الضوابط المقترحة في تنفيذ الأحكام

بقلم/ الأستاذ: أشرف الزهوي

عندما تصدر المحكمة الحكم في شأن طرد المستأجر الذي انتهت مدة تعاقده، أو إلزام المدين بسداد الدين المستحق في ذمته أو إلزام المطلق بسداد نفقة المتعة لمطلقته .. الخ، فإن هذه الأحكام، لايتم تنفيذها الا بعد انتهاء من فترة الاستئناف التي يحق للصادر بحقه الحكم أن يلجأ إليه فيظل الحكم معلقا إلى أن ينتهي الاستئناف بحكم نهائي أو تنتهي المدة المقررة له.

تتحطم فرحة الحكم النهائي غالبا، نتيجة الإجراءات التي يجب اتخاذها عند التنفيذ، فالحكم يجب أولا أن يتم إعلان صيغته التنفيذية، ثم تبدأ إدارة تنفيذ الأحكام في تحديد موعد للتنفيذ، في اليوم المحدد للتنفيذ، يستطيع الصادر بحقه الحكم أن يستشكل أمام معاون التنفيذ في الحكم، فيتم إيقاف التنفيذ، وترسل الأوراق إلى المحكمة ليتم تحديد جلسة لنظر الأشكال أمام قاضي التنفيذ، وقد يستغرق نظر الأشكال عدة شهور، إذا رفضت المحكمة الأشكال وامرت بالاستمرار في التنفيذ، يتم ارسال حكم الأشكال إلى إدارة النسخ ليتم طباعته ويتسلم المستشكل ضده صورة من الحكم ليبدا رحلة التنفيذ مرة ثانية.

إذا كان الحكم صادرا بإلزام سداد مبالغ مالية، فإن الصادر بحقه الحكم يستطيع أن يدفع بزوجته أو أولاده لعمل تعطيل جديد في التنفيذ وهي ماتسمي بدعوى الاسترداد للمنقولات المحجوز عليها، ويتم إرسال الأوراق للمحكمة لتحديد جلسة والبدء في نظر الدعوى وهو مايستغرق وقتا جديدا، لبحث مدى أحقية من أقام الدعوى في استرداد المنقولات المحجوز عليها.

ان الإجراءات التالية التي يقوم بها معاون التنفيذ اذا ثبت أمام المحكمة عدم أحقية طالب استرداد المنقولات، فتبدا إجراءات التنفيذ لبيع المنقولات المحجوز عليها وغالبا مايحرر معاون التنفيذ محضرا بتبديد هذه المنقولات ضد الصادر بحقه الحكم، لا ينتهي الأمر عند هذا الحد بل يتم ارسال الأوراق إلى النيابة العامة لتحديد جلسة أمام محكمة الجنح من جديد لنظر جنحة التبديد.

ويستطيع المتهم الذي يستغل طول الإجراءات في إعاقة تنفيذ الحكم، أن يمتنع عن حضور الجلسة، فتصدر المحكمة حكم غيابي بالحبس ضده، فيتمكن من عمل معارضة في الحكم الغيابي، ولايكون ذلك إلا برغبة المتهم الذي يستطيع أن يترك الحكم الجنائي الصادر غيابيا إلى أن يتم القبض عليه وإرساله إلى النيابة العامة لتمكينه من عمل معارضة في الحكم وتحديد جلسة جديدة ، فيبدا نظر الجنحة من جديد أمام المحكمة، ويبقى بعد ذلك حق المتهم في استئناف الحكم، بل وعمل معارضة استئنافية من جديد. ان الإجراءات التي تعقب صدور الحكم تضيع فرحة وقيمة الحكم الذي أنصف صاحبه. في ضوء ماسبق فإنني أناشد المشرع المصري إجراء عدد من التعديلات التي تحقق العدالة الناجزة.

اولا : أن يكون تنفيذ الحكم النهائي واجبا، ولا يكون الاستشكال في تنفيذه حائلا للتنفيذ، بل يمكن أن يكون الأشكال حق بعد تمام التنفيذ لانه في أغلب الأحوال يتم استخدامه كوسيلة للتحايل وعرقلة التنفيذ، وإذا ماثبت للمستشكل الحق في استشكاله، يتم إعادة الحال إلى ماكان عليه وتعويض المستشكل، والعكس صحيح. وهكذا الحال في دعاوى استرداد المنقولات المحجوز عليها، لأن صاحب المنقولات يستطيع الحصول لاحقا على قيمتها أو بديلا عنها من المتسبب في الحجز عليها.

ثانيا : الغاء نظام المعارضة في الأحكام الجنائية، بوضع ضوابط قانونية تضمن اعلان المتهم بموعد محاكمته في ظل وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة واذكر منها الإعلان عبر البريد الإليكتروني والواتس اب والهاتف ورسائل البريد العادية وإعلانات المحضرين. الخ

ثالثا : فرض عقوبات رادعة لكل من يقوم بتغيير محل إقامته الثابت في الرقم القومي دون إبلاغ الجهات المختصة حتى لايكون الهدف من تغيير محل الإقامة هو الإفلات من قبضة جهات التنفيذ بالنسبة للمحكوم عليهم في قضايا جنائية أو مدنية ولايسري انقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم أو سقوط العقوبة اذا قام بتغيير محل إقامته دون أخطار الجهات المختصة.

رابعا : يجب أن يقدم الصادر بحقه الحكم في مرحلة الاستئناف ضمانا للتنفيذ يفوق مفهوم الكفالة التي ينظمها القانون، بحيث يضمن الصادر لصالحه الحكم تمام التنفيذ اذا خسر المستأنف استئنافه، فلا تبقى رحلة الوصول إلى الحقوق من خلال الأحكام الصادرة عبئا وهما ثقيلا للذين صدرت الأحكام بانصافهم.

زر الذهاب إلى الأعلى