القانون واجب التطبيق علي منازعات الملكية الفكرية في ظل التطور التقني الجديد “1”
بقلم الدكتور/ وليد محمد وهبه
تتعدد صور الإعتداء على حقوق الملكية الفكرية، إذ أبرز التطور التقني وسائل جديدة لإستغلال المصنفات الفكرية ، فظهرت أنواع جديدة من المصنفات هي المصنفات الرقمية، بحيث يكون المصنف الموجود على شبكة الإنترنت مطابق تماماً للأصل ومع إستخدام الأقمار الصناعية أصبح بالإمكان نشر العديد من المصنفات في حين أنها مشمولة بحقوق الملكية الفكرية دون إذن المؤلف أو إعطاءه المقابل المادي لذلك.
هذا بالإضافة إلى نشر المصنفات بطريقة تقليدية عبر شبكة الإنترنت ،حيث أصبح بالإمكان تحميل الملفات الموسيقية المحملة على الحاسبات الشخصية عن طريق برنامج معين وقد أدى هذا البرنامج إلى تبادل الآلاف من القطع الموسيقية مجاناً عبر العالم ، هذا فضلاً عن التعدي على برامج الحاسب الآلي ، وذلك بنسخها أو إستخدامها أو الإستيلاء عليها، أو إكتشاف أسرارها أو تدميرها.
ما تمت الإشارة إليه من أفعال يمكن أن يسبب أضراراً معنوية أو مادية ، كما نرى أن إمكانية إرتكابها يمكن أن تتم عبر وسائل أخرى بخلاف الإنترنت مثل الهاتف الجوال لإشتماله على خاصية إرسال وإستقبال الرسائل والأفلام والصور ، كما يمكن إرتكابها عبر أجهزة التلكس والفاكس.
إن الذي يجمع بين هذه الأفعال غير المشروعة جميعها هو أن الضرر الناتج عنها يمكن أن ينتشر في أجزاء عديدة من العالم في وقت واحد ، فضلاً عن أن إرتكابها يتم في دولة أو دول مختلفة . وبالتالي فإن الذي ينطبق عليها هو قانون العلاقات الخاصة الدولية علما بأن القانون المتفق علي تطبيقه علي هذه الأفعال فقهاً وقضاء هو قانون محل الفعل المنشئ للإلتزام، باعتبار أنها من الأفعال المشكلة للإلتزامات غير التعاقدية .
وهذا القول يجعل من الصعوبة الإعتماد على هذا المبدأ لعدم سهولة تحديد المحل الذي وقع به الفعل المنشئ للإلتزام في ظل التطور التقني الحادث في عالم اليوم
فمن ناحية أولى : يصعب تحديد محل وقوع الفعل الضار لإعتماد تقنيات الإتصال الحديثة على تقنية الأقمار الصناعية الموجودة بالفضاء الخارجي غير الخاضع لقانون دولة بعينها فضلاً عن إسهام جهات عديدة في توصيل الخدمة وتفرقها بين عدة دول.
ومن ناحية ثانية : يصعب كذلك تحديد مكان وقوع الضرر لإعتماده كضابط إسناد لتحديد القانون الواجب التطبيق نسبة لإمكانية تحقق وقوع الضرر في دول عديدة. فعند التعدي علي ملكية فكريه ونشرها عبر وسائط التقانه الحديثة مثل الانترنت فيصعب في هذه الحالة تحديد مكان وقوع الفعل الضار لاتتشاره عبر رقعة واسعة قد تشمل الكرة الارضية باسرها , علما بانه في الوقت الراهن ظهرت الهواتف الذكية التي تمكن من الدخول لشبكة الانترنت . فعلي سبيل المثال اطلقت شركة ( سامسونج) جيلا من الهواتف الذكية لا يوجد فرق بينه وبين اجهزة الجاسوب المحمول ، فضلا عن ان بعض الجهات اطلقت برامج مثل الرنامج المعروف ب watsaap واخر ب 1 mobilmarket وهذا الاخير يمكن من انزال العديد من الكتب علي اجهزة الهاتف دون التحقق مما إذا كان ذلك مسموحا به من قبل المؤلف او لا . وهذا يجعل من المسالة اكثر تعقيدا لانتشار هذه الاجهزة وهذه البرامج يوما بعد يوم .
ومن ناحية ثالثة : فالفعل الضار يمكن أن يتسم بخاصية يمكننا تسميتها بخاصية التجدد أو الإستمرار خاصة في حالة إرتكابه عبر الإنترنت والهاتف الجوال لإمكانية هذه الأجهزة بالإحتفاظ بما هو منشور عبرها ، فضلاً عن إمكانية إعادة إرساله، مما يسهل من عملية انتشار المصنف او المادة المتعدي عليها .
ومن ناحية رابعة : فمكان تحقق الضرر يصعب تحديده في حالة إستقبال الرسالة المسببة للفعل الضار مثلاً في مكان لا تختص دولة ما ببسط سلطانها عليه، وذلك مثل الفضاء الخارجي او اعالي البحار والتي من المعلوم انها لا تخضع لسيادة دولة بعينها .
ومن ناحية خامسة : القول بأن بعض تقنيات الإتصال الحديثة يمكن أن يتم الفعل الضار عبرها لجهة محددة دون إنتشارها عبر بقية دول العالم ، مثل إرسال رسالة مسيئة لشخص عبر بريده الإلكتروني ، أو هاتفه الجوال ، أو التلكس أو الفاكس ، أو حتى إختراق بريده الإلكتروني أو موقعه ، فيمكن الرد عليه بأن هنالك إمكانية للقول بإمكان إرسال الرسالة أو الإختراق من مكان لا يخضع لقانون دولة معينة مما يصعّب كذلك من إمكانية تحديد محل الفعل المنشئ للإلتزام.
فضلا عما سبق ففي مجال الملكية الفكرية يوجد إختلاف لدى الفقه حول تكييف الملكية الفكـرية نفسها ، ففي حين يرى البعض أنها ملكية حقيقية مثل الملكية التي يكون محلها مادياً، باعتبار أنها تحمل معنى ذكاء الشخص وبالتالي فهو يملك إنتاجه ملكية تامة ، يرى البعض الآخر أنها تختلف عن الملكية العينية والملكية المنقولة باعتبارها صناعة فكرية إبداعية والفكر مسألة معنوية ، ويرى جانب ثالث أنها صورة خاصة للملكية تخضع لقواعد تشريعية خاصة.