القانون برئ.. الفحص الطبي قبل الزواج
بقلم الدكتور/ أحمد عبد الظاهر- أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة
في الأسبوع الأول من شهر يوليو 2021م، وفي برنامجها التليفزيوني «اسأل دعاء»، المذاع على قناة «النهار»، كشفت الإعلامية المصرية دعاء فاروق عن قصة غريبة تعرضت لها فتاة بعدما تقدم شاب لزواجها عن طريق نجل عمها، حيث اكتشفت الفتاة بعد زواجها أن زوجها مصاب بمرض الإيدز وأنها تعرضت للعدوى تبعاً لذلك. وقالت الإعلامية دعاء فاروق: «تلقيت رسالة على هاتفي لسيدة تحكي تجربتها وتنصح الجميع بعدم الوقوع في المشكلة التي واجهتها، والقصة بدأت عندما ألحت عليها والدتها بالزواج لأنها تبلغ من العمر 29 عاماً وخوفاً من العنوسة ووصم المجتمع، أتى ابن عمها لها بعريس»، مضيفة «كان مستعجل حتى أن فترة الخطوبة انتهت بالزواج في خلال شهرين». وأردفت العروس، قائلة: «زوجي أخفى عني إصابته بـفيروس (B)، وفي ليلة الدخلة كان يريد أن يستخدم واقي ذكري، فاستغربت وقال لها إنه أخفى عنها اصابته بفيروس سي فحدثت خناقة، وطالبني بإخفاء السر لأنه لم يخبر أهله، ولكني أخبرت والدتي بما حدث وتحولت ليلة الدخلة إلى نكد، مرت الأيام ولاحظت أشياء غريبة مثل تعاطيه دواء لا أعلم عنه شيئا غير أنه لم يطلعني على أوراق تثبت إصابته بالفيروس». وأضافت العروس المصابة بالإيدز: «دخلت أعمل بحث على محركات البحث عن الفيروس وتفاجأت أن له مصلاً من الضروري أن أخضع له كزوجة، وتعجبت كيف هو مصاب بفيروس ولا يهتم بحالتي، وفضلت الذهاب إلى أحد الأشخاص وعلمت منه بأن الدواء الخاص بالفيروس يؤخذ في وقت معين بالدقيقة والثانية، وأخبرني أحد الأطباء عندما استشرته بأنه قد يكون مصاباً بالإيدز، وقتها اسودت الحياة في وجهي». وواصلت: «في بعض الأوقات، كان الواقي يتعرض للقطع أو يصير بيننا جماع دون واق، فقررت الذهاب إلى مستشفى حميات العباسية بالقسم المخصص لمرضى الإيدز، وهناك في قسم الإيدز إذا كان مريضاً من المتوقع أنه يقوم بصرف الدواء واستعنت بحيلة أنه يعاني من تجلط في الدم ولا يستطيع الحركة حتى أطلع على اسمه في الكشوفات ووجدت اسمه وعلمت أنني مصابة بالإيدز أيضاً».
وكما قالت الإعلامية دعاء فاروق، فإن هدف السيدة المصابة من وراء حكاية تجربتها هو أن يعرف كل الناس التجربة، ويأخذوا العظة والعبرة من هذه الحكاية، وبحيث لا يقع أحدهم في الخطأ الفادح الذي وقعت فيه.
وإزاء هذه الواقعة، قد يثور التساؤل عن الآليات القانونية التي تكفل منع حدوث مثل هذه الوقائع من الأساس. وإذا كان ثمة آليات قانونية، فإن التساؤل يثور مرة أخرى عن الأسباب التي حالت دون تفعيلها وتطبيقها. وما هي المسؤولية التي تقع على الأشخاص الذين تسببوا في هذه المأساة؟ وما هي العبرة والعظة القانونية التي يمكن أن نأخذها من هذه الواقعة؟ وهل القانون قد تحسب لمثل هذه الوقائع، فأوجد لها تنظيماً محكماً أم أن ثمة ثغرات قانونية يتعين سدها حتى لا تحدث وقائع مماثلة مستقبلاً؟ وما هي المسؤولية القانونية للمأذون أو الموثق حال قيامه بالتوثيق دون اجراء الفحص الطبي السابق على الزواج؟ وهل يمكن مساءلته جنائياً إذا ترتب على الزواج إصابة الزوج الآخر بمرض معدي أو ولادة طفل مصاباً بمرض وراثي؟ وهل يمكن مساءلة الزوج نفسه، إذا أخفى واقعة إصابته بمرض معدي أو وراثي، وتم الزواج دون علم الطرف الآخر بهذا المرض؟
وفي الإجابة عن التساؤلات سالفة الذكر، نرى من الملائم بيان المراد بالفحص الطبي وتحديد الأمراض التي يرمي الفحص الطبي إلى التثبت والتحقق من وجودها. ومتى انتهينا من بيان المقصود بالفحص الطبي وتحديد الأمراض المعدية والوراثية، التي يمكن أن تنتقل من أحد الزوجين إلى الآخر أو تنتقل من أحدهما إلى الذرية، يبدو من الضروري محاولة الوقوف على خطة التشريعات المقارنة بشأن الفحص الطبي قبل الزواج، وما إذا كان ذلك لازماً أو اختيارياً. وسواء كان الفحص الطبي قبل الزواج لازماً أو اختيارياً، نرى من الملائم أيضاً بيان ما إذا كان ثمة تدابير تشريعية أو عقابية أو إدارية أخرى ارتأت التشريعات المقارنة الأخذ بها تحقيقاً للمصلحة المقصودة في هذا الصدد.
