المسيح عليه السلام والجمعة العظيمة فى إنجيل متى والإدانة التى أجمعت عليها الأناجيل لمن فارقوا الجريمة النكراء( 1 )

نشر بجريدة الوطن الجمعة 4 / 3 / 2022
ــــــ
بقلم: الأستاذ/ رجائى عطية نقيب المحامين

نؤمن فى الإسلام , أن الله سبحانه وتعالى قد رفع السيد المسيح عليه السلام إليه , وأن من قاموا بصلبه , لم يصلبوا شخصه , وإنما شُبِّهَ لهم فأقاموا على الصليب من ظنوا أنه السيد المسيح . بيد أن الإسلام لم ينف قط واقعة الصلب , ولم ينف قط ما صاحب النصب على الصليب من تعذيب وآلام , ولم ينف قط أن المصلوب لفظ أنفاسه الأخيرة وهو على الصليب !!
إذن , فلا خلاف على أن « واقعة الصلب » بما صاحبها من جلد وتعذيب ودق أطراف اليدين والقدمين بالمسامير إلى الصليب .

وقد أجمعت الأناجيل الأربعة : متى ، ومرقس ، ولوقا ، ويوحنا ـ على رواية ما لاقاه السيد المسيح عليه السلام من نكال اليهود أيام دعوته ، وتربصهم به ، وما ألحقوه به من تعذيب مفزع ، وانتهاءً بمأساة الصلب ( بغض النظر عن شخص المصلوب ، هل هو ذات السيد المسيح عليه السلام ، أم شُبِّه الأمر عليهم فصلبوا سواه ) ، وهى روايات موثقة أوحت للدكتور محمد كامل حسين بكتابة رائعته « قرية ظالمة » ، وصدرت عن هذه المأساة أفلام تاريخية فى الولايات المتحدة الأمريكية ، شاهدها العالم ولا يزال يشاهدها عبر شاشات التلفاز ، إضافة إلى دور العرض السينمائى .

جسدت السينما الأمريكية جلد السيد المسيح عليه السلام وتعذيبه وصلبه بمعرفة اليهود، فى فيلم « آلام المسيح » ، ومسماه بالإنجليزية « The passion of Christ » ، وهو تجسيد اعتمد على روايات موثقة من الأناجيل المسيحية لا سبيل لأحد لإخفائها أو حجبها مهما حذفوا ، فهى مطبوعة بعشرات بل بمئات الملايين بل بألوف الملايين وتعم المعمورة من ألفى سنة ، فضلاً عما كُتب حولها من مئات الملايين من المؤلفات والروايات التاريخية .

كتاب ذبيحة الرب

تحدث القس أنسطاسى شفيق , كاهن كنيسة « مارجرجس » بالإسكندرية .. تحدث حديثًا موجعًا فى كتابه « ذبيحة الرب » ــ عما فعله اليهود بالمصلوب من جلد وتعذيب يوم الجمعة العظيمة , وما تحدث به سفر اللاويين بالعهد القديم عن « العطايا المقدمة لله » ( سفر اللاويين 1 : 7 ، 22 : 17 ـ 30 ) ، الدموية وغير الدموية المحرقة مع الذبائح ، والذبيحة مقابل الخطيَّة ، وذبيحة تعويض الإثم ـ ليعقب بأن
« ذبيحة المسيح » تفوق فى الواقع كل ذبائح العهد القديم.
روى القس أنسطاسى شفيق فى كتابه ، تفاصيل أحداث يوم الجمعة العظيمة التى جرى فيها اقتياد السيد المسيح عليه السلام ، إلى حيث موضع الجلجثة ، فدقوا المسامير فى يديه ، وقام أربعة من المتوحشين المتدربين على القيام بأبشع الأعمال ، وقدموا له شرابًا من الخل والخمر والمر ، فأبى على ظمئه أن يشربه ، فبدأوا عملهم الرهيب بتمزيق ثيابه عن جسده بقسوة وعنف ، وبعد تعريته من ثيابه تركوا على هامته إكليل الشوك ، ومددوه على الخشبة ، وأوثقوه عليها ، وجاء جلادو الكتبة والكهنة بالمطرقة الثقيلة ، ودقوا بها المسامير فى يديه ورجليه ليثبتوه على الصليب قبل إقامته ، وما تحمَّله عليه السلام من آلام الجلد والإهانة وهو مصلوب على الصليب ، حتى فاضت روحه عليه السلام وفقًا للروايات والعقيدة المسيحية ، أو شبيه له وفقًا للمعتنق الإسلامى الذى ورد بالقرآن الحكيم .
كتاب « ذبيحة الرب » وثيقة إدانة لمأساة الصلب ومن قارفوها يوم الجمعة العظيمة .

