«المشرع»: تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته «المتهمة بالزنا» يفيد الزوجة  دون العشيق.. و«النقض»: التلازم الذهني يقتضي محو جريمة الشريك

كتب: عبدالعال فتحي

نصت المادة 274 عقوبات خاصة بجريمة «زنا الزوجة»، والمادة 277 فهي خاصة بجريمة «زنا الزوج» فلا يجوز تحريك ورفع الدعوى الجنائية عن جريمة الزنا بنوعيها، إلا إذا قدمت شكوى من قبل الزوج ضد زوجه الزاني، وقد أجاز القانون في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية للشاكي أن يتنازل عن شكواه في أي حالة كانت عليها الدعوى طالما لم يصدر فيها حكم بات. 

هل تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته «المتهمة بالزنا» يبرئ عشيقها؟

نصت المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه: «لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها في المواد 274و277 من قانون العقوبات، وكذلك في الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون».

المشرع اعتبر آثار التنازل تمتد الاستفادة منه للزوجة فقط دون العشيق

الأصل أنه إذا تعدد المتهمون في الجريمة الواحدة، وكانت الشكوى لازمة ضد بعضهم دون البعض الآخر، قيدت حرية النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوي ضد من خصه القانون بالشكوى دون غيره من المتهمين فعله أو شركاء، وكذلك الشأن بالنسبة للتنازل عن الشكوى، إذ يقتصر أثره ضد المتهم الذي قدمت ضده ابتداء فلا ينصرف إلى غيره من المتهمين الذي لم يستلزم القانون لتحريك الدعوى ضده شكوى، وكل ذلك على اعتبار الطبيعة الاستثنائية لقيد الشكوى بحسبانه خروجا عن أصل حرية النيابة العامة في تحريك ورفع الدعوى، مما يجب قصره في أضيق الحدود دون توسع أو قياس، وليس في الفقه والقضاء في هذا الشأن خلاف.

رأي محكمة النقض في الأزمة

غير أن محكمة النقض في الطعن المقيد برقم 7586 لسنة 66 قضائية تتحفظ بشأن جريمة الزنا، إذ ترى أن تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته الزانية ينتج أثره بالنسبة لشريكها نظرا للطبيعة الخاصة لجريمة الزنا، ولأن إدانة الشريك يعني بطريقة غير مباشرة إدانة الزوجة التي انقضت دعوي الزنا ضدها بالتنازل، فضلا عن أن إجرام الشريك فرع من إجرام الفاعل، فإذا تم محو إجرام الأخير، وجب بالتبعية محو إجرام الأول، وتطبيقا لذلك قضت بأنه: «لما كان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها أن الزوج المجني عليه قدم إقراراً يقر فيه بتنازله عن شكواه ضد زوجته وبتنازله عن الحكم المطعون فيه، كما يبين أنه ولدى سؤاله في المحضر، قرر بتنازله عن شكواه ضده زوجته وبارتضائه معاشرتها له».

لما كان ذلك، وكان المشرع قد أجاز بما نص عليه في المادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية للزوج الشاكى فى دعوى الزنا أن يتنازل عن شكواه فى أى وقت إلى أن يصدر فى الدعوى حكم بات غير قابل للطعن بالنقض، ورتب على التنازل انقضاء الدعوى الجنائية، ولما كانت جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة، وذلك لأنها تقتضى التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً وهى الزوجة، ويعد الثانى شريكاً وهو الرجل الزانى، فإذا تمت جريمة الزوجة وزالت آثارها بسبب من الأسباب, فإن التلازم الذهنى يقتضى محو جريمة الشريك أيضاً، وذلك لأنه لا يتصور قيامها مع انعدام ذلك الجانب الخاص بالزوجة، وإلا كان الحكم على الشريك تأثيماً غير مباشر للزوجة التى عدت بمنأى عن كل شبهة إجرام، كما أن المعدل المطلق لا يستسيغ بقاء الجريمة بالنسبة للشريك على محوها بالنسبة للفاعلة الأصلية، لأن إجرام الشريك إنما هو فرع من إجرام الفاعل الأصلي.

وتؤكد: التلازم الذهني يقتضى محو جريمة الشريك

والواجب في هذه الحالة أن يتبع الفرع الأصل مادامت جريمة الزنا لها ذلك الشأن الخاص الذى تمتنع معه التجزئة، وتجب فيه ضرورة المحافظة على شرف العائلات، لما كان ما تقدم، فإن تنازل الزوج عن شكواه ضد زوجته ينتج أثره بالنسبة لشريكها الطاعن, مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه، والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية للتنازل، وذلك بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليها التي لم تكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية، ومن ثم لم يكن لها أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليها أثره.

 رأي خبراء القانون في الآثار المترتبة على تنازل الزوج عن شكواه لزوجته

هذا القضاء محل نظر لأنه خالف أصلا مستقر حاصله أن نطاق التنازل عن الشكوى يتحدد بما تلزم ضده الشكوى ابتداء، ولقد اشترط القانون الشكوى بالنسبة للزوجة الزانية، ولكنه لم يشترطها بالنسبة لشريكها، فإذا كانت الدعوي قد بوشرت ضد الزوجة الزانية بناء علي شكوى زوجها وضد عشيقها طبقا للقواعد العامة التي لا تشترط الشكوى لمباشرة الدعوي ضد شريك الزانية، فإن تنازل الزوج عن شكواه ينحصر أثره في زوجته الزانية وحدها، ولكنه لا يؤثر علي مركز الشريك، فلا يستفيد من تنازل الزوج عن شكواه.

أما التذرع بأن إدانة الشريك يعني بطريقة غير مباشرة إدانة الزوجة التي أضحت بمنأى عن كل إجرام فليس بشيء، ذلك أن انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل عن الشكوى لا يعني إباحة الجرم، وإنما فحسب انغلاق حق الدولة في العقاب، بل أن مسايرة الطعن سالف الذكر يفضي إلي خلف أي رميها بإثبات الأمر ونقيضه في آن واحد، ذلك أن التنازل عن الشكوى بعد تقديمها يقتضي وقوع جريمة الزنا والقول بان التنازل يجعل الزوجة بمنأى عن أي إجرام ينفي عن الزنا وصف الجريمة.

كما أن القول بأن إجرام الشريك فرع من إجرام الفاعل وتابع له، مما مقتضاه أن محو الجريمة بالنسبة للفاعل يستتبع محوها للشريك مردود عليه بأنه من المقرر أن عدم عقاب الفاعل لعله تخصه كالتنازل عن الشكوى، لتوافر صفة الزوج فيه من الأسباب الخاصة المتعلقة به والتي لا ينصرف أثرها إلي شريكه طبقا للمادة 42 من قانون العقوبات، وفي النهاية فإنه ولئن كان صحيحا أن طبيعة علاقة الزوجية والحرص علي سمعة العائلات يقتضي معاملة جريمة الزنا معاملة خاصة، فإن السبيل إلي ذلك هو دعوة المشرع لتعديل أحكامه لا الحلول محله وتقرير أحكام لم ينص عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى