غضون شهر أكتوبر عام ۲۰۱۹ – بدائرة قسم أول العاشر – محافظة الشرقية.

ــــــــ هتك عرض المجني عليه الطفل/ ……….. بالقوة والتهديد حال كونه طفلاً لم يبلغ ثمانية عشر سنة وذلك بأن قام بإستدراجه إلى مكان خال من المارة حال تواجدهما بنادي الرواد بمدينة العاشر من رمضان وقام بحسر بنطاله عنه والإمساك بعضوه الذكري على النحو المبين بالأوراق.

وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

وادعت والدة المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ٢٨ من سبتمبر سنة ٢٠٢٠ عملاً بالمادة 268/1، 2 من قانون العقوبات والمادة 116 مكرر من القانون رقم ١٢٦ لسنة ٢٠٠٨ بمعاقبة المتهم ………….. بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية وأمرت بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 29 من سبتمبر سنة 2020، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 2020 موقعاً عليها من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.

وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.

المحكمـــة

بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة هتك عرض طفل لم يبلغ من العمر ثماني عشر سنة كاملة بالقوة والتهديد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه خالف ما استقر عليه قضاء النقض من ضوابط لتسبيب الأحكام وفقاً لنص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، واطرح برد قاصر دفعي الطاعن بإنتفاء أركان جريمة هتك العرض بالقوة بركنيها المادي والمعنوي، وعدم تخلف أثر مادي على جسد المجني عليه.

وعدم جدية التحريات ومكتبيتها بدلالة خلوها من بيان كيفية إجرائها وتجهيل مصدرها، وعول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود رغم عدم معقوليتها، وبإنتفاء الدليل المستمد من أقوال كلاً من الطفل المجني عليه ووالدته لصغر سن الأول وعدم استطاعته التمييز وسؤاله دون حلف اليمين القانونية ولكون شهادة الثانية جاءت سماعية، فضلاً عن افتقارهما لدليل آخر يؤيدهما، وعدم وجود شهود رؤية على الواقعة، وأخيراً جاءت الأوراق خلو من ثمة دليل مادي بدينه، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من أدلة أساسية في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى.

ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض، وكان عدم بيان كيفية إجراء التحريات لا يقدح بذاته في جدية التحريات، ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة ، وأن لا يفصح عنها رجل الضبط الذي اختاره لمعاونته في مهنته، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً، هذا فضلاً عن أنه لم يثر أمام محكمة الموضوع الأسس التي يتحدث عنها في وجه الطعن.

لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يشترط لثبوت جريمة هتك العرض والحكم على مرتكبها وجود شهود رؤية أو قيام أدلة معينة بل للمحكمة أن تكون عقيدتها بالإدانة في تلك الجريمة من كل ما تطمئن إليه من ظروف الدعوى وقرائنها، إذ القرائن من طرق الإثبات في المواد الجنائية وللقاضي أن يعتمد عليها وحدها ما دام الرأي الذي يستخلص منها مستساغاً، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له.
لما كان ذلك، وكان تقدير الدليل موكولاً إلى محكمة الموضوع ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه، فلا معقب عليها في ذلك، وكانت الأدلة التي ساقها الحكم المطعون فيه، من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع، ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.

أميـــــن الســــــــــر رئــيــــس الدائــرة

للحصول على تطبيق التشريعات و الاحكام

زر الذهاب إلى الأعلى