الفضالة في رفع الدعوى

بقلم: الأستاذ/ مختار عادل

الفضالة كما عرفتها المادة 188 من القانون المدني هي:

“أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر، دون أن يكون ملزماً بذلك”.

وتوسع نص المادة 189 من ذات القانون في تعريف الفضالة إلى:

“تتحقق الفضالة ولكن الفضولي أثناء توليه شأن لنفسه قد تولى شأن غيره لما بين الشأنين من ارتباط لا يمكن معه القيام بأحدهما منفصلا عن الآخر”.

ومن هذا التعريف يمكن حصر أركان الفضالة في ثلاث أركان هي:

1-      أن يقوم الفضولي بشأن عاجل لشخص آخر (الركن المادي).

2-      أن يقصد الفضولي في قيامه بهذا الشأن العاجل مصلحة رب العمل (الركن المعنوي).

3-      ألا يكون الفضولي ملتزما بالشأن العاجل ولا موكولاً فيه ولا منهياً عنه (الركن القانوني).

والشأن العاجل قد يكون عملا مادياً، أو تصرفاً قانونياً وفي الحالتين يشترط أن يكون عاجلاً.

ويستوي في التصرف القانوني أن يكون من أعمال الإدارة أو من أعمال التصرف، ومن صور قيام الفضولي بتصرف قانوني باسم رب العمل ولحسابه: أن يقبل الفضولي هبة صدرت من الواهب لرب العمل، أو أن يؤجر عيناً شائعة بينه وبين رب العمل، أو أن يبيع محصولات زراعية لرب العمل قبل تلفها، أو أن يفي بضريبة واجبة لرب العمل توقياً للحجز الإداري.

الفضالة في التقاضي:

يثور التساؤل عن مدى صحة الفضالة في التقاضي كأن يقوم الفضولي برفع دعوى باسم ولحساب رب العمل، أو يقوم بالطعن في حكم صدر ضده، أو أن يستشكل في حجز على منقولاته؟

للإجابة على هذا التساؤل يجب التفرقة بين عدة حالات أولها الفضالة في الترافع أمام القضاء، وثانيها الفضالة في رفع الدعوى، وآخرها الفضالة في الطعن على الأحكام القضائية.

1-      الفضالة في الترافع أمام القضاء.

وضعت المادة 702 من القانون المدني شرط الترافع أمام القضاء، ونظمت المادتين 72 و73 من قانون المرافعات إجراءات المثول أمام القضاء عن الخصوم على النحو الآتي:

تنص الفقرة الأولى من المادة 702 من القانون المدني على أنه:

“لا بد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة، وبوجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم وتوجيه اليمين والمرافعة أمام القضاء”.

وتنص المادة 72 من قانون المرافعات على أنه:

“في اليوم المعين لنظر الدعوى يحضر الخصوم بأنفسهم أو يحضر عنهم من يوكلونه من المحامين وللمحكمة أن تقبل في النيابة عنهم من يوكلونه من أزواجهم أو أقاربهم أو أصهارهم إلى الدرجة الثالثة”.

وتنص المادة 73 من ذات القانون على أنه:

“يجب على الوكيل أن يقرر حضوره عن موكله وأن يثبت وكالته عنه وفقاً لأحكام قانون المحاماة، وللمحكمة عند الضرورة أن ترضى للوكيل في إثبات وكالته في ميعاد تحدده على أن يتم ذلك في جلسة المرافعة على الأكثر”.

ولما كان الركن الثالث من أركان الفضالة قد اشترط ألا يكون الفضولي منهياً عن القيام بالشأن العاجل، وكان نص المادة 702 من القانون المدني قد نهى عن الترافع أمام القضاء إلا بوكالة خاصة عن الخصم في الدعوى، الأمر الذي لا تقوم معه الفضالة في الترافع أما القضاء.

2-      الفضالة في رفع الدعوى:

استقرت أحكام محكمة النقض على أنه:

“الوكالة ليست شرطاً لرفع الدعوى إيذاناً ببدء استعمال الحق في التقاضي باعتبار أن هذا الحق رخصة لكل فرد في الالتجاء إلى القضاء”.

(الطعن رقم 593 لسنة 55 قضائية – جلسة 4/1/1990 – س 41 ص 120 ق 27)

وحيث أن الشأن العاجل الذي يقوم به الفضولي باسم رب العمل يستوي فيه أن يكون مادياً أو تصرفاً قانونياً طالما أن الفضولي قد قصد القيام به لمصلحة رب العمل، وكان الشأن العاجل ليس ملزماً به الفضولي (برابطة تعاقدية) وليس موكولا فيه، وليس منهياً عنه سواء من رب العمل أو بحكم القانون.

وحيث أن القانون لم يشترط وكالة خاصة في رفع الدعوى، فإذا قام شأن عاجل لشخص يستلزم رفع دعوى جاز لآخر فضولي أن يقوم برفع الدعوى طالما أنه ليس ملزماً بالقيام بهذا الإجراء ولا وكيلا عنه ولم يمنعه رب العمل من القيام بهذا الشأن.

وتطبيقاً لذلك في الدعوى التي باشرها مكتبنا (مختار عادل مختار المحامي) قضت محكمة تنفيذ الإسكندرية في الدعوى رقم 838 لسنة 2019 تنفيذ شرق الإسكندرية قبول إشكالاً أقامته زوجة المحكوم ضده، وقت اتخاذ إجراءات الحجز على منقولات زوجها، وقالت المحكمة أن الزوجة التي أقامت الأشكال لصالح زوجها هي فضولية عنه.

3- الفضالة في الطعن على الأحكام:

تنص المادة 211 من قانون المرافعات على أنه:

” لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قبل الحكم أو ممن قضى له بكل طلباته ما لم ينص القانون على غير ذلك”.

إذن يشترط في الطاعن الشروط الآتية:

1-      أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم.

2-      أن يكون محكوماً عليه.

3-      ألا يكون قد قبل الحكم صراحة أو ضمناً.

ظاهر النص يوحى بأنه لا فضالة في الطعن في الأحكام، ولكن حقيقة الأمر أن القانون لم يمنع الفضولي من الطعن في الأحكام ونستدل على ذلك بالآتي:

  • الفضولي حينما يقوم بالطعن في الحكم إذا وجد شأن عاجل يبرر ذلك كأن يتخذ المحكوم له إجراءات التنفيذ على أموال المحكوم عليه، وتوافرت باقي أركان الفضالة فإنه لا يطعن فيه لحسابه الشخصي وإنما لصالح المحكوم عليه وهذا هو جوهر الفضالة، فالطعن هنا يرتب أثره في جانب المحكوم عليه لا في جانب الفضولي، وهذا هو الحكم المنصوص عليه في المادة 195 من القانون المدني (يعتبر الفضولي نائب عن رب العمل…..) وهو ما يتفق مع النص المتقدم.
  • القانون لم يشترط الوكالة في رفع الدعوى والطعن وإنما اشترط الوكالة في تمثيل الخصوم أو الترافع عنهم أمام القضاء، وبالتالي فإن الفضولي ليس منهياً عن الطعن في الحكم لحساب المحكوم عليه، وإنما منهياً عن الترافع أمام المحكمة في موضوع الطعن.

خلاصة القول، تجوز الفضالة إذا توافرت أركانها في رفع الدعاوى القضائية لحساب رب العمل، فضلاً عن الطعن في الأحكام القضائية بالاستئناف والنقض والإشكال في تنفيذ الأحكام، ولا تجوز الفضالة في تمثيل الخصوم في المرافعة أمام القضاء.

زر الذهاب إلى الأعلى