«النقض»: التأمين الاجتماعي التزام قانوني على صاحب العمل
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 8599 لسنة 82 بتاريخ 8 مارس 2023، أن الاشتراك في التأمين الاجتماعي ليس اختياريًا للعامل ولصاحب العمل، بل هو التزام قانوني اقتضته فكرة التأمين الاجتماعي ذاتها، على عد أن المخاطر التي يتعرض لها المستفيدون من هذا التأمين لم تعد مخاطر خاصة فقط؛ وإنما أصبحت بالإضافة إلى ذلك مخاطر اجتماعية أيضًا.
وأضافت أن مؤدى نص المادتين 18/3 ، 150 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 أن المعاش وفقًا لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة يُستحق إذا انتهت خدمة المؤمن عليه بالوفاة متى كانت مدة اشتراكه في التأمين الاجتماعي لا تقل عن ثلاثة أشهر متصلة أو ستة أشهر متقطعة، وأن حق العامل في المعاش لدى الهيئة منشؤه القانون، لأن القانون وحده هو الذي ينظم المستحقين في المعاش وأن الهيئة مجبرة على الوفاء بالتزاماتها المقررة في القانون بالنسبة لمن تسري عليه أحكامه ولو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنهم لدى الهيئة وأن التأمين عنهم في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إلزامي بالنسبة لجميع أصحاب الأعمال والعاملين لديهم وأن أحكام القانون المذكور متعلقة بالنظام العام بما لا يسوغ معه القول بإمكان تحلل الهيئة أو أصحاب الأعمال أو العمال الخاضعين لأحكام القانون من التزامات فرضها القانون عليهم.الوقائع
في يوم 16/5 / 2012 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق الصادر بتاريخ 20 /3 /2012 في الاستئناف رقم 1558 لسنة 52 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم ذاته أودع الطاعن مذكرة شارحة.
وفي9/ 6 /2012 أُعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها، وطلبت فيها قبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقضه.
وبجلسة 28/ 12 / 2022 عُرِضَ الطعن على المحكمة ـــــــ في غرفة مشورة ـــــــ فرأت أنه جدير بالنظر؛ فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 8/ 3 /2023 سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة ـــــ حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها ـــــــ والمحكمة أصدرت الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تـلاه الســيد القاضي المقرر/ محمد إبراهيم الشرقاوي، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الواقعات – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وجميع الأوراق – تتحصل فى أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1095 لسنة 2006 الزقازيق الابتدائية علي الطاعنة – وآخرين غير مختصمين في الطعن – بطلب الحكم بإلزام الطاعنة – بعد ندب خبير في الدعوي – بأن تؤدي إليها مستحقات مورثها التأمينية ابتداءً من تاريخ وفاته في 4/11/1993، وقالت بيانًا لها إنه قد صدر حكمٌ في الدعوى رقم 196 لسنة 1995 عمال الزقازيق الابتدائية والمعدل بالاستئناف رقم 70 لسنة 42 ق استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بثبوت علاقة العمل بين مورثها (محمد السيد بدوي) والمدعو/ محمد إبراهيم نصر بمهنة حداد مسلح عن المدة من 1/10/1992 وحتى تاريخ وفاته في 4/11/1993 بأجر حكمي مقداره ثلاثة جنيهات يوميًا، وإذ رفضت الطاعنة صرف الحقوق المترتبة على هذا الحكم ولم تجبها لجنة فحص المنازعات إلى طلبها، فأقامت الدعوي.
ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 28/1/2009 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ 35122,671 جنيهًا في حدود نصيبها الشرعي، ومعاشًا شهريًا ابتداءً من 1/11/2008 مقداره 381,466 جنيهًا. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بالاستئناف رقم 1558 لسنة 52 ق وبتاريخ 20/3/2012 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وألزمت الطاعنة بالمصاريف ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأعفتها من الرسوم القضائية. طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا، وإذ عرض الطعن على المحكمة – في غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الثاني والوجه الأول من السبب الأول والشقين الأول والثاني من الوجه الثاني من السبب الأول علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التطبيق، وفي بيان ذلك تقول:- إن المادتين 18 و 150 من القانون 79 لسنة 1975 اشترطا لاستحقاق المعاش أن يكون المؤمن عليه له مدة اشتراك لدى الهيئة لا تقل عن ثلاثة أشهر وأن يسدد صاحب العمل الاشتراكات عنها، كما وأنه في حالة عدم تثبتها من الأجر المطلوب حساب المستحقات التأمينية علي أساسه يتم حساب هذه المستحقات علي أساس الأجر غير المتنازع عليه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أحقية المطعون ضدها للمعاش المستحق عن مورثها بالرغم من عدم توفر الشروط اللازمة لاستحقاقه إعمالًا للمادتين 18 و150 المشار إليهما وعلى الرغم من منازعتها في الأجر الذي كان يتقاضاه، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الاشتراك في التأمين الاجتماعي ليس اختياريًا للعامل ولصاحب العمل، بل هو التزام قانوني اقتضته فكرة التأمين الاجتماعي ذاتها، على عد أن المخاطر التي يتعرض لها المستفيدون من هذا التأمين لم تعد مخاطر خاصة فقط؛ وإنما أصبحت بالإضافة إلى ذلك مخاطر اجتماعية أيضًا، وكان مؤدى نص المادتين 18/3 ، 150 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 أن المعاش وفقًا لتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة يُستحق إذا انتهت خدمة المؤمن عليه بالوفاة متى كانت مدة اشتراكه في التأمين الاجتماعي لا تقل عن ثلاثة أشهر متصلة أو ستة أشهر متقطعة.
