التلفيق في قضايا الضرب

بقلم: الأستاذ/ اشرف الزهوي

في قضايا الضرب الكيدية، يتعمد الشخص الذي يريد تلفيق الاتهام للآخرين، إحداث بعض الجروح في جسده، وغالبًا ما تكون هذه الجروح بسيطة وغير مميتة، فماذا عن هذه النوعية من الجروح؟ وماهي خصائصها ومميزاتها، وماهي طرق افتعالها؟؟

أسباب افتعال الجروح: قد يلجأ عتاة الإجرام إلى إحداث جروحٍ بأنفسهم؛ ليتهموا جهات التحقيق بإيذائهم بدنيًا لحملهم على الاعتراف بجريمة ما، وقد يتعمد الشخص فعل ذلك لإلصاق الاتهام بشخصٍ ما، ويقوم بإبلاغ الشرطة والخضوع للكشف الطبي لإثبات الإصابات المصطنعة إما بهدف الابتزاز أو الضغط على ضحيته، وقد يفتعل الشخص إصابات في جسده ليُبرر جريمةً ارتكبها مُدّعيًا أنه كان في حالة الدفاع الشرعي عن نفسه، وقد يفتعل المساجين بعض الإصابات بأنفسهم كي تضطر إدارة السجن نقلهم إلى المستشفى؛ هروبًا من القيام بالأشغال الشاقة أو بُغية تسهيل هروبهم من السجن.

ويلجأ بعض المواطنون من ضعاف النفوس إلى افتعال إصاباتٍ في أنفسهم للتهرب من أداء الخدمة العسكرية أو للحصول على إجازاتٍ أثناء فترة تجنيدهم، وقد تلجأ إلى ذلك الإناث لإثبات واقعة الاعتداء الجنسي عليها، وهناك العديد من الأمثلة التي لا يتسع لها المقام.

ماذا عن طرق افتعال الجروح؟
يتم افتعال الجروح القطعية بشفرة موس الحلاقة التي تُعرف بــ «البشلة» ويُخفيها معتادو الإجرام في الفم أثناء القبض عليهم أو التحقيق.

أما في افتعال الإصابات التي تشابه الكدمات، فيقوم الشخص باستخدام قطعة نقودٍ معدنيةٍ ذات الحواف المشرشرة؛ حيث يقوم بحكّها بقوةٍ على الجسم مع الضغط، فتُحدث احمرارًا في لون الجلد؛ يشابه الكدمات إلى حدٍ ما.

قد يلجأ الشخص إلى ضرب رأسه في الحائط بشدةٍ ليُحدث بنفسه كدمًا أو جرحًا رضيا، مدعيا الاعتداء عليه بحجرٍ أو بشومةٍ أو بعصا غليظة.

قد يعمد الشخص إلى حك مقدمة الرأس أو الرسغين بحبل خشن السطح، مُدّعيًا قيام شخصٍ ما بخنقه أو تقييد يديه.. إلى غير ذلك من صور التلفيق والكيد.

والسؤال المهم: هل يمكن للطب الشرعي الوقوف على خصائص تميز مثل هذه الإصابات الكيدية المفتعلة؟
نعم يمكن تحقيق ذلك؛ لأنه عادةً ما تكون هذه الجروح سطحية، لا تُشكّل أي خطورةٍ على مفتعلها كما أنها تكون في أماكن في متناول الشخص نفسه، وتكون في أماكن مأمونة، أي لا تشكل أي خطورةٍ على مفتعلها.

عادةً ما تكون هذه الجروح من النوع القطعي، وتتميز بأنها سطحية ومتوازية، أو قد تكون متقاطعة، ومن النادر أن تكون رضيّة إذا ما تعمد الشخص ضرب رأسه في الحائط.

عندما يعمد الشخص إلى افتعال إصابةٍ بجسده، يُعرّي هذا الشخص جسمه عن الملابس في المناطق التي يحدث فيها الإصابة، لذلك فإنه بفحص هذه الملابس الذي كان يرتديها لحظة افتعال الإصابة يظهر سلامة الملابس وخلوها من القطع أو التمزق، وحتى عندما يتعمد محترف الإجرام إحداث قطوعٍ وتمزقاتٍ بملابسهم بعد افتعال إصابتهم، فإنه بالفحص الدقيق بعينٍ واعيةٍ مدققةٍ يمكن الوصول إلى عدم وجود تطابق بين الجروح بالجسم والقطع والتمزق بالملابس، مع عدم تلوث الملابس بالدم.

في كثيرٍ من الحالات، لا يتفق عمر هذه الجروح المفتعلة مع الوقت الذي يدّعي المفتعل حدوثها فيه؛ لقيام المفتعل بإحداثها في وقتٍ لاحقٍ لوقت الجريمة التي يدعي حدوثها.

يستطيع المحقق أن يتحرى الدقة في سؤال مفتعل الإصابة، وأن يسأله عن تاريخ وكيفية حدوثها والأداة المستخدمة في إحداثها، وأن يعيد عليه الأسئلة بصورٍ مختلفة ليكتشف دون جهدٍ كذب ادعاء مفتعل الإصابة.

زر الذهاب إلى الأعلى