الإسلام واحترامه للسيد المسيح عليه السلام والسيدة مريم ولكافة الأنبياء والرسل  ( 5 ـــ 5 )

بقلم/ الأستاذ رجائي عطية نقيب المحامين رئيس اتحاد المحامين العرب

نشر بجريدة الوطن الجمعة 25 / 2 /2022

يمضى القرآن فيورد كيف كانت رعاية الله تعالى لأنبيائه وكيف كانت لنبيه لوط الذى نجاه وأهله إلاّ امرأته التى كانت من الغابرين ( الأعراف /83) . ولنبيه شعيب الذى كذبه قومه .. « فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ » ( الأعراف / 91) ..

« وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا ».. (هود/94).

وعن أبى الأنبياء إبراهيم الخليل يقول عز من قائل : .. « وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ » (البقرة /130) .. « وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً » ( النساء 125) .. «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا » (مريم 41) .. «سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ» ( الصافات /109 ) .. « إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى » (الأعلى /18 ، 19) .. وموسى الكليم الذى ذكر فيه القرآن الحكيم .. « وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (البقرة /51 ـ 53) .. «وَلَقَدْ جَاءكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ» ( البقرة /92) .. «وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا » (مريم/51) .. « وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا» ( النساء /164 ) .. «سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ » (الصافات /120) .. «وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ» (الأنعام/86) .. «وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ » (غافر/34) .. «وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ » (يوسف/21) .. «وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأيْدِي »(ص/45) .. «وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ» (الأنعام 85) .. «وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ» ( الصافات 123 ) .. «سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ» (الصافات 130) .. « وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ»(ص17) ..« وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا» (الإسراء55) .. «وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ » ( الأنبياء81 ) .. «وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا » (النمل16) .. «إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا * وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا» (النساء163 ، 164) .. ويخاطب القرآن المسلمين ليوصيهم : .. «قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» (البقرة 136 ، آل عمران 84) ..

ولم يتحدث كتاب من الكتب السماوية عن زكريا ويحيى ومريم والمسيح بمثل الحديث البليغ الرائع الذى ورد عنهم فى القرآن الكريم .. « إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ * هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء * فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ» (آل عمران/35 ـ 39) .. «وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ » (آل عمران/42) .. «إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ» (آل عمران / 45 ، 46 ) .. « وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الإنجِيلَ » (الحديد 27) .. « إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ » (النساء /171) .. « وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ » (البقرة / 87 ، 253 )

والمسيح فى القرآن أعز من أن يقتل أو يناله ما ينال البشر ، فيقول القرآن.. «إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ » ( آل عمران /55) ..

وعمن افتروا من بنى إسرائيل على مريم والمسيح كذبًا .. «وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا . وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا . بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا » (النساء 156 ـ 158)

هذا الاحتفال فى الذكر الحكيم بأنبياء الله ، قد انحفر فى وجدان المسلمين ، فلا تجد أبناء ديانة من الديانات يوقرون الأنبياء جميعًا مثلما يوقرهم المسلمون .. ولا تجد من أبناء هذه الديانات أو الملل والنحل من يسمون أبناءهم بأسماء الأنبياء مثلما يفعل المسلمون .. فمن أسماء المسلمين التى درجوا عليها منذ نزل الإسلام نوح ، وهود ، وصالح ، وإبراهيم ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويوسف ، وعيسى ، وموسى ، ويحيى ، وشعيب ، وأيوب ، وهارون ، وزكريا ، ومريم .. وهذا الاحتفال بالنبوات والرسالات والأنبياء ، هو صدى حقيقى وعميق لعالمية الإسلام الذى استوعب كل هذه الرسالات وأتى بالدين الخاتم الذى شمل فى حناياه ما أتت به باقى الرسالات وقدم للإنسانية الدين الشامل الذى يتسع للبشر جميعًا وللناس كافة .

فالرسل فى شرعة الإسلام .. فروع شجرة واحدة وبناة بيت واحد يؤسس السابق لللاحق ويكمل اللاحق ما سبق إليه السالف .. لذلك كان من « عالمية الإسلام » .. وعناصر « العالمية » وموجباتها فيه ، أمر قرآنه المجيد بالإيمان بجميع الرسل وما أنزل إليهم جميعًا ، فقال سبحانه وتعالى فى تعريف المؤمنين «والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » ( البقرة 4 ، 5 ) .. ولأن الرسالة المحمدية هى الرسالة الخاتمة ، فإنها أرشدت إلأى ما تكمل به الإنسانية فى عالم الروح والمادة ، وعمم الخطاب فيها للناس كافة بلا تفرقة لجنس أو لون أو عصبية أو جاه أو سلطان .. وإنما العبرة بالتقوى والعمل الصالح .. « يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ » ( الحجرات / 13 ) .

زر الذهاب إلى الأعلى