الرقمنة في القضاء الجنائي المصري
بقلم الأستاذ: محمد مرزوق
لما كانت مصر رائدة فى مجال القانون, فقد ساهم فقهاء القانون المصريين في وضع قانون كثير من الدول العربية, وقد كانت ومازالت مصر قدوة للكثير من البلدان في مجال العمل القضائي, ولا تخلو محكمة أو مكتب محاماة كبير في أى دولة عربية من محامين مصريين, ومن ثّم فإنه من الضروري أن تكون مصر أيضاً هي الرائدة في أعمال التكنولوجيا بكل تفاصيلها على إجراءات التقاضى بكل تفاصيله والجنائى بصفة خاصة.
وعلى الرغم من تأخر تنفيذ مشروع الرقمنة في القضاء الجنائي إلا أن هناك ضرورات ملحة عجلت بتنفيذه, وكان هذا مواكبةً للتطور التكنولوجي في العالم والظروف التي مرت بها مصر من ثورتين متتاليتين وأخيراً ظهور وباء كوفيد 19 والذى كان من أهم الأسباب في تطبيق الرقمنة في القضاء الجنائى, ولاشك في أنها خطوة رائعة على درب العدالة الناجزة وإن لم يكن هناك غطاء تشريعي حقيقي إلا أنها نقلة عظيمة نحو تطبيق العدالة المنشودة.
في منتصف عام 2017 ظهرت أطروحة المحاكمات عن بُعد بعد أن تعاظم دور التكنولوجيا وظهرت أهميتها في مجال القضاء الجنائي, فقد بدت ملامحها وتطبيقها واقعياً بعد صدور قرار النائب العام بتشغيل تطبيق تنفيذ الأحكام والمطالبة ببرنامج العدالة الجنائية تجريبباً في نطاق محافظة بورسعيد, وكان ذلك في إطار سياسة التحول الرقمي إذ يتيح ذلك التطبيق حصر الأحكام الجنائية الصادرة من المحاكم الجزئية واستئنافها,ويمكن تحديد بيانات المتهمين من خلال ربطه بقاعدة بيانات قطاع الأحوال المدنية بوزارة الداخلية, لتلافي حالات تشابه الأسماء.
وفي إطار توجيهات الدولة لوزارة العدل والجهات الأخرى نحو تطبيق التقاضي الإلكتروني, فقد صدر العديد من القرارات التي تنظم تلك التجربة منها القرار رقم 346لسنة 2020 بإنشاء إدارة التحول الرقمي وإنفاذ القانون, والقرار رقم 349لسنة 202 وتلاه القرار رقم 1474 لسنة 2021 لمتابعة استراتيجية النيابة العامة في التحول الرقمي.
وقد طبقت التجربة بجلسات تجديد الحبس ونظرها عن طريق تقنية الفيديوكونفرانس والتى طبقت في العديد من المحاكم والسجون وعلى الرغم من قصر مدة تطبيق التجربة إلا أن التجربة لاقت نجاح وترحيب كبير, وستكون خطوة عظيمة نحو التطبيق الأمثل للعدالة الناجزة.