ماهية الفحص الطبي والأمراض المراد التثبت منها
في مملكة البحرين، تحدد المادة الأولى من القانون رقم (11) لسنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين المراد بالفحص الطبي، بنصها على أن المراد بهذه العبارة هو «الفحص الطبي للطرفين المقبلين على الزواج، ويشمل فحص بعض الأمراض الوراثية والمعدية والأمراض الأخرى التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير». وبناء على التفويض التشريعي الوارد في هذا النص، صدر القرار الوزاري رقم (2) لسنة 2004 بشأن تحديد الأمراض التي تخضع للفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين (الجريدة الرسمية – العدد 2667 – الأربعاء 29 ديسمبر 2004م). ووفقاً للمادة الأولى من هذا القرار، «تحدد الأمراض التي تخضع للفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين بما يلي: أ- فقر الدم المنجلي. ب- الثلاسيميا. ج- التهاب الكبد الفيروسي نمط (ب). د- الإيدز. هـ- الزهري».
وفي دولة الكويت، فإن البند (أولاً) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج، الصادر بالقرار الوزاري رقم (96) لسنة 2009م، قد تضمن التعريفات لبعض المصطلحات الواردة باللائحة. ووفقاً لهذا البند، فإن المقصود بمصطلح «الفحص قبل الزواج» هو «إجراء الفحص لراغبي الزواج لمعرفة وجود بعض الأمراض الوراثية وبعض الأمراض المعدية حسب ما سوف يرد باللائحة بغرض إعطاء المشورة الطبية حول إمكانية انتقال تلك الأمراض للطرف الآخر أو الأبناء في المستقبل وإعطاء الخيارات والبدائل أمام راغبي الزواج من أجل التخطيط لأسرة سليمة صحيا». وبناء على نتيجة هذا الفحص، يتحدد ما إذا كان الزواج آمناً أو غير آمن. إذ يكون الزواج آمناً «في حال إجراء الفحص الطبي لراغبي الزواج وفقًا لأحكام هذه اللائحة ويتبين أن نتائج الفحوصات المخبرية والتي أجريت سليمة». في المقابل، يكون الزواج غير آمن «في حال إجراء الفحص الطبي لراغبي الزواج وفقًا لأحكام هذه اللائحة ويتبين أن نتائج الفحوصات المخبرية التي أجريت غير سليمة». ويحدد البند (ثانياً) من اللائحة الأمراض التي يجري الفحص من أجل الكشف عنها، حيث يوجب «على راغبي الزواج إجراء الفحوصات الطبية بمركز الفحص الطبي قبل الزواج التي تفيد خلوهم من الأمراض التالية: 1- الأمراض المعدية: أ- نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) HIV. ب- التهاب الكبد الوبائي ب HBV. ج- التهاب الكبد الوبائي ج HCV. د- الزهري SYPHILIS. 2- أمراض الدم الوراثية: أ- الثلاسيميا THALASSEMIA. ب- فقر الدم المنجلي SICKLE CELL ANEMIA. 3- يجوز لوزير الصحة إصدار قرار وزاري بإضافة أية أمراض أخرى وفقًا لما تقتضيه المصلحة العامة».
الفحص الطبي قبل الزواج في خطة التشريعات المقارنة
باستقراء التشريعات المقارنة في هذا الشأن، يبدو سائغاً التمييز بين اتجاهات أربعة:
الاتجاه الأول: يستلزم إجراء فحص طبي قبل الزواج، مع تعميم هذا الشرط على زواج المواطنين وغير المواطنين. وقد انحاز المشرع المصري إلى هذا الاتجاه.
الاتجاه الثاني: يستلزم إجراء فحص طبي قبل الزواج، مع قصر نطاق تطبيق هذا الشرط على حالات زواج المواطنين، سواء كان الزواج بين مواطنين أو بين مواطن وأجنبية أو بين مواطنة وأجنبي. وقد ارتأت بعض التشريعات العربية من المناسب تبني هذا الاتجاه.
الاتجاه الثالث: الحث على إجراء الفحص الطبي قبل الزواج مع ترك الأمر اختيارياً. وهذا الاتجاه هو المطبق في المملكة العربية السعودية.
الاتجاه الرابع: يخلو من شرط إجراء الفحص الطبي قبل الزواج، مع إلزام الراغب في الزواج بإبلاغ الطرف الآخر بصدق عما إذا كان يعاني أمراضاً خطيرة قبل للزواج. وتتبنى بعض التشريعات المقارنة هذا الاتجاه.
اتجاه الإلزام بالفحص الطبي قبل الزواج مع تعميم ذلك على المواطنين وغير المواطنين
كما سبق أن قلنا، تتبنى معظم التشريعات العربية نهج الإلزام بالفحص الطبي قبل الزواج. وتطبق بعض التشريعات العربية هذا الشرط على حالات الزواج كافة، سواء كان الزوجان مواطنين أو أجنبيين أو كان الزواج مختلطاً بين مواطن وغير مواطن. ويندرج القانون المصري ضمن هذا الاتجاه. فوفقاً للمادة الحادية والثلاثين مكرراً من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994م، «لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة. ويشترط للتوثيق أن يتم الفحص الطبي للراغبين في الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على الزواج للتحقق من خلوهما من الأمراض التي تؤثر على حياة أو صحة كل منهما أو على صحة نسلهما، وإعلامهما بنتيجة هذا الفحص، ويصدر بتحديد تلك الأمراض وإجراءات الفحص وأنواعه والجهات المرخص لها به قرار من وزير الصحة بالاتفاق مع وزير العدل. ويعاقب تأديبياً كل من وثق زواجاً بالمخالفة لأحكام هذه المادة».
