البصمة الوراثية
بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي
البصمة الوراثية “DNA” تعد من الاكتشافات العلمية، التي ساهمت في التوصل إلى معرفة مرتكبي الجرائم من خلال مقارنة مقاطع من الحمض النووي.
كل ما يحتاجه المحققون لتحديد البصمة الوراثية، هو العثور على دليل بشرى في مكان الجريمة، مثل الشعر أو اللعاب أو العرق، فكل ما يلمس المرء مهما كان عارضًا أو خفيفًا، سيترك أثرًا للبصمة الوراثية، إن مجرد المصافحة تنقل الـ”DNA” الخاص بك إلى يد من تصافحه.
إذا كانت العينة التي تم العثور عليها في مسرح الجريمة، أصغر من اللازم، فإنها تدخل في اختبار يعمل على مضاعفة الكمية.
البصمة الوراثية من القرائن التي تتميز بالإثبات والنفي، وليس بالنفي فقط كما هو حال الأدلة الجنائية المعروفة، كما أن تنوع مصادر البصمة الوراثية، يجعل من غير المحتمل عدم ترك الجاني آثارًا في مكان الجريمة يسهل عن طريقها تتبعه وتحديد بدقة.
بدأت الدول المتقدمة، تعطي اهتمامًا كاملًا للبصمة الوراثية، من خلال التقنيات الحديثة في عالم الجينات وتقنية الحمض النووي، وذلك بتنظيم سجل قومى لبصمة الأفراد، وللآثار المجهولة بغية الاستفادة منها.
من خلال تقنية البصمة الوراثية، استطاعت جهات الأمن بإشراف جهات التحقيق الكشف عن جرائم لم يكن من الاستطاعة التوصل إلى مرتكبيها، بدون استخدام هذه التقنية الحديثة، حيث تؤخذ الخصائص الوراثية كقرينة قوية للحكم في القضايا الجنائية، بفحص الآثار البيولوجية المتخلفة في مكان الحادث، أو القضايا ذات النزاع المدني، كقضايا إثبات البنوة، وتحديد النسب، وقضايا الهجرة.
اختلفت الأدوات التي استخدمها الإنسان عبر العصور للكشف عن الجريمة ومرتكبيها، وكان الاعتماد على أسلوب الإدراك الحسي، والتعذيب البدني، كما كان الاعتماد في الحضارات القديمة على اللجوء إلى الكهنة واستخدام نظام البشعة وأسلوب الابتلاء والعرافة وغيرها، وكان رجال البحث الجنائي يبذلون جهودًا كبيرة لمحاولة الوصول إلى الحقيقة وكشف الجناة.
تبقى بعد ذلك سلطة القاضي الجنائي في تقدير الأدلة العلمية؛ لما لها من أهميةٍ في الإثبات الجنائي الحديث.
خول القانون للقاضي الحرية في تكوين عقيدته بكامل الحرية، لذلك كانت الأدلة العلمية الحديثة ترسيخًا وتطمينًا للقاضي عند إصدار الأحكام.
ومن الأدلة العلمية الحديثة التي تم الاستعانة بها، الأدلة المستمدة من الطب الشرعي والتحاليل كالأدلة البيولوجية، والمستمدة من الأجهزة الإليكترونية والحاسبات، ورغم أن حرية القاضي في الاقتناع مطلقة، لا تتقيد بأي قيدٍ أو شرط يُفرض عليه، ألا انه يظل مقيدًا بشروط صحة التسبيب وضوابط معينة تخضع لرقابة جهات الطعن.