«النقض»: أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط
كتب/ عبدالعال فتحي
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 932 لسنة 86 بتاريخ 20/06/2022، أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها.
الحكم
جلسة ٢٠ من يونية سنة ٢٠٢٢
برئاسة السيـد القاضي / محمد فوزي خفاجي نــائـــب رئـيـــس الـمـحـكـمـة
وعضوية السادة القضــاة / محمد محسن غبارة ، على مرغنى الصادق ،
أمين طنطاوى محمد ومحمد حسن بدر نواب رئيس المحكمة .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاما على المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم ٥١ لسنة ٢٠١٣ مدني محكمة المنيا الابتدائية مأمورية ملوى بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا لهما التعويض المناسب الجابر للضررين المادى والأدبى فضلا عما يستحق لهما من تعويض موروث ، وقالا بياناً لذلك إنه بتاريخ ٢٣ / ١٠ / ٢٠١٢ وأثناء اليوم الدراسى سقطت نجلتها من الطابق الثالث بالمدرسة وحدثت أصابتها التى أودت بحياتها وكان ذلك بسبب إهمال العاملين بالمدرسة وانعدام الرقابة بها وتحرر عن الحادث المحضر رقم ٥٩٥٧ لسنة ٢٠١٢ إدارى مركز ملوى وإذ لحقهما أضرر من جراء الحادث فأقا الدعوى.
أقام المطعون ضده الأول بصفته دعوى ضمان فرعية على مدير المدرسة والمشرفة – الغير مختصمة فى الطعن – بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا له ما عسى أن يقضى به عليه فى الدعوى الأصلية ، أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد سماع الشهود حكمت فى الدعوى الأصلية بإلزام المطعون ضده الأول بصفته بأن يؤدى للطاعنين التعويض الذى قدرته وفى الدعوى الفرعية بالطلبات بحكم استأنفه المطعون ضده الأول بصفته أمام محكمة استئناف بنى سويف مأمورية المنيا بالاستئناف رقم ١٢٢٢ لسنة ٥١ ق.
كما استأنفه المدعى عليه الأول فرعياً بالاستئناف رقم ١٣١٥ لسنة ٥١ ق أمام ذات المحكمة ضمت المحكمة الاستئنافين بتاريخ ٢٥ / ١١ / ٢٠١٥ قضت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعويين الأصلية والفرعية ، طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة وأبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرض الطعــــــن على المحكمـــة – في غرفة مشورة – وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن من المقرر- فى قضاء هذه المحكمة – أنه لا يكفى فيمن يختصم فى الطعن بالنقض أن يكون خصماً فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ، بل ينبغى أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة فى تمثيله وكان المطعون ضده الأول بصفته وزير التربية والتعليم هو الذى يمثل الدولة فى الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة وباعتباره المتولى الإشراف على شئونها والذى يقوم على تنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها بما يجعله خصماً حقيقياً فى الدعوى يصح اختصامه فى هذا الطعن ، أما عن المطعون ضدهما الثانى والثالث بصفاتهما فهما من تابعى المطعون ضده الأول بصفته ولا يمثلان الوزارة أمام القضاء ، فإن اختصامهما فى الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن – فيما عدا ما تقدم – استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن قد أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بهم الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال إذ قضى برفض الدعوى استناداً إلى أن الخطأ ثابت فى حق مورثتهما التى اعتلت سور سلم المدرسة محل الحادث فاختل توازنها مما أدى إلى سقوطها أرضاً فحدثت وفاتها فى حين أن تابعى المطعون ضدهم بصفاتهم هم المسئولين عن ذلك الخطأ المتمثل عدم القيام بواجبهم فى الرقابة والإشراف تجاه نجلتهما التى كانت فى السابعة من عمرها دون سن التمييز بأن قاموا بإلحاقها- وهى دون سن التميز – فى أحد الفصول الدراسية بالطابق الثالث من المدرسة السماح لها بالذهاب للمرحاض دون وجود أحد من المشرفين أو العمال لمتابعتها حتى عودتها وعدم توفير إدارة المدرسة لوسائل الأمن والسلامة وتعلية أسوار السلم للمدرسة للحيلولة دون سقوط التلاميذ الصغار من خلالها مما يؤكد أن السبب المنتج والفعال فى الحادث لم يكن إلا بسبب خطأ تابعيهم وهو الأمر الثابت بتحقيقات النيابة الإدارية وشهادة الشهود فيها التى انتهت إلى لفت نظر المشرفة المختصة ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى فى محله ، ذلك أن من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وإن كان يدخل فى السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أن ذلك شروط بأن يكون استخلاصها سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدى إليه من وقائع الدعوى – وأن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بإنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التى يخضع فيها قضاء الموضوع لرقابة محكمة النقض التى تمتد إلى تقدير الوقائع فيما يستلزمه التحقق من صحة استخلاص الخطأ من تلك الوقائع والظروف التى كان لها أثر فى تقدير الخطأ واستخلاصه.
وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها ، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التى تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر كما فى حالة عدم اللزوم المنطقى للنتيجة التى انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التى ثبتت لديها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه وعلى ما أورده بأسبابه من أن خطأ مورثة الطاعنين هو السبب المنتج والفعال فى الحادث ومن ثم استغرق خطأ المطعون ضدهم بصفاتهم بما ترتب عليه انتفاء خطأهم الموجب للمسئولية ولما كان لمحكمة النقض أن تراقب محكمة الموضوع فى تكييفها الأفعال الصادرة من المدعى عليه بأنها خطأ أو غير خطأ.
وإذ كانت رعاية التلاميذ صغار السن طوال اليوم الدراسى هى من صميم عمل مدير المدرسة والعاملين بها لضمان سلامتهم والمحافظة عليهم لدرء الخطر ودفع أى أذى عنهم ، وكان سالفى الذكر وهم تابعى المطعون ضدهم بصفاتهم قد خالفوا ذلك بأن قاموا بإلحاق مورثة الطاعنين صغيرة السن بأحد الفصول الدراسية الكائنة بالطابق الثالث العلوى من المدرسة وقاموا بالسماح لها بالذهاب إلى المرحاض بمفردها وتركوها تلهو بالتزلج على السلم الحديدى دون رقابة منهم وكانت هذه المخالفة قد تسببت فى سقوطها أرضا وحدوث وفاتها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مشوباً بالفساد فى الاستدلال جره إلى الخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى الدعوى الأصلية يترتب عليه إلغاء الحكم الصادر فى دعوى الضمان الفرعية بقوة القانون باعتباره لاحقاً له ومترتباً عليه وذلك عملاً بالمادة ٢٧١ من قانون المرافعات.