القوانين الذكية
كتب الأستاذ/ أشرف الزهوي
الهدف من القانون حماية المجتمع، وتنظيم سلوك المواطنين مع توقيع الجزاء عند مخالفته، وفي وصف القانون؛ عبارة موجعة للكاتب الإنجليزي تشارلز ديكينز يقول ” القانون حمار للي يعرف يركبة”، لأن القانون الذي يدين شخص عن فعل معين هو ذاته الذي يبرئ آخر ارتكب نفس الفعل.
والحقيقة أن القانون يجب أن يكون مقنعا للأغلبية، ومتوافقا مع الواقع، لو أنك تقود سيارتك برعونة، وعدم احتراز فأدي ذلك إلى إصابة أحد المارة، فإنك لاشك ستقبل بالقانون الذي يفرض عليك الجزاء الذي يتناسب مع الفعل الذي ارتكبته، وتاجر المخدرات الذي يضبط متلبسا سيرضى بالعقوبة التي يفرضها قانون العقوبات نتيجة ما إقترفته يداه.
هناك نوع من القوانين التي تجد اعتراضاً من أغلب المخاطبين بها؛ مثل قوانين البناء التي تضع الضوابط لعمليات البناء، وعقاب من يبني عقار بدون ترخيص، أو على أرض زراعية أو يقوم بتبوير، أو تجريف الأرض الزراعية، ورغم التحديثات المتعاقبة علي هذا القانون، وتشديد العقوبة؛ إلا ان ذلك لم يمنع من استمرار المخالفة لنصوص هذا القانون، واستمرار المباني المخالفة، وتبوير الأراضي الزراعية وتجريفها للبناء عليها.
وبحثا عن أسباب هذا الرفض للقانون، يمكن تلخيصها في الآتي :
1-اضطرار المخالفين لاستخدام جزء من الأراضي المملوكة لهم للبناء عليها، وأغلبها زراعية نظرًا لارتفاع أسعار الأراضي المسموح بترخيصها، والبناء والفارق بين المخالفات التي سيسددها المخالف كعقوبة، وثمن الأرض التي تسمح بالترخيص كبير.
2- ارتباط الأسرة وعاطفة الوالدين ورغبتهم في تزويج أولادهم في ذات المكان الذي يقيمون فيه يدفعهم لارتكاب جرائم المباني .
3- نظام الأحكام الغيابية والمعارضة في الأحكام وطول الإجراءات يمنح الفرصة لسداد الغرامات في فترة زمنية طويلة أو انقضاء الدعوى بمضي المدة.
4- التعقيدات الإدارية والروتين والتشدد الذي يحكم قوانين المباني يضطر المواطنين في أحايين كثيرة لمخالفته .
وأدى ذلك إلى الاعتداء علي الأرض الزراعية، وتقليل مساحة الأرض المزرعة والصالحة للزراعة وفتح الباب على مصراعيه للبحث عن مخرج بالرشوة والتزوير والتلاعب للتحايل على القانون.
اضطر هذا الأمر لتدخل القيادة السياسية للتعامل بحزم وفرض غرامات وتنفيذ الازالات مما تسبب في إرباك حركة البناء وفرض المخاوف وتنفيذ الهدم لعدد كبير من العقارات رغم التكاليف الباهظة في الإنشاءات وتكاليف المباني.
أن القانون الذكي هو الذي يحقق المعادلة الصعبة مابين تحقيق الردع، والالتزام بنصوصه وبتعليماته وبين عدد المخالفين الذين يخرقونه فلا يصبح حبرًا على ورق ولا يتحول إلى سيفا مسلطا على رقاب العباد.