«النقض» ترسخ مبدأً قضائياً بسبب تلاعب بعض المحضرين في الإعلانات.. وتؤكد: يجب علي المحكوم له أن يثبت وصول الإعلان إلي المحكوم عليه يقينا
كتب: عبدالعال فتحي
أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكماَ مهماَ بشأن إشكالية رفض المحكوم عليه استلام إعلان الحكم بشخصه هل ينفتح به ميعاد الطعن أم يغلق؟ رسخت فيه لعدة مبادئ قضائية، قالت فيه: لا يترتب أي أثر قانوني ولا ينفتح به ميعاد الطعن علي الحكم استئنافيا، ويجب علي المحكوم له أن يثبت وصول الإعلان إلي المحكوم عليه يقينيا وعلمه به”.
النقض تتصدى لتلاعب بعض المحضرين
وقائع الطعن المقيد برقم 17472 لسنة 82 القضائية – علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام علي الطاعن الدعوي رقم 2062 لسنة 2009 إيجارات الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالأوراق علي سند من أنه وبموجب عقد الإيجار المؤرخ 21 مايو 1984 يستأجر منه الطاعن تلك الشقة لقاء أجرة شهرية مقدارها خمسة وسبعون جنيهاً مضافاً إليها مبلغ سبعة جنيهات مقابل خدمات، وإذ امتنع عن سداد الأجرة عن الفترة من 1 أغسطس 2004 حتي 3 مايو 2007 رغم تكليفه بالوفاء فقد أقام الدعوي.
في تلك الأثناء – قضت المحكمة بالطلبات، ثم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5806 لسنة 128 قضائية استئناف القاهرة “مأمورية الجيزة” وبتاريخ 22 نوفمبر 2012 قضت المحكمة بسقوط الحق في الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن علي هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها..
المحكمة تؤكد: يجب على المحكوم له أن يثبت وصول الإعلان إلى المحكوم عليه يقينا
ووفقا لـ”المحكمة” – إذا لم يجد المحضر من يصح تسلم الورقة إلي أحد ممن أوردتهم المادة العاشرة من ذات القانون أو امتنع من وجده في موطن المعلن إليه من المذكورين فيها عن التوقيع علي الأصل بالاستلام أو عن استلام الصورة تقتصر في هذه الحالة علي مجرد العلم الحكمي وهو وإن كان يكفي لصحة إعلان سائـر الأوراق القضائية إلا أنه لا يكفي لإعلان الحكم المشار إليه، إذ لا تتوافر به الغاية التي استهدفها المشرع من الاستثناء المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 213 مرافعات ومن ثم لا ينتج العلم الحكمي أثــره في بدء ميعاد الطعن في الحكم ما لم يثبت المحكوم له أو صاحب المصلحة في التمسك بتحقق إعلان المحكوم عليه بالحكم أن الأخير قد تسلم الإعلان من جهة الإدارة أو الكتاب المسجل الذي يخبره فيه المحضر أن صورة الإعلان بالحكم سلمت إلي تلك الجهة فعندئذ تتحقق الغاية من الإجراء بعلمه بالحكم الصادر ضده عملاً بالمادة 20 من قانون المرافعات وينتج الإعلان أثره وينفتح به مواعيد الطعن.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد علي سند من أنه أعلن بالحكم الابتدائي مخاطباً مع جهة الإدارة بتاريخ 6 يوليو 2010 لرفض المعلن إليه – الطاعن – شخصياً التوقيع علي الصورة الإعلانية بالحكم بالاستلام ولم يرفع الاستئناف إلا بتاريخ 22 مارس 2011 رغم خلو الأوراق من أية دليل علي استلام الطاعن أو من يمثله لورقة الإعلان بهذا الحكم من جهة الإدارة أو من استلام الكتاب المسجل الذي يخبره فيه المحضر بتسليم تلك الورقة للجهة المشار إليها حتي يمكن القول بتحقق الغاية من الإجراء بعلم الطاعن بالحكم.
حيثيات الحكم
كما أن المحكوم له لم يقم بإثبات هذا العلم رغم إجراء الإعلان مع جهة الإدارة، ومن ثم فإن هذا الإعلان لا ينتج أثره في بدء ميعاد الطعن في الحكم بطريق الاستئناف في حق الطاعن سيما وأن المشرع قد سوي صراحة في الفقرة الأولي من المادة الحادية عشرة سالفة الذكر بين غلق موطن المعلن إليه وبين امتناع من له الحق من المتواجدين فيه بالاستلام، إذ أوجب علي المحضر في كلتا الحالتين ضرورة تسليم الإعلان لجهة الإدارة مصحوباً بإخطار المعلن إليه في موطنه بكتاب مسجل مرفقاً به الصورة الإعلانية بحسبان أن كل من الطريقين صنوان للعلم الحكمي الذي لا يكفي لإعلان الحكم المشار إليه طالما لم تتحقق الغاية من الإعلان وهي العلم بالحكم علماً يقينياً أو ظنياً علي النحو المشار إليه.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهي إلي القضاء بسقوط حق الطاعن في الاستئناف معتداً في احتساب بدء ميعاد الاستئناف بهذا العلم الحكمي بمجرده، فإن الحكم يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن التصدي للفصل في الموضوع بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.