«النقض»: القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم (١٠٨٩٦) لسنة ٨٨ قضائية – الدوائر الجنائية – جلسة 6 فبراير 2021، أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخّاه منها، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له.
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونًا،
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانونًا.
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم هتك عرض طفلة بالقوة والتهديد والضرب البسيط وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ مهني أو حرفي قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع، والخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك أن أسبابه جاءت في صيغة عامة معماة لم يبين فيها وقائع الدعوى بياناً كافياً ، ولم يورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في قضائه، ولم يستظهر الركن المعنوي للجريمة التي دانها به، والتفتت المحكمة عن طلب الدفاع بعرضه على طبيب نفسى لبيان مدى قواه العقلية وإدراكه لفعله الذى اقترفه وأقر به بتحقيقات النيابة العامة ، وأخيرًا أخطأ الحكم في تطبيق القانون ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه بتاريخ ٤/١٠/٢٠١٧وحال مرورالمتهم ……. – راعي أغنام – بحقله أبصر المجني عليها…… والتي تبلغ من العمر أربعة عشر عامًا وهى ترعى ماشيتها، حدثته نفسه وشيطانه مواقعتها مستغلًا وحدتها وحداثة عمرها فتوجه نحوها طالبًا منها بعض ثمرات فاكهة الجوافة كانت بحوزتها فأعطته إياها، فلم يجزها شكرًا، بل طوق عنقها بحبل وطرحها أرضاً وكم فاها بيده لمنع استغاثتها شارعاً في مواقعها حاسرًا عنها ملابسها، محاولًا خلع بنطالها عنها وممسكًا بمواطن عفتها بيد أنها لم تستسلم له وقاومته فاعتدى عليها ضرباً بقسوة فاستصرخت جيرانها حتى أنقذوها وتحفظوا عليه إلى أن حضرت قوات الشرطة على النحو المار بيانه.
وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلةً استقاها من أقوال مجرى التحريات وما قررته المجني عليها استدلالاً بتحقيقات النيابة العامة ومن اعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت بالتقرير الطبي الموقع على المجني عليها وشهادة ميلادها، حصل الحكم مضمونها ومؤداها على نحو كاف وواف، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا أو نمطًا معينًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون، ومن ثم يضحى منع الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة هتك العرض يتحقق بانصراف إرادة الجاني إلى الفعل ولا عبرة بما يكون قد دفع الجاني إلى فعلته أو بالغرض الذي توخّاه منها، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الطلب الجازم هو الذي يصر مقدمه عليه حتى يقرع سمع المحكمة ولا يتنازل عنه صراحةً أو ضمنًا حتى قفل باب المرافعة، كما أنه من واجب محكمة الموضوع أن تتحرى كافة العناصر التي تقوم بها المسئولية الجنائية أو تسقط بعدم توافرها ومن حق الدفاع إذا رأى سببًا لانعدام مسئولية المتهم أن يبديه للمحكمة لتفصل فيه، ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة خلوه من دفع الطاعن بعدم سلامة قواه العقلية أو تمسكه بعرضه على طبيب نفسي على نحو ما ذهب إليه بأسباب طعنه، ومن ثم فلا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض؛ لكونه يحتاج إلى تحقيقٍ موضوعي تنأى عنه وظيفة محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحًا محددًا مبينًا يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي إيرادًا له ورداً عليه، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه الخطأ في تطبيق القانون، بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً، ومن ثم يكون منعاه في هذا الوجه غير مقبول. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعًا.
فلهــــــــــذه الأسبـــــــاب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلًا وفي الموضوع برفضه.