المسئولية الجنائية للتوائم المتلاصقة حال ارتكاب أحدهم جريمة جنائية

بقلم الدكتور/ وليد محمد وهبه

يعتبر هذا الموضوع دراسة قانونية مهمة لحالات نادرة من مسئولي الجرائم الجنائية، وقد يندهش الكثيرين من طرح هذا الموضوع لكونه ليس من الموضوعات الشائعة، لكن خصوصية وحساسية هذا الموضوع تطرح له الأهمية بما كان للبحث والدراسة التأصيلية للوقوف على مدى المسئولية الجنائية لأحد مرتكب هذه الجرائم، ويستوجب عقابه بالحبس أو الأعدام، وسوف يترتب على هذا تنفيذ العقوبة في شخص أخر له صفه قانونية وشخصية قانونية مستقلة، لكن القدر جعل مصيرهم واحد فإذا ما تم تنفيذ العقوبة في أحدهم استتبع تنفيذ العقوبة في الآخر بالمخالفة لمبدأ شخصية العقوبة، و عدم جواز معاقبة إنسان على فعل لم يرتكبه.

وإن هذه الفرضية تبتعد عن مفهوم الاشتراك أو العلم أو التحريض، فالعديد من الجرائم تكون لحظية الوقوع أي أنه لم يكن مدبر لارتكابها من قبل، واتخذ القرار لارتكابها في ذات اللحظة.

وهناك العديد من الجرائم التي تقع بإحدى هذه الصور مما يسلط الضوء معه على الدوافع الإجرامية وليدة اللحظة، بالإضافة إلى وضع آلية عملية وتطبيقية للعقوبات، وتفسير لفلسفة المشرع العقابية خاصة؛ لعدم وجود أي نص قانوني يتحدث عن التوائم المتلاصقة، مما يمثل ثغرة قانونية تعتري القوانين الجنائية.

و إن نطاق البحث فى المسئولية الجنائية يتبين منه مدى تأثير ارتكاب شخص لجريمة ما ويترتب على فعله معاقبة شخص اخر عن ذات الفعل المرتكب مع العلم عدم قيامه بالإشتراك او المساعده فى إرتكاب هذه الجريمة حيث هذا يختلف عن بحث الاهلية الجنائية او صلاحية الشخص لإرتكاب الجريمة.

وجدير بالذكر أن إحدى المحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية شهدت مثل هذه الواقعة، وكانت في ولاية بن سلفانيا وحينها قرر قاضي المحكمة أن يخصص استراحة خاصة لمجرم ملتصق مع برىء وبذلك لن يكون هناك ضرر للملتصق البرىء حيث افترض ان وضع برىء فى السجن بعقوبة اخاه ليس بعدل فلا يؤخذ بجريرة اخاه لكونهم ملتصقان حيث اعتبرها مخالفة لمبدأ شخصية العقوبة.

وبالرغم من ندرة هذه الجريمة إلا إنها متواجده بالفعل كما ان التشريع العقابي لا يحمل الاشخاص على النوايا لمجرد انهم كانوا لا ينتون ارتكاب هذه الجريمة لكن العقوبة التى تنشأ عن المساهمة بتتخذ قرينة من دراسة الواقعة وإن افترضنا تعدد الجناه سوف يؤدى الى شيوع الجريمة مما يترتب عليه التشكك فى الواقعة وضياع حق المجنى عليه.

ولقد اتجهت بعض الدول اتجاه بأن التوئم الملتصق يحصل على ذات العقوبة المقررة للفاعل الأصلي، ذلك لمجرد أنه كان متواجد على مسرح الجريمة وقت ارتكابها ولم يتخذ أى تصرف لمنعها، وأن المساهمة الجنائية تجعل من الشريك فاعل أصلى – لكن هذا الرأى منتقد لأن كثير من القوانين لم تأخذ بهذا المدأ.

ولقد اتجه اتجاه فقهي عرض في مؤتمر القانون الجنائي المنعقد عام 1980، هو عدم إقرار عقوبة الإيداع بالمؤسسات العقابية بالنسبة للتوائم المتلاصقة وإستبدالها بإحدى العقوبات الاخرى مثل المراقبة الإلكترونية او البقاء فى المنزل او فى إحدى دور الرعاية او مصادرة الاموال والممتلكات أو غير ذلك.

كما أن معظم الاتجاهات قررت أنه في حال العقوبة المقررة الإعدام، فإنه سوف يستحيل تنفيذها لأنها سوف تؤدي إلى وفاة الطرف البرىء، مما يتطلب استبعادها واستبدالها بعقوبة اخرى مع احتفاظ المجنى عليه بالتعويض المناسب.

زر الذهاب إلى الأعلى