إذا تزوجت المرأة البالغة العاقلة بدون إذن وليها.. هل العقد يكون صحيحًا؟
تؤكد محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 463 لسنة 73 القضائية “أحوال شخصية”، أن الراجح في المذهب الحنفي وفقًا لرأي أبي حنيفة، وأبي يوسف، أنه إذا تزوجت المرأة البالغة العاقلة بدون إذن وليها، فإن العقد يكون صحيحًا سواء كانت بكرًا أم ثيبًا، ويكون نافذًا ولازمًا متى تزوجت بكفء على صداق مثلها أو أكثر، رضى الولي أو لم يرضى.
وتابعت: «وإذا تزوجت من غير كفء بمهر المثل، أو من كفء على مهر أقل من مهر مثلها، ولم يكن وليها قد رضى بذلك؛ فالعقد غير لازم بالنسبة لوليها، فله حق الاعتراض على الزواج، وطلب فسخه أمام القضاء، فإذا أثبت ذلك؛ فإنه يقضى بفسخ العقد مراعاة لحق الولي العاصب، إلا إذا رضى بالزواج أو لم يعترض عليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم …. لسنة 2000 كلى أحوال شخصية الإسكندرية على المطعون ضده للحكم ببطلان مشروع عقد الزواج العرفى المؤرخ 12/ 6/ 1987 واعتباره كأن لم يكن ، وقالت بياناً لذلك إنها اتفقت هى والمطعون ضده على الزواج وحررا ذلك العقد ثم عدلا عنه ، وكان المطعون ضده قد أقام عليها الدعوى رقم ….. لسنة 1999 مدنى كلى الإسكندرية بطلب الحكم بصحة توقيعها على ذلك العقد ، ولما كانت الطاعنة تنكر الزوجية فقد أقامت الدعوى ، بتاريخ 31/ 10/ 2002 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم …… لسنة 58 ق الإسكندرية ، وبتاريخ 7/ 4/ 2003 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول والثانى منها على الحكم المطعون فيه مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول إنه يشترط لصحة عقد الزواج أن يكون بحضور شاهدين رجلين أو رجل وامرأتين ، وإذ لم تستجب محكمة الموضوع لطلبها بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عدم حضورهما مجلس عقد زواجها بالمطعون ضده ، وكان وليها لم يوافق على هذا الزواج ، ولم يوثق العقد بالمخالفة للمادتين 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أن عقد الزواج شرعاً عقد رضائى يقوم على الإيجاب والقبول ، ويُلزِم الولي، وتطلُّب القانون توثيق هذا العقد لا ينفى عنه طبيعته الأصلية ولا يمس القواعد الشرعية المقررة ، وإن الراجح فى المذهب الحنفى وفقاً لرأى أبى حنيفة وأبى يوسف أنه إذا تزوجت المرأة البالغة العاقلة بدون إذن وليها فإن العقد يكون صحيحاً سواء كانت بكراً أم ثيباً، ويكون نافذاً ولازماً متى تزوجت بكفء على صداق مثلها أو أكثر ، رضى الولى أو لم يرض ، وإذا تزوجت من غير كفء بمهر المثل أو من كفء على مهر أقل من مهر مثلها ، ولم يكن وليها قد رضى بذلك فالعقد غير لازم بالنسبة لوليها فله حق الاعتراض على الزواج، وطلب فسخه أمام القضاء ، فإذا أثبت ذلك فإنه يقضى بفسخ العقد مراعاة لحق الولى العاصب إلا إذا رضى بالزواج أو لم يعترض عليه، وأنه إذا استوفى عقد الزواج أركانه الشرعية فلا عبرة بعدم توثيقه إذ إن التوثيق ليس من أركانه الشكلية أو الموضوعية.
لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة ببطلان عقد زواجها من المطعون ضده على سند من أنه لا يشترط أخذ رى الولى وخاصة أنه لم يعترض على ذلك العقد فى حينه من حيث الكفاءة والمهر ، كما أن الطاعنة لم تطعن على توقيع الشاهدين المذيل بهما العقد بثمة مطعن ، ولم تقدم ما يثبت عدم حضورهما ، وهو من الحكم استخلاص موضوعى سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويكفى لحمل قضائه ، ولا ينال من ذلك ما تثيره الطاعنة من أن الحكم خالف نص المادتين 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية والتفت عن طلبها بإحالة الدعوى إلى التحقيق ذلك أن القيد الوارد فى المادتين بشأن تقديم وثيقة زواج رسمية قاصر على الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج فلا يمتد إلى الدعاوى الناشئة عن النزاع فى ذات الزواج أو فى وجود الزوجية فيجوز للزوج أو الزوجة إثبات الزوجية عند الإنكار أو وجود نزاع فيها ولو لم يكن الزواج ثابتاً بوثيقة رسمية ، كما أن طلب إجراء التحقيق ليس حقاً للخصوم ، إنما هو من الرخص التى تملك محكمة الموضوع عدم الاستجابة إليها ، متى وجدت فى أوراق الدعوى ومستنداتها ما يكفى لتكوين عقيدتها ، ومن ثم يكون النعى غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك تقول إن الحكم لم يُلٌقِ بالاً إلى حقيقة الدعوى ووضع الطاعنة ، وأقام قضاءه على استنتاج ظنى ليس فى تقريرات الحكم ما يؤيده ولا يصلح هذا الظن أساساً لقيام الحكم مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك أن المقرر – فى قضاء محكمة النقض – إعمالاً لحكم المادة 253 من قانون المرافعات يجب أن تكون أسباب الطعن واضحة وأن تعرف تعريفاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافى نافى عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه ، وإلا كان النعى غير مقبول.
لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة لم تبين ماهية الاستنتاج الظنى الذى أقام عليه الحكم قضاءه وليس فى تقريراته ما يؤيده، فإن النعى عليه بهذا السبب يكون مجهلاً, ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.