«النقض» ترسخ مبدأ هاماً للفصل في صحة المستند أو تزويره.. والحيثيات: يجب أن يسبق الفصل في الادعاء بالتزوير الحكم في موضوع الدعوى
كتب: عبدالعال فتحي
أصدرت الدائرة المدنية – دائرة الخميس «ب»، بمحكمة النقض، حكماَ في الطعن المقيد برقم 5376 لسنة 74 القضائية – الصادر لصالح المحامي بالنقض عماد الوزير، ذكر أنه في يوم 6 يوليو 2004 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 19 مايو 2004 في الاستئناف رقم 3268 لسنة 7 القضائية، وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاَ وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه، وفى نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة، ثم أودعت النيابة مذكرتها وأبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وقالت فيه:« لا يصح للمحكمة أن تفصل في صحة المستند أو تزويره وتفصل في الموضوع معا، بل يجب أن يكون القضاء في الادعاء بالتزوير سابقا على الحكم في موضوع الدعوى».
وقائع الطعن
وقائع الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 7332 سنة 2002 مدنى محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 29 مارس 2001 مع إلزامها برد الثمن لها والفوائد وبمبلغ 100 ألف جنية قيمة الشرط الجزائي كتعويض عما لحقه من ضرر وفاته من كسب، وقال في بيان ذلك أنه بموجب ذلك العقد باعته الطاعنة الشقة المبينة بالصحيفة على أن يتسلمها في موعد غايته أول مايو 2001 إلا أنها تقاعست عن ذلك رغم إنذارها بتاريخ 4 فبراير 2004 بفسخ العقد ورد الثمن.
الطعن بالتزوير على العقد
وإذ أصابته جراء ذلك أضرار تمثلت في عدم انتفاعه بالشقة المبيعة وعدم استثمار الثمن المدفوع – فقد أقام الدعوى – وجهت الطاعنة دعوى فرعية للمطعون ضده بطلب الحكم برد وبطلان عقد البيع سند الدعوى لاصطناعه الصفحات الثلاث الأولى وإرفاقها بالصفحة الرابعة الممهورة بتوقيعها، وبتاريخ 26 مارس 2003، حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى الفرعية وفى الدعوى الأصلية بفسخ عقد البيع وبرد الثمن وفوائده بواقع 4% من تاريخ المطالبة و30000 جنية قيمة الشرط الجزائي الوارد بالعقد كتعويض، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 3368 لسنة 7 ق القاهرة، وطعنت بالتزوير على ذلك العقد وبتاريخ 19 مايو 2004 قضت المحكمة بعدم قبول الادعاء بالتزوير، وبتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة.
ومما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيق القانون، وفى بيان ذلك تقول أنها طعن بالتزوير على عقد البيع سند الدعوى تأسيساَ على أن الصفحات الثلاثة الأولى منه اصطنعت بالتزوير وتم إضافتها إلى الصفحة الرابعة الممهورة بتوقيعها – وهو طعن منتج – إلا أن المحكمة المطعون في حكمها لم تحقق طعنها بالتزوير، وقضت بعدم قبوله استناداَ إلى أن بنود العقد متصلة اتصالا وثيقاَ وتكون في مجموعها محرراَ واحداَ يتحدث عن موضوع واحد، فيكون بما اشتملت عليه حجة عليها، بما مؤداه أنها فصلت في صحة ذلك العقد، ورغم ذلك انتهت في ذات الحكم إلى رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وهو ما يعد قضاء في الادعاء بالتزوير والموضوع معاَ بالمخالفة لنص المادة 44 من قانون الإثبات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
نص المادة 44 من قانون الإثبات
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي سديد ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 44 من قانون الإثبات على أنه: «إذ قضت المحكمة بصحة المحرر أو برده أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحته أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة»، يدل على أنه لا يجوز الحكم بصحة الورقة أو تزويرها وفى الموضوع معاَ، بل يجب أن يكون القضاء في الادعاء بالتزوير سابقاَ على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصم أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة أخرى تؤيد دفاعه في موضوع الدعوى، لا فرق في ذلك بين أن يكون إنكار المحرر أو الادعاء بتزويره حاصلاَ أمام محكمة أول درجة، أو محكمة ثان درجة، ولا يكون القضاء في أيهما صادراَ بصحته أو برده وبطلانه وسواء كان الحكم من محكمة ثان درجة بالتأييد أو الإلغاء، لاتحاد الحكمة التشريعية في جميع الأحوال السابقة وهو ألا يحرم الخصم الذى تمسك بالورقة وحكم بتزويرها أو ادعى التزوير وأخفق في ادعائه من تقديم ما يكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراد إثباته بالمحرر الذى ثبت تزويره أو سقط حقه في إثبات صحته أو التخلص من الالتزام الذى يثبته هذا المحرر وفشل في الطعن عليه، إذ المحرر المحكوم بصحته أو بطلانه لا يعدو أن يكون دليلاَ في الدعوى وقد تتعدد الأدلة على إثبات الالتزام أو نفيه.
النقض: لا يصح للمحكمة أن تفصل في صحة المستند أو تزويره وتفصل في الموضوع معا
لما كان ذلك – وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الادعاء بالتزوير على ما أورده في مدوناته من أن الثابت أن عقد البيع مثار النزاع هو عقد صحيح مكون من أربعة صفحات تتضمن 12 بنداَ والصفحة الأخيرة منه مزيلة بتوقيع الطاعنة – كبائعة – دون باقيها وأن بنوده تبدأ بتسلسل كل منهما بعد الأخر في اتصال وثيق بلا تنافر بينها وتكون مجموعها محرراَ واحداَ يتحدث عن موضوع واحد هو بيعها الوحدة السكنية محل التداعي للمطعون ضده كمشتري، مما مفاده أن المحكمة قد عرضت لشواهد التزوير التي ساقتها الطاعنة وانتهت من فحصها إلى عدم ثبوت الادعاء بالتزوير وصحة المحرر، مما كان يستلزم عليها إعادة الدعوى إلى المرافعة لنظر موضوعها إعمالاَ لنص المادة 44 من قانون الإثبات وحتى لا تحرم الطاعنة من أبداء ما يعن لها من أوجه دفاع أخرى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى القضاء موضوع الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف بحكم واحد فإنه يكون قد خالف القانون واخطأ في تطبيقه – بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.