القانون واجب التطبيق علي منازعات الملكية الفكرية في ظل التطور التقني الجديد”2″
بقلم الدكتور/ وليد محمد وهبة
ولقد إختلفت آراء الفقه في تحديد القانون الواجب التطبيق على منازعات الملكية الفكرية فقد ذهب جانب إلى تطبيق قانون بلد الأصل باعتبارها تقع في نطاق الأموال وذلك باللجوء لقانون يتفق وهذه الطبيعة.
ويرى إتجاه آخر تطبيق قانون دولة الإرسال ، إستناداً إلى أن العمل غير المشروع يكتمل بمجرد صدور الإرسال ، دون النظر إلى إستقباله ، كما أن هذا المعيار يسهل من عملية الإثبات ، وذلك بمساءلة المحطة أو الجهة القائمة بالإرسال ، بينما ذهب إتجاه ثالث إلى تطبيق قانون دولة الإستقبال إستناداً إلى أن الفعل لا تكتمل به أركان المسئولية إلا باستقبال الموجات لتتحقق النتيجة الضارة.
يرى الباحث أن الإعتداء على حقوق الملكية الفكرية فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق عليها في حالة تعلقها بقانون العلاقات الخاصة الدولية يتعلق بحسب النظر إليها من قبل القانون المعين وفقاً لتكييفه لها وفقاً لما إذا كانت أموالاً مادية أو معنوية. فإذا كانت تعد أموالاً مادية منقولة فإن القانون الواجب التطبيق عليها هو قانون الجهة التي يوجد فيها هذا المنقول وقت تحقق السبب الذي ترتب عليه كسب الحيازة أو الملكية أو الحقوق العينية الأخرى أو فقدها ، وهذا الإتجاه هو ما أخذ به قانون المعاملات المدنية السوداني لسنة 1984م في المادة (12) منه.
أما إذا كانت تعد من قبيل الحق الأدبي ، فقد إختلفت آراء الفقه حول ذلك التحديد فبينما إتجه رأي إلى تطبيق القانون المحلي إستناداً إلى مبدأ الإسناد الإجمالي بتطبيق قانون مركز المال دون تفرقة بين جانب مادي وآخر معنوي ، يرى إتجاه آخر تطبيق قانون القاضي إستنادا علي انه في هذه الحالة يمكن تطبيق قواعد موحدة متناسقة على كل الحقوق الشخصية . وينصب رأي ثالث إلى تطبيق قاعدة التنازع الخاصة بالحالة المدنية للأشخاص أو تلك المتعلقة بالمسئولية المدنية.
يتضح مما سبق أن وسائل التقانة الحديثة أحدثت مفهوماً جديداً للضرر يمكن تسميته بالضرر الإلكتروني فيما يتعلق بالأضرار المادية والمعنوية . فضلاً عن تأثيرها على مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق . خاصة المبدأ المأخوذ به في معظم القوانين وهو القانون المحلي.
وفقاً لذلك يرى الباحث أن الأنسب فيما يتعلق بالأفعال الضارة أن يطبق عليها قانون محل الإقامة الفعلى للمدعي وذلك لإرتباط مصالحه المادية والمعنوية بهذا المكان . أو قانون جنسيته إذا رأى ذلك هو الأنسب له لإعتبارات إجتماعية أو إقتصادية أو غيره ، والأخذ بهذين الضابطين – فيما نعتقد – يحققان مرونة أكثر إذا كان أحد القانونين لا يحقق مبتغى المدعي كأن يكون غير معترف بالضرر الأدبي على سبيل المثال.
أما في مجال الملكية الفكرية فيرى الباحث أن النظريات المأخوذ بها لا تؤدي لحلول متكاملة في حالة الإعتداء عليها بواسطة الأجهزة التقنية الحديثة . فنظرية بلد المنشأ أو الأصل للعمل الفكري سندها أن هذه الحقوق تقع في نطاق الأموال غير أنه من المتوقع ألا تعتبرها بعض الدول كذلك.
في هذا الجانب نشير إلى أن بعض الإتفاقيات الخاصة بحماية حقوق الملكية الفكرية مثل إتفاقية جنيف وبيرن لم تمنحا الحماية للحقوق المعنوية للمؤلف
أما نظرية قانون الدولة مصدر الإرسال فتصطدم بإمكانية إرسال المصنف موضوع الإعتداء من مكان غير تابع لدولة معينة ، او عدم امكانية تحديد مكان الارسال علي وجه التحديد كما أن هذه النظرية تتجاهل تداخل جهات عديدة في مسألة الإرسال هذه ، فقد سبق ان ذكرنا ان تقنيات الاتصال الحديثة تعتمد علي الاقمار الصناعية , كما ن مواقع الانترنت تتعدد جهات مختلفة في تقديم اتلخدمة الخاصى بها كما انها قد وتوجد في دول مختلفة.
كذلك فإن نظرية دولة الإستقبال لا تقدم الحل الوافي ، لان الاستقبال فص ظل التطور التقني الحالي خاصة وأن الإستقبال يتم في دول عدة ــ ان لم يكن في كل انحاء المعمورة ــ في وقت واحد في حالة نشر المصنف عبر الإنترنت .
في هذا الجانب يرى الباحث كذلك تطبيق قانون مكان التواجد الفعلي للشخص المعتدي على حقه في الملكية الفكرية ، أما في حالة أن يكون هذا المكان لا يعطيه الحماية الكافية كأن يكون لا يغطي حماية الحقوق المعنوية نرى أن يتم تطبيق ضابط إسناد مرن بتطبيق قانون الدولة التي يرى أنها الأنسب لحماية حقوقه ، شريطة أن تكون ذات علاقة فعلية بموضوع الإعتداء.