المساواة لمحامي الإدارات القانونية

من حديث النقيب العام سامح عاشور، في عام ٢٠١١ مطالبا بالمساواة بين محامي الإدارات القانونية ومحامي هيئة قضايا الدولة.

المحامون الذين يدافعون ويترافعون عن الدولة وحكومتها وهيئاتها ينقسمون إلى قسمين، شتان الفارق بينهما فى كافة النواحى (اجتماعيا، ماليا، أدبيا) القسم الأول، وهم محامو هيئة قضايا الدولة الذين يتولون الدفاع والمرافعة عن الحكومة ممثلة فى رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والوزارات المختلفة.

ومحامى هذا القسم الأول يتمتعون بكافة المزايا الاجتماعية ويتعاملون كهيئة قضائية مستقلة بما يجعل مركزهم المالى مميزاً عن الفئة الثانية (محامى الإدارات القانونية)، أضف إلى ذلك المركز الأدبى المتميز لمحامى هيئة قضايا الدولة.

أما محامى القسم الثانى وهم محامو الإدارات القانونية فهم الذين يقومون بالدفاع والمرافعة عن الحكومة ممثلة فى هيئاتها العامة وشركات القطاع العام، فعلى الرغم من تحملهم ذات العبء ويؤدون ذات المهمة التى يؤديها محامى هيئة قضايا الدولة وهى تمثيل الحكومة والدفاع والمرافعة عنها، إلا أنهم لا يتمتعون بأى مزايا، مما يتمتع بها محامى الفئة الأولى سالفة الذكر، فهم يخضعون لقانون العاملين المدنيين بالدولة أو قانون شركات قطاع الأعمال العام، ومكبلين بتبعيتهم لجهات إدارية غير متخصصة قانونا، فضلا عن تبعيتهم لوزارة العدل فى ترقيتهم والتفتيش على أعمالهم، على نحو نكاد نجزم معه أن محامى الإدارات القانونية هم الفئة الوحيدة فى الدولة التى تخضع ويطبق عليها ثلاث قوانين تفرض سطوتها عليهم وهو على عكس محامى هيئة قضايا الدولة سالفى الذكر، وهو الأمر الذى يجعل الفارق شاسعاً فيما بين مزايا وحقوق والتزامات عند كل من هاتين الفئتين.

فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد سبق وأشرنا أن محامى هيئة قضايا الدولة يتعاملون ماليا وفق كادر خاص يقارب ويوازى كادر السادة القضاة والمستشارين، أما محامو الإدارات القانونية فإنهم يخضعون ماليا للنظام المعمول به فى قانون العاملين المدنيين بالدولة أو قانون شركات قطاع الأعمال العام ولكن تحت مسمى “كادر خاص”، ومسمى “كادر خاص” هنا لا يماثل مسمى “كادر خاص” لمحامى هيئة قضايا الدولة، حيث إن مسمى “كادر خاص” لمحامى الإدارات القانونية يمنعهم ويقف حائلا بينهم من تطبيق كافة قواعد قانون العاملين بالدولة وقانون شركات قطاع الأعمال العام عليهم، إذ إن فى كل منهما نص يقرر بأن “لا تسرى هذه الأحكام على العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين والقرارات”.

وحيث يخضع محامى الإدارات القانونية لأحكام القانون 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية وتعديلاته فهم يعتبرون من العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين خاصة، ومن ثم، فلا تسرى عليهم القواعد العامة المقررة بقانون العاملين بالدولة.

وأهم هذه الأحكام غير المطبقة عليهم “ضم العلاوات الخاصة المقررة إلى الأجور الأساسية ولو تجاوز بها العامل نهاية ربط الدرجة أو المربوط الثابت المقرر لوظيفته أو منصبه”.

ففى الوقت الذى تعتبر معه هذه العلاوات جزءاً لا يتجزأ من الأجر وتضم على الأجور الأساسية لكافة العاملين بالدولة، إلا أن ذلك لا يتم تطبيقه على محامى الإدارات القانونية بوصف أنهم كادر خاص أو خاضعين لقوانين خاصة!.