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، وطبقاً للمادة السابعة والعشرين من القانون الاتحادي رقم (28) لسنة 2005م في شأن الأحوال الشخصية، «1- يوثق الزواج رسمياً، ويجوز اعتباراً لواقع معين إثبات الزواج بالبينة الشرعية. 2- يشترط لإجراء عقد الزواج تقديم تقرير من لجنة طبية مختصة يشكلها وزير الصحة، يفيد الخلو من الأمراض التي نص هذا القانون على طلب التفريق بسببها. 3 -يتم توثيق عقد الزواج من المأذونين، ويصدر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف اللائحة الخاصة بهم». وتعليقاً على هذا النص، ورد في المذكرة الإيضاحية أنه: «وتفادياً لما قد ينشأ من خلافات أو ينتج من أمراض بسبب الجينات الوراثية أو يُكتشف من أنواع الأمراض المعدية أو الخطيرة أو المانعة من استقرار الحياة الزوجية، أو العوامل المسببة لأمراض وعلل في الأجيال القادمة، والتي يجوز لأحد الطرفين طلب التفريق بسببها أو يجب، فقد اشترطت الفقرة الثانية من المادة ضرورة إجراء فحص سابق لإجراء عقد الزواج، وعلق إجراء عقد الزواج بضرورة توافر شهادة تبين خلو الطرفين من تلك العيوب والأمراض، ومنعاً للتلاعب في الشهادات فقد أسندت هذه الفقرة أمر إصدار شهادات الخلو من تلك الأمراض إلى لجنة طبية مختصة يشكلها وزير الصحة. وإن ما اتجه إليه القانون من عدم إجراء العقد دون الحصول على تلك الشهادة مناطها مصلحة الأمة وأجيالها، ولا يمكن القول بجواز الإجراء دون التوثيق؛ إذ لا يتحقق حينئذٍ الحكمة التي من أجلها طلب هذه الشهادة».
وفي دولة قطر، وطبقاً للمادة الثامنة عشرة من قانون الأسرة رقم (22) لسنة 2006م، «يقدم كل من طرفي العقد للموثق شهادة من الجهة الطبية المختصة بمدى خلوه من الأمراض الوراثية، ومن الأمراض التي يصدر بتحديدها قرار من الهيئة الوطنية للصحة بالتنسيق مع الجهات المعنية، وعلى الموثق إخطار كل منهما بمضمون الشهادة الطبية المقدمة من الآخر قبل توثيق العقد. ولا يجوز للموثق الامتناع عن توثيق العقد بسبب نتائج الفحص الطبي، متى رغب الطرفان في إتمامه».
اتجاه الإلزام بالفحص الطبي قبل الزواج مع قصر ذلك على المواطنين
تتبنى بعض الدول العربية نهج الإلزام بالفحص الطبي قبل الزواج مع قصر نطاق تطبيق هذا الشرطة على حالات زواج المواطنين. فإذا كان الزوجان أجنبيين، فلا يوجد ثمة إلزام عليهم بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج. ففي مملكة البحرين، على سبيل المثال، صدر القانون رقم (11) لسنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين (الجريدة الرسمية – مملكة البحرين – العدد 2640 – الأربعاء 23 يونيو 2004م). وبمطالعة المادة الثالثة، يبدو واضحاً أن الالتزام بالفحص الطبي السابق على الزواج قاصر على المواطنين دون سواهم، حيث تنص هذه المادة على أن «يجب على من يقبل على الزواج من مواطني مملكة البحرين – ولو كان الطرف الآخر غير بحريني – أن يخضع كل من طرفي العقد لإجراءات الفحص الطبي، وذلك وفقاً للقواعد والضوابط والإجراءات التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير». أما المادة الخامسة من القانون، فتنص على أن «يجب على المكلفين بإبرام عقود النكاح في مملكة البحرين التأكد من أن طرفي العقد قد أجريا الفحص الطبي قبل الزواج وذلك بالاطلاع على الشهادة التي تفيد ذلك والصادرة من الوزارة أو المعتمدة منها، وإثبات رقم وتاريخ هذه الشهادة في العقد». وبناء على المادة السابعة، والتي تخول لوزير الصحة سلطة إصدار اللوائح والقرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون، صدر القرار الوزاري رقم (3) لسنة 2004 بشأن القواعد والضوابط والإجراءات الخاصة بالفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين (الجريدة الرسمية – العدد 2667 – الأربعاء 29 ديسمبر 2004م). وطبقاً للمادة الأولى منه، «يقوم الطرفان المقبلان على الزواج بملء بيانات استمارة الفحص الطبي قبل الزواج المخصصة لذلك بالمراكز الصحية». وتنص المادة الثانية على أن «يتم فحص الطرفين المقبلين على الزواج في وقت متزامن في أحد المراكز الصحية المسجل فيها أي منهما». وتنص المادة الثالثة على أن «يقوم الموظف المختص بالمركز الصحي بتسليم نسخة من شهادة الفحص الطبي قبل الزواج للطرفين التي تفيد بأنهما قد أجريا الفحص الطبي ونوقشت نتائج الفحص معهما مجتمعين، وفي الحالات التي تستدعى النصح الوراثي أو العلاجي أو المتابعة فإنه لا يتم تسليم نسخة من شهادة الفحص الطبي إلا بعد إجراء اللازم من قبل مجمع السلمانية الطبي». وتنص المادة الرابعة على أن «يجوز لمكتب التسجيل والتراخيص بالوزارة السماح لبعض المستشفيات والعيادات الحكومية والخاصة المستوفية للشروط بفحص الطرفين المقبلين على الزواج في وقت متزامن واعتماد شهادة الفحص الطبي من المركز الصحي التابع له أي من الطرفين».
