المرض النفسي وانعدام المسئولية الجنائية
المرض النفسي وانعدام المسئولية الجنائية
بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي المحامي
تصدى قانون رعاية المريض النفسي لتعريف الصحة النفسية، بأنها حالة من الاستقرار النفسي والاجتماعي التي يستطيع الفرد من خلالها أن يحقق إنجازاته طبقا لإمكانياته الشخصية، ليتمكن من التعامل مع الضغوط الحياتية العادية، كما يستطيع أن يعمل وينتج ويساهم في المجتمع الذي ينشأ فيه. أما المريض النفسي هو من يعاني من اضطراب نفسي عصابي أو ذهاني.
الاضطراب النفسي أو العقلي يعني اختلال أي من الوظائف النفسية أو العقلية لدرجة تحد من تكيف الفرد مع بيئته الاجتماعية.
لا يشمل الاضطراب النفسي أو العقلي من لديه الاضطرابات السلوكية، دون وجود مرض نفسي أو عقلي واضح.
لا يجوز إدخال أي شخص إلزاميا للعلاج بإحدى منشآت الصحة النفسية، إلا بموافقة طبيب متخصص في الطب النفسي وذلك عند وجود علامات واضحة تدل على وجود مرض نفسي شديد، يتطلب علاجه دخول إحدى منشآت الصحة النفسية وذلك في حالتين، الأولى: قيام احتمال تدهور شديد ووشيك للحالة النفسية، الثانية: إذا كانت أعراض المرض النفسي تمثل تهديدا جديا وشيكا لسلامة أو صحة أو حياة المريض، أو سلامة أو صحة أو حياة الآخرين.
ما هو المرض العقلي الذي يعدم المسئولية الجنائية؟
الإجابة وفقا للقانون، هو المرض العقلي الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك، فلا تعد سببا لانعدام المسئولية، الأمراض الذي لا يؤثر في سلامة العقل وصحة الإدراك. ومن المقرر، أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الدفاع إلى ما يطلبه من ندب خبير لتقدير حالة المتهم العقلية، مادامت قد استبانت سلامة عقله من موقفه في التحقيق، ومن حالته النفسية ومن إجاباته على ما وجهته إليه من أسئلة ذلك أن تقدير حالة المتهم، التي يترتب عليها الإعفاء من المسئولية الجنائية، أمر يتعلق بوقائع الدعوى يفصل فيها قاضي الموضوع بما لا معقب عليه انه يقيمه على أسباب سائغة حتى ولو قدم المريض شهادات طبية، لأنه من المتعارف عليه، أنه ليس كل مرض عقلي يعدم المسئولية الجنائية لدى المتهم.
والعبرة بفقد الإدراك والشعور وقت الجريمة كمناط للإعفاء من المسئولية، أما إذا أصيب المتهم بمرض عقلي أثناء المحاكمة الجنائية فإنه يتعامل وفقا للمادة ٣٣٩ من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله، طرأت بعد وقوع الجريمة، يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إلى رشده.
يجوز في هذه الحالة لقاضي التحقيق أو القاضي الجزئي كطلب النيابة العامة أو المحكمة، المنظورة أمامها الدعوى، إذا كانت الواقعة جناية أو جنحة عقوبتها الحبس، إصدار الأمر بحجز المتهم في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية إلى أن يتقرر إخلاء سبيله.
استهدف المشرع المصري من هذا النص، تحقيق مبادئ العدالة وتقديس حق الدفاع أثناء التحقيق والمحاكمة، وكفالته في تلك الحالتين بصورة حقيقية حاسمة، إذ أن المتهم هو صاحب الشأن الأول في الدفاع عن نفسه، وما كان النص على وجوب تنصيب محام له في مواد الجنايات، وإجازة ذلك له في مواد الجنح إلا لمعاونته ومساعدته في الدفاع فحسب، فإذا ما عرضت له عاهة في العقل بعد وقوع الجريمة المسندة إليه، فإنه ولو أن مسئوليته الجنائية لا تسقط في هذه الحالة، إلا انه يتعين أن توقف إجراءات التحقيق أو المحاكمة حتى يعود إليه رشده.