القرار الإداري وإساءة استعمال السلطة
بقلم: الأستاذ/ مجدي هلال
الجهة الإدارية أيا ما كان شكلها سواء كانت وزارة أو مصلحة أو هيئة أو حتى بنك فيما تمارسه من أعمال الإدارة اليومية ترتب أثار قانونية فقد تنشأ مركز قانوني جديد أو تعدل مركز قائم بالفعل أو قد تلغي هذا المركز، وذلك حيث أن الإدارة أثناء ممارستها لتلك الأعمال فأنها قد تصدر قرارات إدارية تمس حقوق الآخرين سواء كان بالإيجاب أو بالسلب، وجدير بالذكر أن القرارات الإدارية تنقسم من حيث طبيعة آثارها الي نوعين القرارات المنشئة والقرارات الكاشفة.
ويمكن القول إن القرارات المنشئة هي القرارات التي يترتب عليها إنشاء مراكز قانونية جديدة أو إحداث تغيير أو تعديل في المراكز القانونية القائمة، بينما القرارات الكاشفة لا تحدث مراكز قانونية جديدة وإنما جاءت لتقرر حالة موجودة بالفعل وتكشف عن مركز قانوني قائم مسبقا، وبناء علية فالقرارات الكاشفة يبدأ سريانها بأثر رجعي لأنه لم ينشأ مركزا قانونيا جديدا وإنما أكتفي بالإعلان والإفصاح عنه فقط حيث سبق وأن أقره القانون من ذي قبل.
على العكس يبدأ سريان القرارات المنشئة في المستقبل لأنها أحدثت مركزا قانونيا جديدا أو تعديل أو إلغاء مركز قائم فعلا وقديم حيث يبدأ سريان هذا القرار مستقبلا.
وتسعى الإدارة دوما إلى الصالح العام التي تستند في عملها إليه بينما يسعى الغير إلى الصالح الخاص به الأمر الذي يجعل كل الطرفين في اتجاه مغاير للأخر، لذلك عادة ما يلجأ الطرف الأخر المتضرر من القرار الإداري إذا شاب هذا القرار أي عيب من العيوب الي اللجوء للقضاء يطالب بإلغاء هذا القرار الإداري لمخالفته القانون ، وأهم ما قد يعتري القرار المخالف للقانون من عيوب هو ركن الغاية فيه حيث قد تنحرف السلطة الإدارية عن غايتها وهو الصالح العام وتلجأ إلى إساءة استعمال سلطاتها المخولة إليها خارج حدود القانون وهو ما يسمي الانحراف بالسلطة.
وبتطبيق هذه المبادئ القانونية ونضرب مثال لذلك من الناحية العملية، نجد أنه لا معقب علي سلطة الإدارة في تقدير كفاءة الموظف ما لم تسيء استعمالها حيث أن تقدير الدرجة التي يستحقها الموظف عن كل عنصر من العناصر الواردة بتقرير الكفاية السنوي هو أمر يترخص فيه الرئيس المباشر والمدير ورئيس المصلحة ولجنة شئون العاملين كلا في حدود اختصاصاته ولا رقابة للقضاء عليهم في ذلك ولا سبيل الي التعقيب عليه ما لم يثبت أن تقديراتهم كانت مشوبة بالانحراف أو إساءة استعمال السلطة ، أيضا الترقية بالاختيار ليست ميزة يتمتع بها الرؤساء طبقا لأهوائهم وإنما هي رخصة وضعت في أيديهم وأمانه في ذمتهم لاختيار العناصر الممتازة للترقية، فإذا ما توفرت عناصر الاختيار في موظف وجب عدم تخطيه إلى ما يليه بغير مبرر يستلزم ذلك والا كان هذا التخطي مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة.
وأخيرا: لقد أثبتت البحوث والدراسات أن نجاح المنظمات في تحقيق أهدافها يقاس بمجموعة من المتغيرات منها الرضا الوظيفي حيث ينعكس مستويات الأداء لدى الأفراد وفقا لدرجات الرضا عن العمل والاقتناع به، حيث أن وصول الموظف إلى درجة مرتفعة من الرضا يدفعه إلى بذل أقصى الجهود لإنجاز الأعمال المخولة إليه وهذا التأثير الإيجابي للرضا لا يؤثر فقط علي أداء الأفراد بل على أداء المنظمة كلها بشكل عام، ولا يتأتى ذلك كله في ظل إحساسه بالظلم من قرار إداري أدى إلى تخطيه في الترقية أو نقله مثلا، أو إساءة الجهة الإدارية التي ينتمي إليها للسلطة المخولة إليها والانحراف بها في صورة قرارات إدارية خارجة عن حدود القانون واللوائح.