وفي دولة الكويت، صدر القانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج (الكويت اليوم، العدد 899 – السنة الرابعة والخمسون، الأحد 2 ذو الحجة 1429هـ – الموافق 30 نوفمبر 2008م). وجدير بالذكر أن ديباجة هذا القانون تشير إلى القانون رقم (5) لسنة 1961 بتنظيم العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي، الأمر الذي يمكن أن يكون ذا دلالة فيما يتعلق بالاتجاه التشريعي الذي تبناه المشرع الكويتي من حيث قصر الالزام بإجراء الفحص الطبي على المواطنين. وطبقاً للمادة الأولى من القانون، «على راغبي الزواج إجراء الفحوصات الطبية التي تفيد خلوهم من الأمراض المعدية والوراثية التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة. ويثبت ذلك بشهادة صحية يبين فيها أن الزواج آمن أو غير آمن تصدرها وزارة الصحة وتحدد فترة صلاحية هذه الشهادة بستة أشهر من تاريخ الإصدار». ووفقاً للمادة الثانية، «لا يجوز للمأذون إبرام عقد الزواج، كما لا يجوز لأي جهة أخرى توثيقه إلا بعد تقديم الشهادة المشار إليها في المادة الأولى فإن كانت نتيجة الشهادة أن الزواج غير آمن أرفق معها إقرار من الطرفين بعلمهما وموافقتهما على إتمام عقد النكاح ولا يعتد في هذه الحالة بموافقة من لم تبلغ سن الرشد ولا يحق لوليها في هذه الحالة».
وبالاطلاع على المذكرة الإيضاحية للقانون رقم (31) لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج، نجدها تشير إلى فوائد الفحص الطبي قبل الزواج، مؤكدة أنه «مما لا شك فيه أن رابطة الزواج من أسمي الروابط وأن صالح المجتمع أن يبنى هذا الزواج على أسس سليمة حتى يؤتي ثماره وهي الذرية الصالحة النافعة التي تفيد المجتمع، وإذا كان ذلك وكان العصر الحالي قد شهد العديد من الأمراض والأعراض التي تؤثر سلباً على الزواج، لذا أعد هذا القانون الذي نص في المادة الأولى منه على إلزام كل من يرغب في الزواج التأكد من خلوه من أي عارض مرضي قد يظهر عليه، ويكون ذلك بمراجعة وزارة الصحة لاستخراج شهادة بذلك. وحظر في المادة الثانية إبرام عقود الزواج بدون الحصول على الشهادة بالخلو من المانع الصحي ما لم يقدم راغباً الزواج إقراراً وموافقة منهما بالعلم والرضاء بالحالة الصحية لكل منهما، ولا يعتد في هذه الحالة بموافقة من لم تبلغ سن الرشد ولا يحق لوليها تمثيلها في هذه الحالة.
ورغم أن عبارات المشرع الكويتي قد جاءت عامة، بحيث تدل على وجوب تطبيق الفحص الطبي على حالات الزواج كافة، وسواء كان الأطراف مواطنين أو أجانب أو كان الزواج مختلطاً بين مواطنين وأجانب، فإن اللائحة التنفيذية للقانون تقصر إلزامية الفحص الطبي على المواطنين دون سواهم. بيان ذلك أن القانون الكويتي في المادة الثالثة منه ألزم وزير الصحة بإصدار اللائحة التنفيذية مبيناً أنواع الفحص المطلوب في هذه الحالات وإجراءاته. وبناء على ذلك، صدرت اللائحة التنفيذية للقانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج، بالقرار الوزاري رقم (96) لسنة 2009م. ويحدد البند (ثالثاً) من اللائحة، معدلاً بموجب القرار الوزاري رقم (10) لسنة 2019م، إجراءات الفحص الطبي قبل الزواج، بنصه على أن «1- يتقدم راغبي الزواج إذا كان طرفي العلاقة كويتي أو أحدهما لأحد مراكز الفحص الطبي قبل الزواج بعد تقديم الأوراق الثبوتية اللازمة بطلب إجراء الفحص الطبي لكل منهما بعد تعبئة وتوقيع الاستمارة المخصصة لهذا الغرض من قبل كل طرف بما يفيد صحة المعلومات والبيانات المقدمة من كل منهما وتقيد بالمركز برقم مسلسل. 2- في حال إقرار أي من الطرفين بوجود أية أمراض وراثية لديه يتم تحويلهما لمركز الأمراض الوراثية بعد أخذ عينات الدم منهما لإجراء الفحص الطبي قبل الزواج، وذلك لإجراء الفحوصات اللازمة المتعلقة بأمراض الوراثة ومن ثم تعطي الإرشادات اللازمة لهما، وفي حال إقرار الطرفين على الاستمرار في إجراءات الفحص الطبي الأخرى رغم علمهما اليقيني بوجود أمراض وراثية، يوقع الطرفين إقراراً بعلمهما بذلك. 3- يتم أخذ عينات الدم من كلا الطرفين بعد التأكد من شخصيتهما ويعطى كل منهما إيصالاً للمراجعة بعد خمسة أيام عمل على الأقل، وترسل العينات لمختبرات الفحص بالجهة المختصة في الوزارة لإجراء الفحوصات الطبية المخبرية لأمراض الدم الوراثية والأمراض المعدية وفقًا للبند ثانياً وبأرقام سرية تحدد بالاتفاق بين المركز والمختبرات. 4- ترسل النتائج لمركز الفحص الطبي قبل الزواج بعد اعتمادها من طبيب المختبرات المختص».