وأن حق العامل في المعاش لدى الهيئة منشؤه القانون، لأن القانون وحده هو الذي ينظم المستحقين في المعاش وأن الهيئة مجبرة على الوفاء بالتزاماتها المقررة في القانون بالنسبة لمن تسري عليه أحكامه ولو لم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنهم لدى الهيئة وأن التأمين عنهم في الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية إلزامي بالنسبة لجميع أصحاب الأعمال والعاملين لديهم وأن أحكام القانون المذكور متعلقة بالنظام العام بما لا يسوغ معه القول بإمكان تحلل الهيئة أو أصحاب الأعمال أو العمال الخاضعين لأحكام القانون من التزامات فرضها القانون عليهم.
لما كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم الابتدائي بمدوناته أن المطعون ضدها صدر لصالحها حكم نهائي في الدعوى رقم 196 لسنة 1995 عمال الزقازيق الابتدائية والمعدل بالاستئناف رقم 70 لسنة 42 ق استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بثبوت علاقة العمل بين مورثها (محمد السيد بدوي) والمدعو/ محمد إبراهيم نصر بمهنة حداد مسلح عن المدة من 1/10/1992 وحتى تاريخ وفاته في 4/11/1993 مقابل أجر حكمي مقداره ثلاثة جنيهات يوميًا، ومن ثم فإن المستحقين عنه – ومنهم المطعون ضدها – يكون قد توفر في حقهم شروط استحقاق معاش تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، فإن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي إذ قضى بأحقية المطعون ضدها في المعاش المستحق عن هذا المورث بعد أن أجرى الخبير احتسابه على هذا الأجر، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويضحى ما تثيره الطاعنة بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الثالث من الوجه الثاني من السبب الأول علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول:- إن المادة 150 من القانون 79 لسنة 1975 والمعدل بالقانون 91 لسنة 2001 نصت في فقرتها الأخيرة على إلزام صاحب العمل بأداءالقيمة الرأسمالية للمعاش وكذلك المستحقات التأمينية الأخرى المترتبة على ثبوت علاقة العمل وهو نص آمر وفي حالة تطبيق المادة 150 المشار إليها فيجب تطبيق النص كاملًا وليس جزء منه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أنه لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تتقيد وتلتزم بنطاق الدعوى وحدود الطلبات بها فلا تقضى فيها بما لم يطلبه الخصوم. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن الطاعنة لم يسبق لها طلب الحكم بإلزام صاحب العمل بالقيمة الرأسمالية للمعاش، فإن النعي عليه بهذا الوجه غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول:- إن الحكم ألزمها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بالرغم من أنها معفاة منها طبقًا للمادة 137 من قانون إنشائها رقم 79 لسنة 1975 بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه من المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن النص على الإعفاء من الرسوم القضائية يقتصر نطاقه على ما هو مستحق فقط للدولة أما ما ينفقه الخصم الذي كسب الدعوى من رسوم أو مصاريف فإن خاسر الدعوى يلتزم بها عملًا بالمادة 184 من قانون المرافعات ما لم ينص القانون صراحة على أن الإعفاء من الرسوم يشمل المصاريف المنصوص عليها في المادة المُشار إليها. لما كان ذلك، وكانت الهيئة الطاعنة قد خسرت الاستئناف أمام محكمة ثانِ درجة وخلا قانون إنشائها من النص على إعفائها من مصاريف الدعوى المستحقة وفقًا للمادة 184 من قانون المرافعات فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة – دون الرسوم القضائية – المُعفاة منها سلفًا، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويضحى النعي عليه بصدد ذلك على غير أساس.
وحيث إنه لما كان من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة ( 253 ) من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وأن أحكام قانون التأمينات الاجتماعية تتعلق بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان النص فى المادة ( 104 ) من قانون التامين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 على أن إذا توفى المؤمن عليه أو صاحب المعاش كان للمستحقين عنه الحق فى تقاضى معاش … من أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة.
مفاده أن للمستحقين عن المؤمن عليه أو صاحب المعاش الحق في معاش في حالة وفاته ابتداء من أول الشهر الذي حدثت فيه الوفاة وطبقًا لنصيب كل منهم المحدد بالجدول رقم (3) المرافق لهذا القانون. أما متجمد المعاش وباقي المستحقات التأمينية التي استحقت للمورث قبل وفاته فيتم توزيعها على ورثته طبقًا للفريضة الشرعية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضدها بكامل المعاش عن مورثها ابتداءً من 1/11/2008 من دون أن يحدد نصيبها منه طبقًا للجدول رقم (3) المرافق لقانون التأمين الاجتماعي المذكور سالفًا، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع في خصوص ما تم نقضه من الحكم صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في الاستئناف رقم 1558 لسنة 52 ق استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بتعديل الحكم المستأنف، وإلزام الهيئة الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضدها المعاش المستحق عن مورثها طبقًا لنصيبها المحدد بالجدول رقم ( 3 ) المرافق لقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.
لذلـــــك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا في خصوص ما قضى به من إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها كامل المعاش المستحق عن مورثها وبرفضه فيما عدا ذلك، وحكمت في الاستئناف رقم 1558 لسنة 52 ق استئناف المنصورة مأمورية الزقازيق بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الهيئة الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضدها المعاش المستحق عن مورثها طبقًا لنصيبها المحدد بالجدول رقم ( 3 ) المرافق لقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وألزمت المطعون ضدها بالمناسب من مصروفات الطعن ودرجتي التقاضي ومبلغ ثلاثمائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وأعفتها من الرسوم القضائية.
أمين السر نائب رئيس المحكمة