الفصل بغير الطريق التأديبي قديمًا وحديثًا
بقلم الأستاذ/ أحمد محمد جمعة
أحيا المشرع طريق اللجوء إلى الفصل بغير الطريق التأديبي بصدور القانون رقم 135 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1972 في شأن الفصل بغير الطريق التأديبي وقانون الخدمة المدنية. الذى تسري أحكامة على العاملين بكافة وحدات الجهاز الإداري، وغيرها من الأجهزة التي لها موازنات خاصة، والعاملين بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام.
والذى أجاز فصل العامل بقرار مسبب يصدر من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بناءً على عرض الوزير المختص بعد سماع أقوال العامل، ويتم فصل العامل بغير الطريق التأديبى فى الحالات الأتية:
إذا أخل بواجباته الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية، أو إذا قامت بشأنه قرائن جدية على ارتكابه ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها، ويُعد إدراج العامل على قائمة الإرهابيين وفقاً لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين قرينة جدية، وفى حالة فقد الثقة والاعتبار، أو إذا فقد سبباً أو أكثر من أسباب صلاحية شغل الوظيفة التي يشغلها، وذلك عدا الأسباب الصحية.
وفى حال توافر سبب أو أكثر من أسباب الفصل المُشار إليها يوقف العامل بقوة القانون عن العمل لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو لحين صدور قرار الفصل أيهما أقرب، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل، ويُبلغ العامل بقرار الوقف. وأجاز القانون للعاملين التقدم بطلبات لمحكمة القضاء الإدارى للطعن فى القرارات النهائية الصادرة بفصلهم.
ونرى أنه بالمقارنة بين القانون الحالى المعدل والقانون رقم 10 لسنة 1972 إنتقاص العديد من الضمانات الدستورية والقانونية فى القانون الحالى، وبالرغم أيضاٌ إننا لم نجد سوابق لتطبيق القانون رقم 10 لسنة 1972، ومن تلك المأخذ على ذلك القانون :
- جواز الإستناد فقط إلى إدارج العامل على قوائم الكيانات الإرهابية أو الإرهابيين وفقاً لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين بإعتبارها قرينة جدية تتيح فصل العامل بالرغم من عدم صدور حكم قضائى بإدانتة فى إحدى جرائم الإرهاب.
- القانون الحالى أتاح لرئيس الجمهورية تفويض غيرة فى إصدار قرارت الفصل، عكس القانون رقم 10 لسنة 1972 الذى لم يتح التفويض لرئيس الجمهورية، الأمر الذى قد يفتح الباب لإستغلال ذلك التفويض فى غير محله.
- الإكتفاء فقط بسماع أقوال العامل قبل صدور قرار فصلة وهو الأمر الذى لا يعدو إلا أن يكون شكلياٌ فقط، وهو ما بدا واضحاٌ حتى قبل صدور القانون من تسرع بعض الجهات الحكومية فى إعدادها لقوائم من المنتسبين اليها بغرض التسريع بفصلهم من العمل فور صدور القانون بحجة وجود شبهات إنضامهم لبعض الكيانات التى حظرتها الدولة، مثال لذلك بيان المجلس الأعلى للجامعات الصادر خلال إجتماعة فى 26/7/2020 والذى قرر فيه تكليف السادة رؤساء الجامعات باتخاذ ما يلزم بإعداد قوائم بهؤلاء العاملين لفصلهم بمجرد العمل بالقانون بعد صدوره.
- لم يشترط القانون الحالى تسبيب قرار الفصل عكس القانون رقم 10 لسنة 1972 الذى أشترط تسبيب القرار، الأمر الذى يفقدة ضمانات عدم إساءة إستخدام السلطة.
- القانون رقم 10 لسنة 1972 جعل حد أقصى لنظر الطعن أمام القضاء على قرار الفصل بمدة سنة على الأكثر، عكس القانون الحالى الذى صدر خالياٌ من تحديد أى مدد.
- أيضاٌ القانون رقم 10 لسنة 1972 أجاز للمحكمة فى أثناء قيام حالة الطوارئ أن تحكم بالتعويض بدلاٌ من الحكم بإلغاء االقرار المطعون فيه وذلك بالنسبة لشاغلى وظائف الإدارة العليا، عكس القانون الحالى الذى أتاح للمحكمة أن تحكم بالتعويض حتى فى الحالات العادية ولجميع الدرجات الوظيفية.
وكذلك كان يمكن تفهم مقتضى صدور القانون 10 لسنة 1972 فى تلك الفترة وذلك لأن مصر كانت على أعتاب خوض حرب 1973 لتحرير أراضيها المغتصبة من الإحتلال الإسرائيلى، أما توقيت صدور القانون الحالى فى 1/8/2021 فغير مفهوم صدورة الأن منتقصاٌ منه العديد من الضمانات التى كانت مقررة لصالح الموظف، وأيضاٌ لما تشهدة مصر الأن من إستقرار سياسى، وإقتصادى، وإدارى وتتطلعها إلى تحقيق إصلاحات فى كافة الملفات التنموية للدولة.
ولذلك يرى الكاتب إنه فى ضوء تلك المعطيات أن قانون الخدمة المدنية كان كفيلاٌ بمعالجة تلك القضايا بما يضمن إستمرارية قيام الجهاز الإدارى بوظائفة وضمان إستقرار المراكز القانونية للعاملين وإحترام حقوقهم الشخصية ووضعهم المادى والوظيفى، خاصة وأن المشرع أستخدم الفصل من الوظيفة بغير الطريق التأديبى على إنها عقوبة، بالرغم من إن عقوبة الفصل كانت محجوزة سلفاٌ للقضاء عند تطبيقها طبقاٌ لنصوص قانون الخدمة المدنية.
حتى فى الحالات والأوقات الإستثنائية نجد أنه يمكن تطبيق القانون 10 لسنة 1972 على أضيق نطاق وعدم التوسع فى تطبيقة.