وطبقاً للبند (خامساً) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج، بالقرار الوزاري رقم (96) لسنة 2009م، وتحت عنوان «أحكام عامة»، «1- لا يجوز إبرام عقد الزواج، كما لا يجوز لأي جهة توثيقه إلا بعد إجراء الفحوصات الطبية المخبرية واتباع الإجراءات الواردة في هذه اللائحة. 2-… 3-…. 4- يجب إثبات الشخصية لراغبي الزواج في كل المراحل المختلفة بإجراءات الفحص الطبي قبل الزواج ويتم تقديم أصل إثبات الشخصية ولا يعتد بصورة إثبات الشخصية.
5-… 6-…».
كذلك، ووفقاً للقرار الوزاري رقم 173 لسنة 2009م، فقد تقرر أن يكون تطبيق القانون رقم 96 لسنة 2009م ولائحته التنفيذية في مراحله الأولى (على كل كويتي أو كويتية راغبي الزواج).
اتجاه الحث على إجراء الفحص الطبي قبل الزواج مع ترك الأمر اختيارياً
باستقراء الوضع القانوني في المملكة العربية السعودية، يلاحظ أن المشرع السعودي قد انحاز إلى جعل الأمر اختيارياً للأطراف مع حث الأفراد على الخضوع للفحص الطبي قبل إبرام عقد الزواج وتوعيتهم بأهمية الفحص. ولعل ذلك يبدو جلياً من مطالعة قرار مجلس الوزراء رقم 5 بتاريخ 4/ 1/ 1423هـ بتنظيم حملة توعية صحية عبر القنوات الإعلامية توضح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج وخطورة الأمراض المعدية والوراثية (أم القري، العدد 3889، السنة 79، الجمعة 20 صفر 1423 هـ الموافق 3 مايو 2002م). وقد صدر هذا القرار بناء على التوصيات التي توصلت إليها اللجنة المشكلة بالأمر السامي رقم (7/ 1489/ م) بتاريخ 20/ 8/ 1416هـ المكلفة بدراسة إمكانية تطبيق الضوابط الصحية للزواج على جميع السعوديين قبل الزواج. وقد وردت هذه التوصيات في محضر الاجتماع المنعقد بتاريخ 14/ 6/ 1419هـ من قبل اللجنة المشكلة بموجب الأمر السامي رقم (7/ 1489/ م) بتاريخ 20/ 8/ 1416هـ. كذلك، صدر هذا القرار بعد الاطلاع على المحضر المعد في هيئة الخبراء رقم (251) بتاريخ 6/ 6/ 1422هـ، وبعد الاطلاع على توصية اللجنة العامة لمجلس الوزراء رقم (472) بتاريخ 14/ 11/ 1422هـ. وبالاطلاع على نصوص القرار ذاته، نجده يتضمن أربعة بنود. وبموجب البند الأول منه، قرر مجلس الوزراء أن ثمة التزام «على وزارة الصحة القيام بالآتي: 1- تنظيم حملة توعية صحية عبر القنوات الإعلامية توضح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج وخطورة الأمراض المعدية والوراثية، وذلك على مدى ثلاث سنوات. 2- تجهيز المختبرات وتأهيلها وتوفير الأجهزة والتدريب عليها في جميع المناطق لتسهيل عمليات إجراء الفحوص المخبرية عن الأمراض التي ترى وزارة الصحة ضرورة الفحص عنها، بما في ذلك الأمراض المعدية والأمراض الوراثية. 3- إجراء الفحص الطبي قبل الزواج لمن يرغب في ذلك من السعوديين، وتوخي السرية التامة في توثيق هذه المعلومات وحفظها وتداولها. 4- التنسيق مع وزارة العدل، من أجل قيام مأذوني الأنكحة بإيضاح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج». وبمقتضى البند (ثانياً)، قرر مجلس الوزراء اعتماد مبلغاً مقداره خمسة ملايين ريال يضاف إلى ميزانية وزارة الصحة للصرف منه على ما أُشير إليه في الفقرتين (1، 2) أعلاه، حسب الإجراءات التي يُتفق عليها بين وزارة الصحة ووزارة المالية والاقتصاد الوطني. وبالإضافة إلى ذلك، وبموجب البند (ثالثاً)، قرر مجلس الوزراء أن «يضاف سنوياً إلى ميزانية وزارة الصحة مبلغ قدره (500000) خمسمائة ألف ريال يخصص للكواشف المخبرية اللازمة لإجراء الفحوصات المشار إليها». وللوقوف على نتائج تنفيذ القرار، وبموجب البند (رابعاً) منه، تقرر أن «ترفع وزارة الصحة بعد مضي ثلاث سنوات تقريراً إلى مجلس الوزراء بنتائج تنفيذ هذا القرار».
كذلك، صدر قرار مجلس الوزراء رقم 132 وتاريخ 24/1/1423هـ القاضي بقيام وزارة الصحة بتنظيم حملة توعية صحية لفوائد الفحص الطبي قبل الزواج على مدى ثلاث سنوات وكذلك تجهيز المختبرات وإجراء الفحوصات لمن يرغب والتنسيق في ذلك مع وزارة العدل من أجل قيام مأذوني الأنكحة بإيضاح فوائد ذلك. وطبقاً لما ورد في هذا القرار، يتعين على وزارة الصحة القيام بالآتي:
1- تنظيم حملة توعية صحية عبر القنوات الإعلامية توضّح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج وخطورة الأمراض المعدية والوراثية، وذلك على مدى ثلاث سنوات.
2- تجهيز المختبرات وتأهيلها وتوفير الأجهزة والتدريب عليها في جميع المناطق لتسهيل عمليات إجراء الفحوص المخبرية عن الأمراض التي ترى وزارة الصحة ضرورة الفحص عنها، بما في ذلك الأمراض المعدية والأمراض الوراثية.
3- إجراء الفحص الطبي قبل الزواج لمن يرغب في ذلك من السعوديين، وتوخي السرية التامة في توثيق هذه المعلومات وحفظها وتداولها.
4- التنسيق مع وزارة العدل، من أجل قيام مأذوني الأنكحة بإيضاح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج.. إلخ.
وبناء على ذلك، صدر تعميم وزير العدل السعودي رقم 13/ ت/ 2358 بتاريخ 29/ 1/ 11/ 1424هـ بشأن الفحص الطبي قبل الزواج، والذي يقضي بإلزام طرفي عقد النكاح بإحضار شهادة الفحص الطبي قبل إجراء العقد (تعاميم مجلة العدل – العدد الثاني والعشرون- ربيع الآخر 1425هـ – ص 238). ويشير التعميم إلى خطاب الأمين العام لمجلس الوزراء رقم 3118 في 8/ 11/ 1424هـ المتضمن أن مجلس الوزراء بحث خلال جلسته المنعقدة بتاريخ 6/ 11/ 1424هـ ما عرضتموه بخطابكم رقم 72638/ 24 في 6/ 11/ 1424هـ بشأن إلزام طرفي عقد النكاح بإحضار شهادة الفحص الطبي قبل إجراء العقد، وأن يكون هذا الإجراء أحد متطلبات تدوين العقد مع ترك حرية إتمام الزواج لصاحبي العقد بصرف النظر عن نتيجة الفحص الطبي متى ما شاء ذلك، وأن يقوم كل من وزير العدل ووزير الصحة بإيضاح المزيد من المعلومات للمواطنين حول فوائد هذا الفحص، وخطورة الأمراض المعدية الوراثية.
وفي سلطنة عمان، يبدو أن المشرع يشجع على إجراء الفحص الطبي قبل الزواج، ولكن دون أن يصل الأمر إلى حد الإلزام بإجراء الفحص. ولعل ذلك هو المعنى المستفاد من المادة الثالثة من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل رقم 22 لسنة 2014م، الصادرة بقرار وزارة التنمية الاجتماعية رقم 125 لسنة 2019م، بنصها على أن «تتولى وزارة الصحة تحديد آليات إجراء الفحص الطبي للراغبين في الزواج، وذلك للتأكد من خلوهم من الأمراض الوراثية، والمعدية، والمزمنة، وتحديد المؤسسات الصحية التي يتم فيها إجراء الفحص وتجهيزها بالأجهزة والأدوات اللازمة وتوفير الكادر الطبي اللازم، والتنسيق مع الجهات المعنية في شأن خدمات الإرشاد الصحي لإجراء الفحص للراغبين في الزواج».
اتجاه الإلزام بإبلاغ الطرف الآخر عما إذا كان يعاني أمراضاً خطيرة قبل للزواج
في يوم الاثنين الموافق الرابع من يناير 2021م، قررت محكمة في منطقة مينهانغ في شنغهاي شرقي الصين إلغاء الزواج الذي لم يستمر سوى بضعة أشهر، بناء على الدعوى التي أقامتها الزوجة، حيث اتهمت زوجها بالخداع، بأن أخفى عنها عمدا إصابته بمرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) قبل عقد قرانه عليها. وقالت الزوجة في دعواها إنها «لا تستطيع تقبل حقيقة أن زوجها مصاب بالإيدز»، رغم أن حالته تحت السيطرة حسبما قالت المحكمة. وقد صدر الحكم رغم أن الزوجة لم تصب بالإيدز، علما بأنها حملت من زوجها ثم تخلصت من الجنين عبر عملية إجهاض. وكانت الزوجة «لي» قد تعرفت على زوجها «جيانغ» عبر صديق مشترك، وسرعان ما توطدت العلاقة بينهما حتى تزوجا في يونيو 2020م. وقالت المحكمة إنه «بعد فترة وجيزة من الزواج، اعترف الرجل لزوجته بأنها مصاب بالإيدز ويخضع للعلاج». وأضافت أن الزوج «جيانغ» أكد أنه «يكاد يكون من المستحيل انتقال المرض إلى زوجته وطفلهما»، لكن الزوجة «لي» قالت إنها «غير قادرة على قبول حالة زوجها». وأوضحت المحكمة أنه «رغم أن لي شعرت أنها كانت تربطها مع شريكها علاقة جيدة، فإنها أجرت عملية إجهاض بعد الكثير من المشاورات، ثم سعت لإلغاء زواجهما عبر المحكمة».
وجدير بالذكر ان هذه القضية واحدة من أوائل الخلافات الزوجية التي تم الفصل فيها بموجب القانون المدني الجديد في الصين، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يناير 2021م، ليحل محل قانون الزواج السابق. وينص القانون الجديد على أنه «يجب على المتزوجين الإبلاغ بصدق عما إذا كانوا يعانون أمراضا خطيرة قبل للزواج»، أما القانون السابق فلم يدرج الإيدز في قائمة الأمراض التي يمكن أن تؤدي إلى فسخ عقد الزواج.
التوعية الإعلامية بأهمية الفحص الطبي قبل الزواج
في مملكة البحرين، تنص المادة الثانية من القانون رقم (11) لسنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين على أن «تتولى الوزارة (أي وزارة الصحة) بالتنسيق مع أي جهة معنية أخرى القيام بما يلي: أ- وضع الضوابط والتعليمات التي تمكنها من تقديم خدماتها بيسر وكفاءة وسرية تامة في مجال الفحص الطبي. ب- وضع البرامج اللازمة لتوعية وتوجيه وإرشاد المقبلين على الزواج إلى أهمية إجراء الفحص الطبي. ج- توفير الإمكانيات الطبية اللازمة لمعالجة ما يمكن علاجه من الأمراض التي قد تؤثر مستقبلاً على الصحة الإنجابية».
الآثار القانونية للفحص الطبي
في دولة الكويت، وتحت عنوان «نتائج الفحوصات الطبية المخبرية»، وبموجب البند (رابعا) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج، الصادرة بالقرار الوزاري رقم (96) لسنة 2009م، تحدد الحكم القانوني واجب الاتباع، مع التمييز في هذا الشأن بين ما إذا كانت النتائج سليمة للطرفين أم كانت غير سليمة.
ففي الحالة الأولى، أي إذا ظهرت نتائج الفحوصات الطبية المخبرية التي أجريت لراغبي الزواج وتبين أنها سليمة للطرفين، يصدر المركز الطبي للفحص قبل الزواج شهادة إتمام الفحص الطبي قبل الزواج والتي يثبت فيها أن الزواج آمن لتقديمها لوزارة العدل لإتمام إجراءات عقد الزواج ولا تسلم تلك الشهادة إلا لصاحبي الشأن (راغبي الزواج) أو وكيله وتكون برقم مسلسل بسجلات المركز.
أما في الحالة الأخرى، أي إذا ظهرت نتائج الفحوصات الطبية المخبرية التي أجريت لراغبي الزواج وثبت أنها غير سليمة، يقوم الطبيب المختص في مركز الفحص الطبي قبل الزواج بإعطاء المشورة الطبية اللازمة لكلا الطرفين، ويصدر شهادة الفحص الطبي قبل الزواج والتي يثبت فيها أن الزواج غير آمن. وفي حالة رغبة الطرفين راغبي الزواج بالاستمرار في إتمام عقد الزواج رغم علمهما بأن الزواج غير آمن، وبعد تقديم المشورة الطبية لهما، يتم توقيعهما على إقرار بموافقتهما وإقرارهما بإتمام عقد الزواج رغم علمهما بأن نتائج الفحص الطبي أثبتت أن الزواج غير آمن، ويعطي نسخة من ذلك التعهد للطرفين لتقديمهما لوزارة العدل لتوثيق عقد الزواج ويرفق هذا الإقرار مع شهادة الفحص الطبي قبل الزواج. وينص البند (خامساً) من اللائحة ذاتها أنه «في حال ظهور نتائج الفحوصات الطبية المخبرية التي أجريت لراغبي الزواج وثبت أنها غير سليمة لا يعتد بموافقة وإقرار من لم تبلغ سن الرشد على إتمام عقد الزواج كما لا يجوز لوليها تمثيلها في هذا الإقرار».
وبمقتضى البند (خامساً) من اللائحة ذاته، وضمن الأحكام العامة، توجب اللائحة أنه «في حالة بيان أن نتائج الفحوصات المخبرية غير سليمة لأحد الطرفين يوقع ذلك الطرف على تعهد يتضمن موافقته بإبلاغ الطرف الآخر بنتيجة الفحص وذلك عند رغبته في إتمام الزواج وفي تلك الحالة يجمع الطرفين ويبلغ الطرف الآخر بنتائج الفحوصات وعند رغبة الطرفين على إتمام الزواج يوقع الطرفين على تعهد بعلمهما بذلك ولا يعتد في تمثيل وكيل أي منهما في هذه الحالة».
مدة صلاحية شهادة الفحص الطبي
في دولة الكويت، وطبقاً للبند (خامساً) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج، الصادرة بالقرار الوزاري رقم (96) لسنة 2009م، «مدة الشهادة ستة أشهر لطرفي الزواج يتم الزواج خلالها لنفس الأطراف (راغبي الزواج) الذين تم فحصهما، ولا تسري تلك المدة للشهادة في حالة تغيير أحد أطراف راغبي الزواج، وفي هذه الحالة يجب إجراء فحص طبي جديد».
وفي المملكة العربية السعودية، صدر تعميم وزارة العدل رقم 13/ ت/ 3761 بتاريخ 16-10-1430هـ بشأن تحديد مدة صلاحية الفحص بستة أشهر على أن يعاد بعدها فحوصات الأمراض المعدية فقط. وقد صدر هذا التعميم بناء على كتاب مدير عام الإدارة العامة للأمراض غير المعدية رقم 1077/ 64 وتاريخ 20/ 6/ 1430هـ المتضمن أن اللجنة العلمية لبرنامج الزواج الصحي قد حددت مدة صلاحية الفحص بـ (ستة أشهر) على أن تعاد بعدها فحوصات الأمراض المعدية فقط. ومن ثم، يؤكد التعميم على مأذوني عقود الأنكحة بعدم إجراء عقد النكاح بعد مضي (ستة أشهر) على تاريخ الفحص الطبي حتى يتم إعادة فحوصات الأمراض المعدية فقط.
التزام الأطباء بتقديم العون والنصيحة والإرشاد إلى المقبلين على الزواج
توجب المادة الرابعة من القانون البحريني رقم (11) لسنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين «على الأطباء المختصين بإجراء الفحص الطبي أن يقوموا – استناداً إلى نتائج الفحص الطبي – بتقديم العون والنصيحة والإرشاد إلى الطرفين المقبلين على الزواج».
جريمة إفشاء سرية المعلومات الناجمة عن الفحص
درءاً للخشية التي قد تنشأ لدى المخاطبين بأحكام هذا القانون، وبث الطمأنينة لديهم بعدم إفشاء أسرارهم، تنص المادة الرابعة من القانون الكويتي رقم (31) لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج على أنه «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر يعاقب كل من أفشى سراً يتعلق بشهادة الفحص المنصوص عليها في المادة الأولى من هذا القانون بالحبس مدة لا تجاوز سنة والغرامة التي لا تجاوز ألف دينار كويتي إحدى هاتين العقوبتين». وتعليقاً على هذا النص، ورد في المذكرة الإيضاحية ما يلي: حفاظاً على سرية المعلومات التي تضمنتها هذه الشهادة فرض القانون عقاباً على من أفشى سرية هذه المعلومات. وضماناً لالتزام المأذونين والموثقين بتطبيق أحكام المادة الثانية فرض القانون عقاباً على من يخالف منهم أحكام المادة الثانية».