إنجيل متى

إن إحتج أحد بأن هذا الكتاب كتاب بشرى , فإليه ما سجله إنجيل متى بصريح اللفظ عن يوم الجمعة العظيم .
جاء فى الإصحاح الثانى والعشرين من إنجيل متى , عن محاولاتهم الكيد للسيد المسيح عليه السلام .

« حينئذ ذهب الفريسيون وتشاوروا لكى يصطادوه بكلمة , فأرسلوا إليه تلاميذهم مع الهيرودسيين قائلين : يا معلم نعلم أنك صادق , وتعلم طريق الله بالحق ولا تبالى بأحد لأنك لا تنظر الى وجوه الناس , فقل لنا ماذا تظن .

أيجوز أن تُعطى جزية لقيصر أم لا , فعلم يسوع خبثهم وقال لماذا تجربوننى يا مراؤون . أرونى معاملة الجزية فقدموا له دينارًا , فقال لهم لمن هذه الصورة والكتابة , قالوا له لقيصر , فقال لهم أعطوا إذن ما لقيصر لقيصر وما لله لله , فلما سمعوا تعجبوا وتركوه ومضوا » ( متى 22: 15 ـ 22)
وجاء بنفس الإصحاح :
« فى ذلك اليوم جاء إليه صدوقيون الذين يقولون ليس قيامة فسألوه قائلين : يا معلم قال موسى إن مات أحد وليس له أولاد يتزوج أخوه بامرأته ويقيم نسلاً لأخيه , فكان عندنا سبعة إخوة وتزوج الأول ومات وإذْ لم يكن له نسل ترك امرأته لأخيه , وكذلك الثانى والثالث إلى السبعة.

وآخر الكل ماتت المرأة أيضًا , ففى القيامة لمن من السبعة تكون زوجة , فإنها كانت للجميع . فأجاب يسوع وقال لهم تضلون إذْ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله , لأنهم فى القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون بل يكونون كملائكة الله فى السماء , وأما من جهة قيامة الأموات أفما قرأتم ما قيل لكم من قبل الله القائل , أنا إله إبراهيم وإله إسحق وإله يعقوب .

ليس الله إله أموات بل إله أحياء , فلما سمع الجموع بهتوا من تعليمه » ( متى 22 : 23 ـ 33 ) .
وورد بالإصحاح السادس والعشرين من إنجيل متى :
« حينئذ اجتمع رؤساء الكهنة والكتبة وشيوخ الشعب إلى دار رئيس الكهنة الذى يدعى قيافا، وتشاوروا لكي يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه. ولكنهم قالوا: « ليس فى العيد لئلا يكون شَغْب فى الشعب » ( متى 26 : 3 ــــ 5 ) .

وجاء بالإصحاح الثالث والعشرين على لسان السيد المسيح عليه السلام :
« لكن ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون ! لأنكم تغلقون ملكوت السماوات قدام الناس » ( متى 23 : 13 ).

« ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون ! لأنكم تنقون خارج الكأس والصحفة ، وهما من داخل مملوآن اختطافًا ودعارة » ( متى 23 : 25 ) .

واستمرت رواية إنجيل متى للأحداث الدامية التى تداعت أيدى اليهود فى يوم الجمعة العظيمة !
« ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون! لأنكم تشبهون قبورًا مبيضة تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة . هكذا أنتم أيضًا : من خارج تَظْهرون للناس أبرارًا ، ولكنكم من داخل مشحونون رياءً وإثمًا » ( متى 23 : 27 ـ 28 ) .

« ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون ! لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزينون مدافن الصديقين ، وتقولون : لو كنا فى أيام آبائنا لما شاركناهم فى دم الأنبياء , فأنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء » ( متى 23 : 29 ـ 31 ) .

« أيها الحيات أولاد الأفاعى ! كيف تهربون من دينونة جهنم ؟ لذلك ها أنا أرسل إليكم أنبياء وحكماء وكتبة ، فمنهم تقتلون وتصلبون ، ومنهم تجلدون فى مجامعكم ، وتطردون من مدينة إلى مدينة ، لكى يأتى عليكم كل دم زكى سُفك على الأرض ، من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذى قتلتموه بين الهيكل والمذبح , الحق أقول
لكم : إن هذا كله يأتى على هذا الجيل ! » ( متى 23 : 33 ـ 36 ) .
« يا أورشليم ، يا أورشليم ! يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها»(متى 23: 37).

زر الذهاب إلى الأعلى