الحماية القضائية للحقوق الأساسية في العمل وضمان تفعيلها
بقلم أ / آيات محمد عميرة
إن الحماية القضائية للحقوق الأساسية في العمل تتحقق بتوافر أمرين أولهما النص عليها تشريعياً وثانيهما وضع الضمانات اللازمة لها وتفعيل ممارستها ؛ ذلك أن الحقوق موضوع الحماية تظل في حالة سكون طالما لم تنتقل من النص التشريعي إلي التنظيم القانوني الذي يضمن ممارستها وتفعيلها فلا سبيل إلى صون الحقوق وحمايتها إلا بكفالة حق التقاضي.
ولقد عبرت عن ذلك المحكمة الدستورية العليا بمصر في حكمها الصادر في القضية رقم ٥٧ لسنة ٤ ق دستورية جلسة ٦/ ٢ / ١٩٩٣ ، مجموعة الأحكام الجزء الخامس المجلد الثاني ص ١٥٠ بقولها بأن :
” مجرد النفاذ إلى القضاء لا يعتبر كافياً لصون الحقوق التي تستمد وجودها من النصوص القانونية ، بل يتعين دوماً أن يقترن هذا النفاذ بإزالة العوائق التي تحول دون تسوية الأوضاع الناشئة من العدوان عليها ، كي توفر الدولة للخصومة في نهاية مطافها حلاً منصفاً يقوم على حيدة المحكمة واستقلالها ” .
وتأكيداً لتحقيق تلك الحماية القضائية وضمان استقلال القضاء ، فقد صدر عن المؤتمر العالمي لاستقلال القضاء الذي عقد في مونتريال بكندا سنة ١٩٨٣ إعلان عالمي لاستقلال القضاء أكد علي :
” حق كل إنسان في أن يتقاضى دون إبطاء من قبل المحاكم العادية أو من قبل المحاكم القضائية ، كما لا يجوز القيام بأي عمل من شأنه تعطيل التنفيذ السليم لقرار إحدى المحاكم “.
وتطبيقاً لتلك المبادئ الهامة نقترح حلاً نري فيه سبيلاً للتخفيف من حدة الأعباء القضائية والمادية التي تواجه العاملين بالقطاع الخاص تحديداً عند تعرضهم دون وجه حق للحرمان من عملهم ومستحقاتهم المالية من قبل بعض أصحاب الأعمال ومن ثم لجوئهم للقضاء لاقتصاص حقوقهم المشروعة ، ومراعاةً لظروفهم والأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم نتيجة انقطاع مصدر دخلهم الوحيد الذي يعينهم على الوفاء بمتطلبات معيشتهم في ظل هذا الغلاء المستمر ، وكون العامل قد أصبح بين ليلةٍ وضحاها عاطلاً بلا مصدر للدخل بما يستحق معه تعويضاً مؤقتاً حتي تاريخ الفصل في الدعوى العمالية التي أضحت تأخذ سنوات حتى صدور حكم نهائي فيها بالتعويض فضلاً عن معوقات التنفيذ من قبل أصحاب الأعمال والتي تستهلك الكثير والكثير من الوقت بحيث لا يتأذي من طول أمده إلا العامل البسيط الذي بالكاد يستطيع تأمين متطلبات معيشته وحاجاته الأسرية.
وقد نصت المادة ٧١ من قانون العمل ١٢ لسنة ٢٠٠٣ في فقرتها الخامسة علي أنه :
” وتقضي المحكمة العمالية بصفة مستعجلة وبحكم واجب النفاذ بتعويض مؤقت للعامل يعادل أجره الشامل لمدة اثني عشر شهراً إذا جاوزت مدة عمله سنة كاملة .. ” ، إلا أن تلك المادة لا نجد لها التطبيق الفعلي في الواقع العملي.
لذا نقترح تفعيل تطبيق تلك المادة والقضاء للعامل المفصول تعسفياً من عمله بصفة مستعجلة وبحكم واجب النفاذ بتعويض مؤقت لحين القضاء النهائي بكامل مستحقاته القانونية يعادل أجره الشامل لمدة اثني عشر شهراً ؛ كي يستطيع من خلاله تأمين احتياجاته المعيشية ، وفي ذلك تتحقق الحماية للفرد والمجتمع من آثار البطالة المفاجئة التي تتولد عن تعسف بعض أصحاب الأعمال تجاه العاملين لديهم من خلال حرمانهم من عملهم دون وجه حق وبالمخالفة لما أقرته القوانين الداخلية واللوائح بشأن ذلك “.
——————————–
يسعدنا تلقي مقالات السادة المحامين القانونية عبر رسائل الصفحة