ولمزيد من إيضاح أثر ذلك على محامى الإدارات القانونية ورواتبهم فإن القانون 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية ينص فى مادة 29، على أن “……… يمنح شاغلو الوظائف المبينة فى هذا الجدول بدل تفرغ قدره 30% من بداية ربط مربوط الفئة الوظيفية”.

وبرغم أن قوانين منح العلاوات الخاصة المقررة للعاملين بالدولة والصادرة تباعا بأرقام 101 لسنة 1987، 149 لسنة 1988، 123 لسنة 1989، 13 لسنة 1990، 29 لسنة 1992، 174 لسنة 1993، 203 لسنة 1994، 23 لسنة 1995، 85 لسنة 1996، 82 لسنة 1997، 90 لسنة 1998، 19 لسنة 1999، 84 لسنة 2000، 18 لسنة 2001، وما تلاها من قوانين سنوية تمنح العاملين علاوات خاصة قد نصت جميعها على أنه “تضم العلاوة الخاصة المقررة بهذا القانون إلى الأجور الأساسية ……….. ولو تجاوز بها العامل نهاية ربط الدرجة ………”، إلا أن ذلك لا يطبق على محامى الإدارات القانونية، ويظل احتساب الـ 30% بدل تفرغ الممنوحة لهم بالمادة 29 من القانون 47 لسنة 1973 تحتسب على بداية ربط مربوط الفئة الوظيفية، وهو الأمر الذى يحرم هذه الفئة من ميزات مالية كبيرة أثناء خدمتهم وعقب خروجهم على المعاش.

وهذا بعض من كل ما يعانى منه محامو الإدارات القانونية قياسا على محامى هيئة قضايا الدولة، أضف إلى ذلك تميز الفئة الأخيرة فى قواعد الترقيات والتأديب وأسلوب وطريقة ممارسة عملهم.

وذلك كله رغم أن كلا الفئتين بينهما قاسم مشترك هام وخطير، فكلاهما يمثل الحكومة والدولة ويقوم بالدفاع والمرافعة عنها، وكلاهما يأخذ على عاتقه مهمة الحفاظ على المال العام وتحقيق المصلحة العامة وهى غاية سامية يتحملها رجال الفئتين سواء بسواء إلا أنه برغم ذلك نجد التميز والمفاضلة الواضحة للفئة الأولى وهى محامى هيئة قضايا الدولة عن الفئة الثانية، وهم محامو الإدارات القانونية، وهو ما نرى معه فى ظل هذه المهام الجسام الموكولة للفئتين وجوب التدخل التشريعى فى تنظيم قانون موحد يجمع قواعد وأسس ممارسة هاتين الفئتين لعملهم كجزء هام من المنظومة الشاملة للإصلاح التشريعى الذى يعد أداه لكل المنتمين لهاتين الفئتين فى حياة كريمة، وتخفيفا من الأعباء الملقاة على عاتقهم بما يتسنى لهم التفرغ لمهامهم العملية وعدم الانشغال عنها، فحماية المال العام والمصلحة العامة يجب أن يكونا فى صدارة برنامج الإصلاح التشريعى فى المرحلة الراهنة، وهو ما نرى تحقيقه بقانون موحد يقرر إنشاء هيئة خاصة بالإدارات القانونية ووصفها بأنها هيئة قضائية مستقلة ويتقرر من خلال هذا القانون مهام المنتسبين لهذه الهيئة وواجباتهم واختصاصاتهم وقواعد ترقيتهم وكيفية معاملتهم مالياً بما يضمن لهم حياة كريمة ويساعدهم على ممارسة مهامهم بجد وإخلاص تحقيقا للمصلحة العامة ووفق قواعد العدل والمساواة، كما يجب أن يتضمن القانون قواعد المحاسبة والتأديب والتفتيش على أعمال كل المنتسبين لهذه الهيئة وصولا للعدالة الاجتماعية وتحقيقا للغاية الأسمى وهى الحفاظ على المال العام وتحقيق الصالح العام.

• نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى