الأفكار العملية لتنفيذ الأحكام الجنائية
بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي
كفل القانون للمتهم حقه في العلم بالجريمة المنسوبة إليه ومنحه الحق في الدفاع عن نفسه. نظم قانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات طرق إعلان المتهم بموعد بالتحقيقات ومواعيد الجلسات.
تأكيدا من القانون على حق المتهم في العلم وتحضير مستنداته وتجهيز دفاعه، فقد وضع نظام المعارضة في الأحكام الجنائية في الجنح، سواء أمام محكمة أول درجة أو محكمة الجنح المستأنفة.
الهدف من ذلك، هو ضمان علم المتهم وتأكيد حقه في الدفاع عن نفسه، ويترتب على حق المعارضة أمام محكمة الجنح إعادة الجنحة لنظرها مرة ثانية أمام ذات المحكمة، ثم يبقى للمتهم حق الاستئناف، فإذا قام باستئناف الحكم وتحديد جلسة لنظر القضية أمام محكمة الجنح المستأنفة، ثم تغيب عن الحضور، فإن حقه في عمل معارضة في الحكم الاستئنافي تظل مكفولة.
إذن عندما يصدر الحكم غيابيا أمام محكمة أول درجة، تبدأ إدارات تنفيذ الأحكام في أقسام ومراكز الشرطة بتسجيل تلك الأحكام الغيابية وضبط المتهمين ثم إرسالهم إلى النيابة العامة لتمكينهم من عمل معارضة، فإذا صدر حكم في المعارضة بالإدانة تقوم إدارات التنفيذ برصدها وتسجيلها والقبض على المتهم لتمكينه من عمل استئناف، وتعلمون حضراتكم أن المتهم إذا لم يحضر في الاستئناف، تعيد إدارة تنفيذ الأحكام الكرة لثالث مرة.
إن هذه المنظومة كفيلة بإفشال كل الجهود التي تبذلها إدارة تنفيذ الأحكام بالأحكام المتلاحقة عن ذات القضية. تجد إدارات تنفيذ الأحكام صعوبة في شأن التعامل المتكرر في الأحكام بمراحلها غيابي ثم معارضة ثم استئناف ثم معارضة استئنافية بالإضافة إلى عدم دقة العناوين الخاصة بالمطلوب للتنفيذ.
كانت النتيجة التي نعاني منها كمحامين وكمتقاضين، تراكم الأحكام وعدم تنفيذها بما يؤدي بمرور الوقت الي سقوط الأحكام أو انقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة.
من أجل هذا، كان لابد من إيجاد ضوابط ووضع ضمانات لسرعة تنفيذ الأحكام، لأن الحكم بدون تنفيذ يصبح هو والعدم سواء ويشجع المجرمين على التمادي في إجرامهم طالما ضاعت العقوبة أفلت المتهم من العقاب.
من خلال هذا المقال فإنني أقدم عدد من الاقتراحات الواقعية التي تقبل التنفيذ في ظل العصر الذي نعيشه ويلخص في الآتي:
أولًا: يجب على إدارة تنفيذ الأحكام بالربط مع النيابة العامة تسجيل هذه الأحكام لدى كافة المؤسسات الحكومية التي تتعامل مع المواطنين، بحيث تراجع الإدارة عما إذا كان طالب الخدمة غير مطلوب للتنفيذ من عدمه فإذا تبين أنه لم تصدر ضده أحكام جنائية تم قضاء مصلحته تحقيق مطلبه إما إذا كان مطلوب للتنفيذ فعليه أن يقدم ما يفيد أنه عارض أو استأنف الحكم الصادر ضده، ويمكن أن تكون البدايات قبل استكمال المنظومة الرقمية للربط بين إدارات التنفيذ والأجهزة الحكومية هو طلب شهادة من المواطن بأنه غير مطلوب للتنفيذ، ويمكن تفعيل هذا الاقتراح ليضم الوزارات الأكثر تعاملا مع المواطنين كوزارة الداخلية بتخصصاتها ووزارة التربية والتعليم والتموين والضرائب العامة والعقارية والإسكان والمرافق في المرحلة الأولى. سيسفر هذا الاقتراح عن مبادرة المواطن بنفسه للتخلص من الأحكام الصادرة بحقه سواء بالمعارضة أو الاستئناف وبالتالي سيخفف الضغط على إدارات التنفيذ.
ومع الوقت ستقل أعداد الأحكام الهائلة التي تكدست بها النيابات وأقسام ومراكز الشرطة، ومن الأمور الإيجابية التي تتحقق أيضا هو عدم تعرض المتهم لمداهمة منزلة للقبض عليه أو عدم تعريضه للضبط من خلال الكمائن المنتشرة على الطرق وبين المحافظات. وبالتالي سيتم تطهير المجتمع من أرباب السوابق ومحترفي الإجرام.
أما الاقتراح الثاني الذي يضع مصر في مصاف الدول الأكثر تقدما، هو إلغاء نظام المعارضة في الأحكام الجنائية ويمكن توفير كافة ضمانات العلم اليقيني للمتهم بالجريمة التي ارتكبها والتحقيقات بشأنها وجلسات المحاكمة، من خلال وسائل التواصل الحديثة المتوافرة الآن، يمكن اعتماد البريد الإلكتروني للأفراد بتوثيق ذلك بين المواطن وكافة الوزارات الحكومية بحيث يتم إعلام المواطن بكل التعاملات والمطالبات والاستعدادات بشكل صحيح بالإضافة إلى الاتصالات الهاتفية والواتس آب وغيرها من الوسائل التي نستخدمها جميعا ولا نستغني عنها لأهميتها.
كما يمكن تمكين المتهم من المعارضة إذا لم فشلت عملية التواصل معه بشرط ألا يكون هو السبب فيه. وبذلك نحد من الأحكام الغيابية ونخفف العبء عن كاهل الشرطة والنيابة من خلال طول الإجراءات المعمول بها حاليا.
إن الهدف الذي نبتغيه جميعا هو العدالة الناجزة التي طال انتظارها.