«النقض»: التكييف الصحيح للدعوى أمر يتعين على القاضي أن يقوم به من تلقاء نفسه
أكدت محكمة النقض في حكمها ب الطعن رقم 979 لسنة 73 القضائية، أن تكييف الدعوى تكييفها الصحيح أمر يتعين على القاضي أن يقوم به من تلقاء نفسه، ولو لم يطلب إليه أي من الخصوم ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة , وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها بعد أن رفض أمر الأداء المقدم منها أقامت الدعوى رقم ……. لسنة ……. تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدى لها مبلغ 17336500 ليرة إيطالية، أو ما يعادلها بالجنيه المصري ومقداره 36 ألف جنيه، وقالت بيانًا لذلك إن الطاعنة قامت بشراء كميات من الرخام منها حررت بشأنها فاتورتين، وأنها سددت جزءًا من الثمن وامتنعت عن سداد الباقي الذي قدرته بالمبلغ المطالب به مما دعاها إلى إقامة الدعوى الماثلة بطلبها سالف البيان، وبتاريخ 24 من ديسمبر سنة 2002 أجابت المحكمة طلب المطعون ضدها.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ……. لسنة ……. ق القاهرة، وبتاريخ 24 من أغسطس 2003 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب إذ أقام قضاءه على سند أن الثابت في المستندات والفواتير المقدمة من المطعون ضدها انشغال ذمة الطاعنة بالمبلغ المطالب به، وأن ما تمسكت به من دفاع لا ينال من حجية هذه المستندات في ثبوت أحقية المطعون ضدها له في حين أن هذه الفواتير وإن كانت تحمل اسم الطاعنة وصادرة منها إلا أن الأوراق خلت مما يدل على استلامها للبضائع المبيعة بما لا تصلح معه سندًا للمطالبة، وهو ما يعيبه الحكم المطعون فيه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن على المحكمة أن تتقصى من تلقاء ذاتها الحكم القانوني المنطبق على العلاقة بين الطرفين، وأن تنزله على الواقعة المطروحة عليها، وأن تكييفها بكيفها الصحيح أمر يتعين على القاضي أن يقوم به من تلقاء نفسه، ولو لم يطلب إليه أي من الخصوم ذلك، وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 88 من قانون التجارة 17 لسنة 1999 على أن” 2 – تسرى على البيوع التجارية الدولية أحكام الاتفاقيات الدولية بشأن هذه البيوع والنافذة في مصر ……. ” وفى المادة الأولى من اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع والموقعة في فيينا.
والصادر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 471 لسنة 1982، والمنشور بالجريدة الرسمية في 30 من يناير سنة 1997 على أن ” 1 – تطبق أحكام هذه الاتفاقية على عقود بيع البضائع المعقودة بين أطراف توجد أماكن عملهم في دول مختلفة: ( أ ) عندما تكون هذه الدول دولاً متعاقدة أو (ب) ……. ” وفى المادة الرابعة منها على أن ” يقتصر تطبيق هذه الاتفاقية على تكوين عقد البيع والحقوق والالتزامات التي ينشئها هذا العقد لكل من البائع والمشترى ……. ” وفى المادة السابعة منها على أن ” 1 – يراعى في تفسير هذه الاتفاقية صفتها الدولية وضرورة تحقيق التوحيد في تطبيقها، كما يراعى ضمان احترام حسن النية في التجارة الدولية ……. ” وفى المادة الثامنة منها على أنه .
1 – في حكم هذه الاتفاقية تفسر البيانات، والتصرفات الصادرة من أحد الطرفين وفقًا لما قصده هذا الطرف متى كان الطرف الآخر يعلم بهذا القصد أو لا يمكن أن يجهله 2 – …… ” وفى المادة الحادية عشرة على أنه ” لا يشترط أن يتم انعقاد عقد البيع أو إثباته كتابة ولا يخضع لأي شروط شكلية، ويجوز إثباته بأي وسيلة بما في ذلك الإثبات بالبينة ” وفى المادة الثالثة عشرة على أن ” يشمل مصطلح ” كتابة ” في حكم هذه الاتفاقية الرسائل البرقية والتلكس ” مفاده أنه متى وقع بيع للبضائع بين مشترٍ في إحدى الدول المصدقة على الاتفاقية وبائع في دولة أخرى مصدقة عليها تعين تطبيق أحكامها على تكوين عقد البيع والحقوق والالتزامات التي تنشأ عنه – دون الاعتداد بما تقضى به قاعدة تنازع الاختصاص في قانون دولة القاضي.
وذلك وفقًا لقواعد حسن النية وما قصده أحد طرفي هذا العقد متى كان يعلمه الطرف الآخر أو لا يمكن أن يجهله والتي يجوز إثبات ذلك كله بأية وسيلة من وسائل الإثبات بما في ذلك البينة ومنها الرسائل – البرقية أو التلكس – التي لا تحمل توقيعًا وغيرها من وسائل الكتابة التي قد يشترطها قانون أحد طرفي التعاقد. بما مؤداه أنه متى قدم أحد طرفي عقد البيع الدولي للبضائع دليلاً من تلك الأدلة يحاج به الطرف الآخر، ويُدَلُّ منه على انشغال ذمته بقيمة ما باعه له تعين على المحكمة أن تعتد به، وأن تنقل على الآخر عبء إثبات الوفاء به.
لما كان ذلك، وكان الواقع حسبما حصله الحكم المطعون فيه، وسائر الأوراق أن الشركة المطعون ضدها مقرها بدولة ……. – إحدى الدول المصدقة على الاتفاقية – قد باعت (رسالة الرخام) إلى الشركة الطاعنة والتي يقع مقرها في جمهورية مصر العربية – المصدقة عليها أيضًا – قد ساندت مطالبتها بما تبقى لها من مبالغ لدى الأخيرة بأصل الفاكس المرسل منها لسرعة السداد، وكذا أصل فاتورتين مبين بهما الكميات والثمن وما تبقى منه.
وكان الحكم المطعون فيه قد قضى في الاستئناف دون أن يبين القانون الواجب التطبيق بعد تكييفه للدعوى وفقًا لما سبق بيانه أو أن يعرض لقواعد الإثبات الواردة بالاتفاقية سالفة الذكر الواجب تطبيقها على الواقع فيها تمهيدًا لإعمالها ومدى أثر ذلك على نقل عبء الإثبات فإنه يكون معيبًا بما يوجب نقضه.