“النقض”: إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يبطله إذا كان جوهرياً ومؤثراً في نتيجة المحكمة

كتب: علي عبدالجواد

رسخت محكمة النقض، قاعدة مهمة، وهي أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة.

وقالت المحكمة في الطعن رقم ١١٠٣٤ لسنة ٨٧ قضائية، الدوائر المدنية – جلسة ٢٠١٩/٠١/٢٨، يعتبر هذا الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية ، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى، فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدی جديته حتى إذا رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها ، فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً .

وترتب على ذلك الحكم التالي:

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر / أحمد عبد الله ” نائب رئيس المحكمة ” ، والمرافعة وبعد المداولة :
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم …… لسنة ٢٠١٦ مدني شبين الكوم الابتدائية – بعد رفض أمر الأداء – على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأداء مبلغ تسعمائة وخمسين ألف جنيه ، على سند من أنه تسلم هذا المبلغ منه بموجب إيصال أمانة غير أنه امتنع عن السداد . ومن ثم كانت الدعوى . حكمت المحكمة بالطلبات . استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم …… لسنة ٤٩ ق طنطا ” مأمورية شبين الكوم ” ، وبتاريخ …. / ٤ / ٢٠١٧ قضت المحكمة بالتأييد . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، إذ تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه أن إيصال الأمانة سند المديونية وقِّع منه على بياض ضماناً لتسوية نزاع على الميراث وأن المطعون ضده تحصل عليه من المودع لديه بطريق الغش وحرر بياناته واستدل على ذلك بالمحضر رقم …… لسنة ٢٠١٥ إداري مركز منوف وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ذلك ، إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه التفت عن هذا الطلب وقضى بإلزامه بالمبلغ المطالب به استناداً إلى صحة توقيعه على الإيصال وعدم الوفاء بقيمة الدين الثابت به ، وهو ما لا يصلح رداً على دفاعه ، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله ، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة ، إذ يعتبر هذا الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية ، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاعٌ كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى ، فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدی جديته حتى إذا رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها ، فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً . وأن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة الإثبات الجائزة قانوناً هو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته إليه متى كانت هذه الوسيلة منتجة في النزاع ولم يكن في أوراق الدعوى ما يكفي لتكون عقيدتها . وأنه ولئن كان التوقيع على بياض هو توقيع صحيح من شأنه أن يكسب البيانات التي ستكتب بعد ذلك فوق هذا التوقيع حجية الورقة العرفية وهذه الحجية مستمدة من التوقيع لا من الكتابة إلا أن شرط ذلك أن يكون الموقع قد قصد أن يرتبط بالبيانات التي سترد في الورقة ، وأن يسلمها اختياراً ، فإذا كان من استولی على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأي طريقة أخرى خلاف التسليم الاختياري فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات .
لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها على ما هو ثابت من الأوراق أن إيصال الأمانة سند المديونية وُقِّع منه على بياض ضماناً لتسوية نزاع على الميراث ثار بينهما وآخر وأن المطعون ضده تحصل عليه من المودع لديه غشاً وحرر بياناته وأنه لم يتسلم المبلغ المدون بالإيصال من المطعون ضده ، وطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات دفاعه غير أن الحكم المطعون فيه ألزمه بالمبلغ المطالب به والتفت عن بحث وتمحيص دفاعه المشار إليه والقائم في جوهره على انتفاء التسليم الاختياري لسند الدين وعدم تسلمه المبلغ محل المطالبة ، وهو دفاع جوهري من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه .
” لذلك ”
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا ” مأمورية شبين الكوم ” وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر
نائب رئيس المحكمة

زر الذهاب إلى الأعلى