الحكم برفض الادعاء بتزوير إعلان الحكم لا يحول دون التمسك ببطلان هذا الإعلان

كتب: علي عبدالجواد

أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٩٢٥٧ لسنة ٨٨ قضائية، دوائر الايجارات – جلسة ٢٠٢١/٠٣/١٧، أنه ليس في القانون ما يحول دون التمسك ببطلان إعلان الحكم بعد القضاء برفض الادعاء بتزوير ذلك الإعلان لاختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر .

الحكم

باسم الشعب

محكمة النقض

دائرة الأربعاء إيجارات ب

الطعن رقم ١٩٢٥٧ لسنة ٨٨ قضائية

جلسة الأربعاء الموافق ١٧ من مارس سنة ٢٠٢١

ــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد المستشار / خالد يحيى دراز نائب رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين / عمرو محمد الشوربجى،عمرو ماهر مأمون

محمد علي محمد و د. حسني حسين دياب ” نواب رئيس المحكمة “

ــــــــــــــــــــــــــ

(١-٣) قضاة ” عدم الصلاحية لنظر الدعوى : ما لا يُعد سبباً لعدم الصلاحية ” .

(١) أسباب عدم صلاحية القاضي . م ١٤٦ مرافعات . هدفها . ضمان حياد القاضي . إصداره حكماً تمهيدياً بإحالة الدعوى للتحقيق خلواً من رأيه في موضوع النزاع أو فصل في شق منه . لا بطلان .

(٢) الأصل في الاجراءات أنها روعيت . عبء إثبات من يدعي خلاف ذلك . على مدعيه .

(٣) مواجهة الحكم المطعون فيه سبب النعي ببطلان الحكمين الصادرين من رئيس الدائرة لعدم صلاحيته لنظر الدعوى بأن الحكم الأول الصادر بإحالة الدعوى للتحقيق خلواً من رأي رئيس الدائرة في موضوع النزاع ولم يفصل في شق منه ولم يشترك في إصدار الحكم الثاني . صحيح . النعي عليه على غير أساس .

(٤-٨) إثبات ” عبء الإثبات ” . استئناف ” ميعاد الاستئناف : بدء سريانه”.إعلان ” إعلان الأشخاص الطبعيين : مسائل عامة : تسليم صورة الإعلان إلى أحد الأشخاص الذين عددتهم المادة ١٠ مرافعات ” ” إعـلان الأحكـام ” ” تسليم الإعلان بالحكم لحارس عقار المستأجر المملوك للمؤجر “” تزوير الإعلان : بطلان الإعلان ” بطلان ” بطلان الإعلان “.حكم ” عيوب التدليل:الفساد في الاستدلال:ما يُعد كذلك”” الطعن في الحكم:ميعاد الطعن:بدء سريانه”.

(٤) إعلان الحكم للمحكوم عليه . وجوب أن يكون لشخصه أو في موطنه الأصلي . م ٢١٣ مرافعات . مؤداه . عدم كفاية العلم الحكمي لسريان ميعاد الطعن في الحكم . علة ذلك .

(٥) علاقة التبعية . قيامها على السلطة الفعلية للمتبوع على التابع . من حالاتها . حارس العقار تابع أصيل لمالك العقار وخادم لسكانه . مؤداه . جواز تسلمه صورة الإعلان بالحكم الموجه من الغير لأحد السكان . الاستثناء . تسليم حارس العقار صورة إعلان الحكم الصادر ضد المستأجر في العقار الذي يملكه طالب الإعلان – المؤجر – . أثره . لا ينفتح به ميعاد الطعن في الحكم . شرطه . تمسك المستأجر بعدم استلامه تلك الصورة منه . علة ذلك . للمؤجر – المحكوم له – إثبات استلام المستأجر لصورة الإعلان . استقلال محكمة الموضوع بتقديره متى استندت في ذلك إلى أسباب سائغة .

(٦) الحكم برفض الادعاء بتزوير إعلان الحكم لا يحول دون التمسك ببطلان هذا الإعلان . علة ذلك .

(٧) فساد الحكم في الاستدلال . ماهيته .

(٨) قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط حق الطاعن في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد محتسباً ذلك من تاريخ تسليم بواب العقار لصورة الإعلان بالحكم الابتدائي الموجه من المطعون ضدهما للطاعن مستنداً في ذلك للحكم الصادر برفض الطعن بتزوير هذا الإعلان مستدلاً من أقوال شاهدي المطعون ضدهما – مالكي العقار – تبعية مستلم الإعلان – بواب العقار – للطاعن رغم تمسك الطاعن ببطلان هذا الإعلان وخلو الأوراق مما يفيد استلامه لصورته وعدم قيام المطعون ضدهما – المحكوم لهما – بإثبات ذلك . فساد وخطأ . علة ذلك .

(٩-١٢) إيجار ” تشريعات إيجار الأماكن : الأجرة في ظل تشريعات إيجار الأماكن : ملحقات الأجرة : نطاق ملحقات الأجرة : رسم النظافة ” ” أسباب الإخلاء : الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة : التكليف بالوفاء:الإخلاء لعدم الوفاء بملحقات الأجرة “.

(٩) بطلان التكليف بالوفاء بالأجرة . تعلقه بالنظام العام . التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض . شرطه . ألا يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع أو كانت عناصره تحت نظرها عند الحكم في الدعوى .

(١٠) التكليف بالوفاء . تعلقه بالنظام العام.مؤداه.اعتباره مطروحاً دائماً على محكمة الموضوع.

(١١) وضع تنظيم جديد لتحصيل رسم النظافة بالمادة ١ ق ١٠ لسنة ٢٠٠٥ . مؤداه . خروجه عن نطاق ملحقات الأجرة بدءًا من ١/٤/٢٠٠٥ .

(١٢) تضمن التكليف بالوفاء بالأجرة المطالبة برسم النظافة بعد العمل بق ١٠ لسنة ٢٠٠٥ . مؤداه . مطالبة المستأجر بدين غير مستحق في ذمته للمؤجر . أثره . بطلان التكليف . قضاء الحكم المطعون فيه بالإخلاء استناداً لهذا التكليف الباطل . خطأ .

ــــــــــــــــــــــــــ

١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن أسباب عدم صلاحية القاضي الواردة في المادة ١٤٦ من قانون المرافعات والتي تجعله غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها تهدف إلى ضمان حياد القاضي ، وذلك عن طريق إقصائه عن نظر الدعوى التي يثور فيها احتمال ميله إلى أحد أطراف الخصومة ، فإن أصدر حكماً تمهيدياً بإحالة الدعوى للتحقيق بدون أسباب تنم عن تكوين رأي في موضوع النزاع أو فصل في شق منه أو أظهر ما يشف عن تكوين عقيدة المحكمة في الدعوى المنظورة أمامه ، فلا يترتب على ذلك بطلان هذا الحكم .

٢- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الأصل في الإجراءات أنها رُوعيت ، وعلى من يدعي أنها خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه .

٣- إذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، وواجه دفاع الطاعن الوارد بسبب النعي بأن الحكم التمهيدي الأول الصادر بجلسة ٣/١/٢٠١٧ بإحالة الدعوى إلى التحقيق لا يبين منه أن رئيس الدائرة كوّن رأياً في موضوع النزاع أو أظهر ما يشف عن تكوين عقيدة المحكمة في الدعوى المنظورة أمامه أو فصل في شق منها ، وأن الحكم الثاني الصادر بجلسة ٢/٧/٢٠١٧ ثابت به عدم اشتراك المذكور في إصداره ، وأنه لم يكن ضمن تشكيل الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الاستئناف للحكم ووقعت على مسودته ، وكانت أسبابه لها معينها من أوراق الدعوى ومن مؤدى قانوني صحيح ، فإن النعي عليه بسبب الطعن يكون على غير أساس .

٤- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المشرع تقديراً منه للأثر المترتب على إعلان الحكم للمحكوم عليه وهو بدء مواعيد الطعن الأمر الذي حرص من أجله على إحاطته بمزيد من الضمانات للتحقق من وصوله إلى علمه فعلاً حتى يسري في حقه ميعاد الطعن عليه ، فاستوجب في المادة ٢١٣ من قانون المرافعات إعلان الحكم لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي حتى يتوافر علم المحكوم عليه بإعلان الحكم علماً يقينياً أو ظنياً دون الاكتفاء في هذا الصدد بالعلم الحكمي .

٥- إن مشروع قانون المرافعات رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ – وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون – عنى بالنص على الإجراءات الواجب على المحضر اتباعها في حالة عدم وجود الشخص المطلوب إعلانه في موطنه ، فنص على أن الورقة تسلم إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته … ويشمل تعبير من يعمل في خدمة الشخص تابعه الذي يعمل لحسابه بأجر أياً كان نوع العمل الذي يؤديه إذ العبرة بتوافر رابطة التبعية بين من تسلم الإعلان والمعلن إليه لا بنوع الخدمة التي يؤديها التابع ، (*) وتقوم رابطة التبعية متى كان للمتبوع على تابعه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه (**) ، كما في علاقة السيد بمخدومه ورب العمل بالمستخدم والحكومة بالموظف والمالك ببواب العقار ، ويُعد الأخير تابعاً أصيلاً لمالك العقار ، وكذلك قد يكون خادماً لجميع سكانها فيصح تسلمه صورة الإعلان بالحكم الموجه من الغير إلى أحد السكان ، إلا أنه إذا كان المطلوب إعلانه بالحكم الصادر ضده مستأجراً في العقار الذي يملكه طالب الإعلان – المؤجر – ، فإن تسلم بواب العقار لصورة هذا الإعلان وتمسك المطلوب إعلانه – المستأجر – بعدم استلامه تلك الصورة منه لا يتحقق به الإعلان على النحو الذي يضمن وصوله إلى علم المعلن إليه لتعارض مصلحة المراد إعلانه – المستأجر – مع مصلحة مالك العقار – المؤجر – المتبوع الأصيل لبواب العقار ، ولا ينتج تسليم الصورة إلى بواب العقار بذاته أثراً في بدء ميعاد الطعن في الحكم ما لم يثبت مالك العقار – المؤجر – تحقق الغاية من الإجراء عملاً بالمادة ٢٠/٢ من قانون المرافعات وهو استلام المستأجر لهذا الاعلان ، وهو من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى كانت تستند في ذلك إلى أسباب سائغة لها مأخذها الصحيح في الأوراق . (٥)

٦- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه ليس في القانون ما يحول دون التمسك ببطلان إعلان الحكم بعد القضاء برفض الادعاء بتزوير ذلك الإعلان لاختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر .

٧- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى ، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود لكنه متناقض مع ما أثبتته .

٨- إذ كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بما ورد بسبب النعي من عدم اتصال علمه بالدعوى وبالحكم الصادر فيها ، وأنه لم يتم إعلانه قانوناً باعتبار أن مستلم الإعلان – بواب العقار الذي يستأجر الطاعن إحدى وحداته – ليس تابعاً له وإنما تابعاً لمالكي العقار طالبي الإعلان ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وأقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد مستنداً في ذلك إلى الحكم الصادر من ذات المحكمة بتاريخ ٢/٧/٢٠١٧ برفض الطعن بالتزوير على إعلان الحكم الابتدائي وبصحته ، مستدلاً من أقوال شاهدي المطعون ضدهما على تبعية مستلم هذا الاعلان – بواب العقار – للطاعن ودون أن يعرض لدفاعه ببطلان هذا الإعلان ، في حين أن الثابت بإجماع أقوال الشهود إثباتاً أو نفياً أن عين النزاع مغلقة ، فضلاً عما جاء بأقوال شاهدي المطعون ضدهما – طبقاً للثابت بمحضر التحقيق المقدم صورته الرسمية رفق أوراق الطعن – أن من عيّنَ بواب العقار مستلم الإعلان هما مالكا العقار ، وأنهما من يسددان له أجره ، وأنه يقوم بتحصيل الإيجار من المستأجرين لحسابهما ، بما مؤداه أن بواب العقار تابع أصيل للمالكين ، ويكون استلامه للإعلان بالحكم الابتدائي الموجه منهما إلى ساكن العقار – الطاعن – لا ينتج بذاته أثراً في بدء ميعاد الطعن بالاستئناف طالما لم يثبت المطعون ضدهما – المحكوم لهما – تحقق الغاية من الإجراء بتسليم الإعلان فعلاً إلى المطلوب إعلانه ، ولم يطلبا من المحكمة تمكينهما من إثباته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتد باستلام بواب العقار لصورة الإعلان بالحكم الابتدائي الصادر لصالح مالكي العقار المطعون ضدهما ضد الطاعن المستأجر في بدء ميعاد الطعن بالاستئناف ، ورتب على ذلك قضاءه بسقوط حق الطاعن في الاستئناف ، فإنه يكون قد شابه فضلاً عن الفساد في الاستدلال ، الخطأ في تطبيق القانون .

٩- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن بطلان التكليف بالوفاء بالأجرة يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يلتفت إليه المستأجر أو يتمسك به ، وهو بهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض طالما كان مبنياً على سبب قانوني بحت أو يخالطه عنصر واقعي سبق عرضه على محكمة الموضوع أو كانت العناصر التي تتمكن بها تلك المحكمة من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب تحت نظرها عند الحكم في الدعوى .

١٠- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مسألة التكليف بالوفاء بالأجرة تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها في صحة أو بطلان هذا التكليف .

١١- المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن نص المادة الأولى من القانون ١٠ لسنة ٢٠٠٥ بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٦٧ في شأن النظافة العامة والمعمول به اعتباراً من ١/٤/٢٠٠٥ – اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية – يدل على أن المشرع قد وضع تنظيماً جديداً لتحصيل رسم النظافة ، فأخرجه من نطاق ملحقات الأجرة التي يلتزم المستأجر بأدائها إلى المؤجر .

١٢- إذ كان المستأنف ضدهما قد أقاما على المستأنف الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار المؤرخ ١/٩/١٩٨٩ والتسليم لعدم سداده رسم النظافة عن الفترة من ٣٠/٦/٢٠٠٧ حتى ٣٠/٦/٢٠٠٩ بعد إنذاره بتكليفه بالوفاء به فإن هذا التكليف يكون قد تضمن المطالبة بمبالغ غير مستحقة في ذمة المستأنف لخروجه من نطاق ملحقات الأجرة التي يلتزم المستأجر بأدائها إلى المؤجر ، ومن ثم يكون قد وقع باطلاً حابط الأثر ولا يصلح أساساً لقبول دعوى الإخلاء ، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وأقام قضاءه بالإخلاء استناداً لهذا التكليف الباطل ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يتعين القضاء في الاستئناف رقم … لسنة ٨٩ ق أسيوط ” مأمورية سوهاج ” بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لبطلان التكليف بالوفاء بالأجرة .

ــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / د. حسني حسين دياب ” نائب رئيس المحكمة ” ، والمرافعة ، وبعد المداولة .

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائـر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى ١١٤ لسنة ٢٠١٢ إيجارات سوهاج الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ ١/٩/١٩٨٩ والتسليم ، وقالا بياناً لدعواهما إنه بموجب هذا العقد استأجر الطاعن منهما الشقة محل النزاع ، وإذ امتنع عن سداد رسم النظافة المستحق عن الفترة من ٣٠/٦/٢٠٠٧ وحتى ٣٠/٦/٢٠٠٩ رغم تكليفه بسداده فقد أقاما الدعوى ، حكمت المحكمة بالطلبات . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ٣٤ لسنة ٨٩ ق أسيوط ” مأمورية سوهاج ” ، وبتاريخ ٢/٧/٢٠١٤ قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان صحيفة الدعوى . طعن المطعون ضدهما في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ١٧١١٨ لسنة ٨٤ ق ، وبتاريخ ١٦/١/٢٠١٦ نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى المحكمة التي أصدرته . عجّلَ المطعون ضدهما السير في الاستئناف أمام المحكمة المشار إليها والتي أحالت الاستئناف للتحقيق ، وبعد سماع الشهود قضت بتاريخ ٢/٧/٢٠١٧ برفض الطعن بالتزوير على إعلان صورة الحكم رقم ١١٤ لسنة ٢٠١٢ مدني كلي سوهاج وبصحته ، وبتاريخ ٩/٧/٢٠١٨ قضت المحكمة بسقوط الحق في الاستئناف للتقرير به بعد الميعاد . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الراهن ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن ، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان ، ذلك أنه تمسك ببطلان الحكمين الصادرين بجلستي ٣/١/٢٠١٧ و٢/٧/٢٠١٧ لأن رئيس الدائرة فيهما غير صالح لنظر الدعوى ممنوع من سماعها ، وإذ عوّل الحكم المطعون فيه عليهما فإن البطلان يمتد إليه مما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن أسباب عدم صلاحية القاضي الواردة في المادة ١٤٦ من قانون المرافعات والتي تجعله غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها تهدف إلى ضمان حياد القاضي ، وذلك عن طريق إقصائه عن نظر الدعوى التي يثور فيها احتمال ميله إلى أحد أطراف الخصومة ، فإن أصدر حكماً تمهيدياً بإحالة الدعوى للتحقيق بدون أسباب تنم عن تكوين رأي في موضوع النزاع أو فصل في شق منه أو أظهر ما يشف عن تكوين عقيدة المحكمة في الدعوى المنظورة أمامه ، فلا يترتب على ذلك بطلان هذا الحكم ، وأن الأصل في الإجراءات أنها رُوعيت ، وعلى من يدعي أنها خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ، وواجه دفاع الطاعن الوارد بسبب النعي بأن الحكم التمهيدي الأول الصادر بجلسة ٣/١/٢٠١٧ بإحالة الدعوى إلى التحقيق لا يبين منه أن رئيس الدائرة كوّن رأياً في موضوع النزاع أو أظهر ما يشف عن تكوين عقيدة المحكمة في الدعوى المنظورة أمامه أو فصل في شق منها ، وأن الحكم الثاني الصادر بجلسة ٢/٧/٢٠١٧ ثابت به عدم اشتراك المذكور في إصداره ، وأنه لم يكن ضمن تشكيل الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الاستئناف للحكم ووقعت على مسودته ، وكانت أسبابه لها معينها من أوراق الدعوى ومن مؤدى قانوني صحيح ، فإن النعي عليه بسبب الطعن يكون على غير أساس .

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ، والفساد في الاستدلال ، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي صدر في غيبته دون أن يحضر أو يقدم مذكرة بدفاعه ، ولم يتصل علمه بالدعوى ، وأنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع ببطلان إعلانه بالحكم الابتدائي الذي سُلِم إلى بواب العقار – التابع لمالكي العقار المطعون ضدهما – ولم يبلغه به ، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن دفاعه واعتد بهذا الإعلان ، ورتب على ذلك قضاءه بسقوط الحق في الاستئناف بمقولة إن المستلم تابع للطاعن معولاً في ذلك على الحكم الصادر بتاريخ ٢/٧/٢٠١٧ القاضي بصحة الإعلان الذي بُني على أقوال شاهدي المطعون ضدهما رغم أن شهادتهما تؤكد تبعية بواب العقار للمطعون ضدهما ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع تقديراً منه للأثر المترتب على إعلان الحكم للمحكوم عليه وهو بدء مواعيد الطعن الأمر الذي حرص من أجله على إحاطته بمزيد من الضمانات للتحقق من وصوله إلى علمه فعلاً حتى يسري في حقه ميعاد الطعن عليه ، فاستوجب في المادة ٢١٣ من قانون المرافعات إعلان الحكم لشخص المحكوم عليه أو في موطنه الأصلي حتى يتوافر علم المحكوم عليه بإعلان الحكم علماً يقينياً أو ظنياً دون الاكتفاء في هذا الصدد بالعلم الحكمي ، وعنى مشروع قانون المرافعات رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ – وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون – بالنص على الإجراءات الواجب على المحضر اتباعها في حالة عدم وجود الشخص المطلوب إعلانه في موطنه ، فنص على أن الورقة تسلم إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته … ويشمل تعبير من يعمل في خدمة الشخص تابعه الذي يعمل لحسابه بأجر أياً كان نوع العمل الذي يؤديه إذ العبرة بتوافر رابطة التبعية بين من تسلم الإعلان والمعلن إليه لا بنوع الخدمة التي يؤديها التابع ، وتقوم رابطة التبعية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – متى كان للمتبوع على تابعه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه ، كما في علاقة السيد بمخدومه ورب العمل بالمستخدم والحكومة بالموظف والمالك ببواب العقار ، ويُعد الأخير تابعاً أصيلاً لمالك العقار ، وكذلك قد يكون خادماً لجميع سكانها فيصح تسلمه صورة الإعلان بالحكم الموجه من الغير إلى أحد السكان ، إلا أنه إذا كان المطلوب إعلانه بالحكم الصادر ضده مستأجراً في العقار الذي يملكه طالب الإعلان – المؤجر – ، فإن تسلم بواب العقار لصورة هذا الإعلان وتمسك المطلوب إعلانه – المستأجر – بعدم استلامه تلك الصورة منه لا يتحقق به الإعلان على النحو الذي يضمن وصوله إلى علم المعلن إليه لتعارض مصلحة المراد إعلانه – المستأجر – مع مصلحة مالك العقار – المؤجر – المتبوع الأصيل لبواب العقار ، ولا ينتج تسليم الصورة إلى بواب العقار بذاته أثراً في بدء ميعاد الطعن في الحكم ما لم يثبت مالك العقار – المؤجر – تحقق الغاية من الإجراء عملاً بالمادة ٢٠/٢ من قانون المرافعات وهو استلام المستأجر لهذا الإعلان ، وهو من الأمور الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى كانت تستند في ذلك إلى أسباب سائغة لها مأخذها الصحيح في الأوراق ، وكان من المقرر كذلك أنه ليس في القانون ما يحول دون التمسك ببطلان إعلان الحكم بعد القضاء برفض الادعاء بتزوير ذلك الإعلان لاختلاف نطاق ومرمى كل من الطعنين عن الآخر ، وكان من المقرر كذلك – في قضاء هذه المحكمة – أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى ، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود لكنه متناقض مع ما أثبتته . لما كان ذلك ، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بما ورد بسبب النعي من عدم اتصال علمه بالدعوى وبالحكم الصادر فيها ، وأنه لم يتم إعلانه قانوناً باعتبار أن مستلم الإعلان – بواب العقار الذي يستأجر الطاعن إحدى وحداته – ليس تابعاً له وإنما تابعاً لمالكي العقار طالبي الإعلان ، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ، وأقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد مستنداً في ذلك إلى الحكم الصادر من ذات المحكمة بتاريخ ٢/٧/٢٠١٧ برفض الطعن بالتزوير على إعلان الحكم الابتدائي وبصحته ، مستدلاً من أقوال شاهدي المطعون ضدهما على تبعية مستلم هذا الاعلان – بواب العقار – للطاعن ودون أن يعرض لدفاعه ببطلان هذا الإعلان ، في حين أن الثابت بإجماع أقوال الشهود إثباتاً أو نفياً أن عين النزاع مغلقة ، فضلاً عما جاء بأقوال شاهدي المطعون ضدهما – طبقاً للثابت بمحضر التحقيق المقدم صورته الرسمية رفق أوراق الطعن – أن من عيّنَ بواب العقار مستلم الإعلان هما مالكا العقار ، وأنهما من يسددان له أجره ، وأنه يقوم بتحصيل الإيجار من المستأجرين لحسابهما ، بما مؤداه أن بواب العقار تابع أصيل للمالكين ، ويكون استلامه للإعلان بالحكم الابتدائي الموجه منهما إلى ساكن العقار – الطاعن – لا ينتج بذاته أثراً في بدء ميعاد الطعن بالاستئناف طالما لم يثبت المطعون ضدهما – المحكوم لهما – تحقق الغاية من الإجراء بتسليم الإعلان فعلاً إلى المطلوب إعلانه ، ولم يطلبا من المحكمة تمكينهما من إثباته ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتد باستلام بواب العقار لصورة الإعلان بالحكم الابتدائي الصادر لصالح مالكي العقار المطعون ضدهما ضد الطاعن المستأجر في بدء ميعاد الطعن بالاستئناف ، ورتب على ذلك قضاءه بسقوط حق الطاعن في الاستئناف ، فإنه يكون قد شابه فضلاً عن الفساد في الاستدلال ، الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه .

وحيث إن الطعن بالنقض للمرة الثانية ، فإنه يتعين إعمال نص الفقرة الرابعة من المادة ٢٦٩ من قانون المرافعات .

ولما سلف ، فإن الاستئناف يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية .

وحيث إنه عن موضوع الاستئناف ، فلما كان من المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن بطلان التكليف بالوفاء بالأجرة يتعلق بالنظام العام تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يلتفت إليه المستأجر أو يتمسك به ، وهو بهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض طالما كان مبنياً على سبب قانوني بحت أو يخالطه عنصر واقعي سبق عرضه على محكمة الموضوع أو كانت العناصر التي تتمكن بها تلك المحكمة من تلقاء نفسها من الإلمام بهذا السبب تحت نظرها عند الحكم في الدعوى ، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة التكليف بالوفاء بالأجرة قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها في صحة أو بطلان هذا التكليف ، وكان من المقرر أيضاً أن نص المادة الأولى من القانون ١٠ لسنة ٢٠٠٥ بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم ٣٨ لسنة ١٩٦٧ في شأن النظافة العامة والمعمول به اعتباراً من ١/٤/٢٠٠٥ – اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية – يدل على أن المشرع قد وضع تنظيماً جديداً لتحصيل رسم النظافة ، فأخرجه من نطاق ملحقات الأجرة التي يلتزم المستأجر بأدائها إلى المؤجر . لما كان ما تقدم ، وكان المستأنف ضدهما قد أقاما على المستأنف الدعوى بطلب فسخ عقد الإيجار المؤرخ ١/٩/١٩٨٩ والتسليم لعدم سداده رسم النظافة عن الفترة من ٣٠/٦/٢٠٠٧ حتى ٣٠/٦/٢٠٠٩ بعد إنذاره بتكليفه بالوفاء به فإن هذا التكليف يكون قد تضمن المطالبة بمبالغ غير مستحقة في ذمة المستأنف لخروجه من نطاق ملحقات الأجرة التي يلتزم المستأجر بأدائها إلى المؤجر ، ومن ثم يكون قد وقع باطلاً حابط الأثر ولا يصلح أساساً لقبول دعوى الإخلاء ، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وأقام قضاءه بالإخلاء استناداً لهذا التكليف الباطل ، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يتعين القضاء في الاستئناف رقم ٣٤ لسنة ٨٩ ق أسيوط ” مأمورية سوهاج ” بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لبطلان التكليف بالوفاء بالأجرة .

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وألزمت المطعون ضدهما المصروفات ومائتي جنيه أتعاباً للمحاماة ، وحكمت في الاستئناف رقم ٣٤ لسنة ٨٩ ق أسيوط ” مأمورية سوهاج ” بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لبطلان التكليف بالوفاء بالأجرة ، وألزمت المستأنف ضدهما – المطعون ضدهما – المصاريف عن الدرجتين ومائة وخمسة وسبعين جنيهاً أتعاباً للمحاماة .

زر الذهاب إلى الأعلى