جريمة توثيق عقد الزواج بدون إجراء فحص طبي سابق
لضمان التقيد بما ورد في القانون من أحكام، ونظراً للدور المحوري الذي يقوم به المأذون والموثق في تطبيق أحكام القانون، تنص المادة الخامسة من القانون الكويتي رقم (31) لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج على أن «يعاقب المأذون أو الموثق الذي يخالف أحكام المادة الثانية بالحبس مدة لا تجاوز سنة والغرامة التي لا تجاوز ألف دينار كويتي أو إحدى هاتين العقوبتين».
وفي مملكة البحرين، تنص المادة السادسة من القانون رقم (11) لسنة 2004 بشأن الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين على أنه «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات، أو أي قانون آخر، يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة دينار كل من يخالف أحكام المادتين (3، 5) من هذا القانون».
خلافاً لذلك، لم يقرر المشرع المصري عقوبة جنائية للمأذون الذي يبرم عقد زواج دون إجراء الزوجين أو أحدهما الفحص الطبي السابق على الزواج، مكتفياً بتقرير مسئوليته التأديبية. إذ ينص عجز المادة الحادية والثلاثون مكرراً من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994م على أن «يعاقب تأديبياً كل من وثق زواجاً بالمخالفة لأحكام هذه المادة».
حكم الزواج المبرم في دولة أجنبية دون إجراء الفحص الطبي
رغم توافر الإلزام القانوني في بعض الدول بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج، فإن المقبلين على الزواج قد يقوموا بإبرام العقد في بلد أجنبي لا يستلزم إجراء هذا الفحص. وقد سبق لمحكمة النقض في إمارة أبو ظبي أن تعرضت لهذه المسألة. وفي ذلك، تقول المحكمة: «وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ويبين ذلك فيما حاصله وجهان: الوجه الأول: أن المطعون ضدها قدمت للمحكمة صورة من عقد الزواج الذي قالت إنه تم بينها هي والطاعن في بريطانيا ولم تقدم أصله رغم مطالبة الطاعن بذلك أمام المحكمة، وأقرت بأن وليها لم يحضر عقد الزواج فصار عقد الزواج غير ثابت لعدم تقديم أصله، وباطلاً لانعدام الولي الذي هو أحد أركان النكاح خاصة، أن الإجراءات المنصوص في شأن غياب الولي وفي شأن التقرير الطبي السابق لإبرام العقد لم تتم مراعاتها، ورغم هذا قضى الحكم المطعون فيه بثبوت الزواج المذكور مما يجعله معيباً واجب النقض. وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الثابت من محضر جلسة محكمة الاستئناف المطعون في حكمها المنعقدة بتاريخ 18/6/2008 أن المطعون ضدها قدمت أصل الإشهاد بالزواج بينها وبين الطاعن الذي عقد في المركز الإسلامي في بريطانيا مختوماً من طرف المركز ختماً تم التصديق عليه من طرف وزارة الخارجية ومترجماً ترجمة قانونية، وطلبت الاطلاع عليه ثم أعادته إليها فتمت مقارنة الأصل الذي قدمته بالصورة الموجودة بالملف فجاء مطابقًا لها، ثم أعيد الأصل إلى المطعون ضدها وعليه يكون هذا العقد الذي قدمت المطعون ضدها أصله كافياً في ثبوت ما تدعيه من أن الطاعن تزوجها أمام المركز الإسلامي البريطاني الذي تم تحرير عقد الزواج فيه على الطريقة المتبعة هناك وأثبت هذا المستند توفر جميع أركان الزواج الصحيح باستثناء الولي الذي لم يرد في المستند ما يشير إليه، وبذلك يكون هذا الزواج ثابتًا إلا أنه زواج فاسد لعدم ثبوت وجود الولي فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه بثبوت الزواج الذي تدعيه المطعون ضدها على هذا المحرر فإنه يكون إلى هذا الحد مصيباً إذ لا يمنع فساد النكاح بسبب انعدام الولي من الحكم بثبوته لأن هناك نتائج تترتب على ثبوت النكاح ولو كان فاسداً منها لحوق النسب، كما أن عدم وجود ما يثبت صدور التقرير الطبي المنصوص عليه في المادة 27/2 من قانون الأحوال الشخصية قبل إبرام عقد الزواج لا يستلزم عدم صدوره أصلاً لأن الإشارة إليه في وثيقة النكاح ليست شرطاً فيها، كما أن عقد النكاح مع انعدام هذا التقرير لا يعتبر شرعاً فاسداً لأنه إجراء وقائي لم يرتب القانون على الإخلال به بطلاناً، ومن ثم يكون هذا النعي حرياً بالرفض» (حكم نقض أبو ظبي، دائرة الأحوال الشخصية، الطعن رقم 524 لسنة 2008م).
أما في دولة الكويت، فإن البند (خامساً) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 31 لسنة 2008 بشأن الفحص الطبي للراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج، الصادرة بالقرار الوزاري رقم (96) لسنة 2009م، تنص على أن «تخطر كافة سفارات دولة الكويت بالخارج كما تخطر وزارة الخارجية بعدم التصديق على عقود زواج المواطنين إلا بعد إجراء الفحص الطبي وفقًا لأحكام القانون رقم 31 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية الواردة بهذا القرار».