إبداء الرأي الموجب لعدم صلاحية القاضي إفتاءً أو مرافعةً أو قضاءً أو شهادةً

كتب: علي عبدالجواد

يدل نص المادة ١٤٦من قانون المرافعات على أن المعول عليه في إبداء الرأي الموجب لعدم صلاحية القاضي إفتاءً أو مرافعةً أو قضاءً أو شهادةً هو أن يقوم القاضي بعمل يجعل له رأيًا في الدعوى أو معلومات شخصية، تتعارض مع ما يُفترض فيه من خلو ذهنه من موضوع الدعوى ليستطيع وزن حجج خصومها وزناً مجرداً مخافة أن يتشبث برأيه الذي يكشف عنه عمله المتقدم حتى ولو خالف مجرى العدالة، وضئاً بإحكام القضاء من الريبة في شخص القاضي، لدواعي يزعن لها أغلب البشر . 

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقـرر / محمد بدر عزت ” نائب رئيس المحكمة “، والمرافعة، وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع ـــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـــ تتحصل في أن المطعون ضده ـــ بعد رفض طلبه إصدار أمر أداء ـــ أقام على الطاعن الدعوى رقم ….. لسنة ٢٠١٧ محكمة كفر الشيخ الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائتي وسبعين ألف جنيهٍ، على سند من أنه يداينه بهذا المبلغ بموجب إيصال أمانة، وإذ لم يقم بسداده رغم إنذاره فأقام الدعوى، حكمت المحكمة بالطلبات، بحكم استأنفه الطاعن برقم ….. لسنة ٥٠ ق طنطا ـــ مأمورية كفر الشيخ ـــ ، طعن الطاعن بالتزوير على صلب إيصال الأمانة، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره قضت برفض الطعن بالتزوير وإعادة الاستئناف للمرافعة، ثم قضت بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرِضَ الطعن على المحكمة ـــ في غرفة مشورة ـــ حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعي الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والبطلان، إذ أيد حكم أول درجة رغم بطلانه لصدوره من دائرة ترأسها القاضي الذي رفض إصدار أمر الأداء ففقد صلاحيته للحكم في النزاع، مما يعيب الحكم المطعون فيه، بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن نص المادة ١٤٦ من قانون المرافعات يدل ـــ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـــ على أن المعول عليه في إبداء الرأي الموجب لعدم صلاحية القاضي إفتاءً أو مرافعةً أو قضاءً أو شهادةً هو أن يقوم القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية، تتعارض مع ما يُفترض فيه من خلو ذهنه من موضوع الدعوى ليستطيع وزن حجج خصومها وزناً مجرداً مخافة أن يتشبث برأيه الذي يكشف عنه عمله المتقدم حتى ولو خالف مجرى العدالة، وضئاً بإحكام القضاء من الريبة في شخص القاضي، لدواعي يزعن لها أغلب البشر، وأن نص المادة ٢٠٤ من ذات القانون الواردة في الباب الخاص بأوامر الأداء يدل على أن المشرع أوجب على القاضي متى رأى عدم توافر شروط إصدار الأمر بأداء الدين موضوع المطالبة أو رأى ألا يجيب الطالب لبعض طلباته أن يمتنع عن إصداره، ويُحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة، ولم يوجب تسبيب أمر الأداء أو رفض إصداره، ومن ثم فإن إصدار الأمر أو الامتناع عنه لا يُنبئ بذاته عن تكوين القاضي رأياً خاصاً في موضوع الحق محل النزاع، فلا يفقد صلاحيته في الفصل فيه إذا ما عُرِضت عليه الدعوى لنظر موضوعه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، إذ تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات أن إيصال الأمانة محل الدعوى أحد ثلاثة إيصالات وقعها على بياض ضماناً لسداد باقي ثمن قطعة أرض زراعية اشتراها، وسلمهم لآخر كأمانة لحين سداد الثمن، وأن حصول المطعون ضده على ذلك الإيصال كان بغير رضائه، لأنه لا تربطه به أية علاقة، ودلل على ذلك بالمحضرين رقمي …. لسنة ٢٠١٦ ، ….. لسنة ٢٠١٧ إداري مركز الرياض، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع، رغم انتفاء ركن التسليم الاختياري للمطعون ضده، بما يعيبه، ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه ولئن كان الأصل في الأوراق الموقعة على بياض أن تغيير الحقيقة فيها ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، إلا أنه إذا كان من استولى على الورقة قد حصل عليها خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى بخلاف التسليم الاختياري فإنه ـــ وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـــ يخرج عن هذا الأصل، ويُعد تغيير الحقيقة فيها تزويراً يجوز إثباته بكافة الطرق .
لما كان ذلك، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن طلب الطاعن إحالة الدعوى للتحقيق ليثبت دفاعه الوارد في سبب النعي، مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به ـــ إن صح ـــ وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب، بما يوجب نقضه لهذا السبب .
لــــذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ مائتي جنيهٍ مقابل أتعاب المحاماة، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف طنطا ـــ مأمورية كفر الشيخ .
زر الذهاب إلى الأعلى