المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية 

بقلم/ زكريا فام رياض

الفارق الجوهري بين المسؤولية الجنائية، والمسيؤولية المدنية، أن الأولى هي جزاء فعل أضر بالمجتمع، بينما الثانية هي جزاء فعل أضر بشخص معين، ويترتب على هذا الفارق أن الجزاء فى المسيؤولية الجنائية عقوبة تطالب النيابة العامة بتوقيعها على الجاني باعتبارها ممثلة للمجتمع.

أما الجزاء فى المسئولية المدنية هو تعويض يطالب به المضرور، ولما كان الجزاء فى المسئولية الجنائية عقوبة تتضمن معنى الإيلام كان لابد من حصر الأفعال المعاقب عليها، ومن ثم كان مبدأ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”.

أما فى المسئولية المدنية فلا يمكن حصر الأفعال التى تستوجب التعويض وإنما يمكن تحديد هذه الأفعال وفقآ لضوابط معينة أهمها ما تنص عليه القوانين المدنية.
من أن كل خطأ سبب ضررآ للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض. مادة (163) مدنى.

ومن ناحية أخرى لا يجوز الصلح أو التنازل فى المسئولية الجنائية لأنها حق المجتمع، بينما يجوز ذلك فى المسئولية المدنية لانها حق خاص للفرد.

وأذا كان الأصل أن المسئولية المدنية تقوم كلما قامت المسئولية الجنائية.
إلا أن هذا الأصل لا يجرى على إطلاقه. فقد تقوم المسئولية الجنائية دون المدنية أذا لم يترتب على الفعل إضرار بالغير.
مثال ذلك جرائم الاتفاق الجنائى وحمل السلاح بدون ترخيص.
وقد تقوم المسئولية المدنية دون الجنائية أذا لم يكن الفعل ضمن الجرائم المنصوص عليها فى القانون.
كما فى المسئولية عن حوادث العمل، أو إتلاف مال الغير نتيجة إهمال.

أما أذا ترتب على الفعل الواحد قيام المسئوليتين الجنائية والمدنية. فإن المسئولية الجنائية وهى الأقوى لأنها حق المجتمع تؤثر فى المسئولية المدنية. ويظهر ذلك فيما يأتى:

أولآ: يجوز رفع الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية فتفصل فيها مع الدعوى الجنائية.
ولكن لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية.

ثانيآ: أذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية وقبل أن يتم الفصل فيها رفعت الدعوى الجنائية.
فأنه يجب وقف نظر الدعوى المدنية حتى يتم الفصل فى الدعوى الجنائية. تطبيقا للقاعدة المعروفة
” الجنائي يوقف المدنى ”

ثالثآ: من حيث حجية الحكم.
فإن المحكمة المدنية تتقيد بالحكم الصادر من المحكمة الجنائية بالنسبة للوقائع.
فإذا صدر حكم المحكمة الجنائية بإدانة المتهم لإرتكابة الفعل المنسوب إليه.
فلا يمكن للمحكمة المدنية أن ترفض دعوى التعويض بحجة أن الفعل لم يقع من المتهم.
وإذا صدر حكم المحكمة الجنائية بالبراءة. فإن ذلك لا يمنع المحكمة المدنية من أن تحكم بالتعويض على أساس أن الفعل يعتبر خطأ مدنيآ يستوجب التعويض.
وقد عبرت عن هذا المادة (102) إثبات بقولها، لا يرتبط القاضى المدنى بالحكم الجنائي إلا فى الوقائع التى فصل فيها الحكم، وكان فصله فيها ضروريآ.

وأخيرآ لا تسقط الدعوى المدنية طالما بقيت الدعوى الجنائية قائمة. ولكن العكس غير صحيح، فبقاء الدعوى المدنية قائمة لا يمنع من سقوط الدعوى الجنائية بالتقادم.
وقد عبرت عن ذلك المادة (182) مدنى، بعد أن قررت فى فقرتها الأولى أن دعوى التعويض تسقط بإنقضاء ثلاث سنوات أو خمسة عشر سنة حسب الأحوال. أضافت فى الفقرة الثانية، على أنه أذا كانت هذة الدعوى ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد إنقضاء المواعيد المذكورة فى الفقرة السابقة. فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى