الابداع والامتاع في المحاماة

بقلم / أشرف الزهوي المحامي

لاشك أن المحاماة مهنة إبداعية، ورسالة إنسانية، أراد البعض أن يحولها إلى منظومة نمطية، روتينية.

عدد من المحامين ذاع صيتهم، وسطع نجمهم، لأنهم أدركوا أن النجاح في مهنة المحاماة يكمن في البحث عن الإبداع الذي يقوم على الجهد الدءوب، والسعي المرغوب.

في المحاماة إعمال دائم للعقل والإنحياز إلى البديهيات ومقتضيات المنطق، فلاشئ في المحاماة يمكن أن يكون وليد الصدفة، وعندما تشرفت بدعوة إدارة معهد المحاماة بالشرقية لإلقاء محاضرتين أمام الشباب الطموح من المحامين، كان شغلي الشاغل هو التأكيد على أن المحامي يجب أن يكون مبدعا، وعليه أن يتعلم كيف يصنع من الليمونة المالحة شراب حلو المذاق، أو كما يقولون في اللغة العامية، كيف تصنع من الفسيخ شربات.

على كل محام ألا يستهين بالعمل الذي يقوم به، مهما كان بسيطًا، وأن يدرك أغوار القضية التي يمارسها، فقد يرى البعض من المحامين أنه لم يجد الفرصة الواعدة التي تضعه على طريق الإبداع، وأن جل وقته في الغالب يكون من أجل سداد الرسوم أمام منافذ التحصيل، أو حضور جلسات في قضايا بسيطة من أجل التأجيل للاطلاع أو المذكرات.

إلا أن ذلك لا يجب أن ينال من عزيمة المحامي الطموح الذي يتعلم كيف يصنع من الليمونة المالحة شراب حلو الطعم، فالوقت الذي نقضيه كمحامين في المحكمة يمكن أن نستغله في تحصيل المعلومات من الزملاء الأكثر خبرة، على أن تكون هذه المعلومات التي نحصل عليها نواة للبحث والتنقيب وليست نهاية المطاف.

لا يجب أن يعتمد المحامي على تنفيذ المطلوب منه فقط، بل يجب أن يعرف كل شئ عن القضية التي يمارسها، فمنظومة الإعلان القضائي في القانون تحتاج إلى بحث وتدقيق ومتابعة، الالمام بالطلبات والدفاع وإبداء الدفوع المناسبة في الوقت المناسب، تحتاج إلى بحث ودراسة متأنية.

في أثناء إلقاء محاضرتي الثانية في المعهد، ضربت مثالًا بدعوى صحة التوقيع التي يستهين بها البعض رغم ضرورة الكشف عن كل مايمكن ان يثار فيها أثناء مباشرتها، ولأجل استثارة عقلك صديقي القارئ، دعني أسألك في دعوى صحة التوقيع عن تصورك لما يمكن أن يحدث في دعوى صحة التوقيع، إذا تم الطعن بالتزوير على التوقيع المذيل به المحرر، ثم عجز الطب الشرعي عن تحديد عما اذا كان التوقيع بخط المدعي عليه من عدمه، انها واقعة تتطلب البحث والتدقيق للوصول إلى البدائل القانونية في وسائل الإثبات وماانتهت اليه محكمة النقض وضربت مثالا بقضايا من الواقع.

إن الدعوة التي أطالب بها هي ضرورة التحول من العمل النمطي التقليدي الممل في المحاماة إلى الانحياز إلى ركن المبدعين، ولايمكن ان نغفل عن ضرورة الالمام بفن وثقافة التعامل مع الآخرين وان نقرأ في علم النفس والاجتماع والتنمية البشرية لنحصل على ما اسميه ” كاريزما القبول” لدي الآخرين.

للحديث بقية

زر الذهاب إلى الأعلى