أسباب البراءة في قضية إحراز جوهرًا مخدرًا بقصد الاتجار
كتب: علي عبدالجواد
رأت محكمة الموضوع أن صورة واقعة الضبط توفر حالة من حالات التلبس وتمنح مأمور الضبط القضائى سلطة القبض والتفتيش قانوناً، بينما ردت محكمة النقض أن ما أورده الحكم المطعون فيه لا يوفر قيام حالة التلبس بجريمة تبيح لضابط الواقعة القبض على الطاعن، تعرف على أسباب البراءة في قضية إحراز جوهرًا مخدرًا بقصد الاتجار .
الوقائع: إحراز جوهرًا مخدرًا بقصد الاتجار
تعود وقائع القضية إلى اتهام النيابة العامة الطاعن فى القضية بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرًا مخدرًا (الترامادول) فى غير الأحوال المصرح بها قانونًا، وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته.
قضت المحكمة حضوريًا فى ١٥ من مارس سنة ٢٠١٨ عملاً بالمواد ١، ٢، ٣٨/١، ٤٢/١ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٩، والبند رقم ١٥٠ من القسم الثانى من الجدول رقم ١ الملحق، بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، وتغريمه مبلغ خمسون ألف جنيه، ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز وحيازة المخدر المضبوط بغير قصد من القصود المسماة فى القانون.
طعن الأساذ المحامي بصفته وكيلًا عن المحكوم عليه – الطعن فى هذا الحكم بطريق النقض.
الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس والمظاهر الخارجية التى تنبئ عن وقوع الجريمة
قالت محكمة النقض في حكمها أنه: «حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز عقار الترامادول المخدر بغير قصد من القصود المسماة فى القانون فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه الخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن اطرح دفعه ببطلان القبض عليه وتفتيشه لانتفاء حالة التلبس والمظاهر الخارجية التى تنبئ عن وقوع الجريمة بمالا يسوغ به اطراحه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه».
محكمة الموضوع: صورة واقعة الضبط توفر حالة من حالات التلبس وتمنح مأمور الضبط القضائى سلطة القبض والتفتيش قانوناً
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: ” أنه أثناء مروره الأمنى للنقيب/ …. رفقة مجموعة من رجال الشرطة السريين لتفقد حالة الأمن العام وردت إليه معلومات من أحد مصادره السرية مفادها قيام المتهم بمزاولة نشاطه الإجرامى وبالانتقال لمكان تواجده وحال رؤية المتهم لسيارة الشرطة حاول الفرار إلا أنه تمكن من ضبطه وبتفتيشه عثر بحوزته بجيب بنطاله على عدد ٨ شرائط دوائية للترامادول المخدر وعدد ٤ أقراص لذات المخدر “، وحصل الحكم أقوال الضابط شاهد الواقعة بما لا يخرج فى مضمونه عما أورده فى تحصيله لواقعة الدعوى ثم عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش واطرحه على سند من أن صورة واقعة الضبط كما أورده على النحو السالف إنما توفر حالة من حالات التلبس وتمنح مأمور الضبط القضائى سلطة القبض والتفتيش قانوناً ورتب على ذلك رفض الدفع.
محكمة النقض: تقدير الظروف التى تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها، ومدى كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع، إلا أن ذلك مشروط أن تكون الأسباب والاعتبارات التى تبنى عليها المحكمة تقديرها صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها
«النقض»: ما أورده الحكم المطعون فيه لا يوفر قيام حالة التلبس بجريمة تبيح لضابط الواقعة القبض على الطاعن
وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى معرض بيانه لواقعة الدعوى، وما حصله من أقوال الضابط واطراحه الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس – على السياق المتقدم – لا يوفر قيام حالة التلبس بجريمة تبيح لضابط الواقعة القبض على الطاعن، ذلك أن مجرد محاولته الهرب إثر مشاهدة سيارة الشرطة، ليس فيه ما يبرر القبض عليه لانتفاء المظاهر الخارجية التى تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وتتوافر بها حالة التلبس التى تبيح لمأمور الضبط القضائى القبض والتفتيش، وكان تلقى مأمور الضبط القضائى نبأ الجريمة عن الغير لا يكفى لقيام حالة التلبس مادام هو لم يشهد أثراً من أثارها ينبئ بذاته عن وقوعها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى صحة هذا الإجراء، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.
الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض
لما كان ذلك، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم التعويل فى الحكم بالإدانة على أى دليل يكون مستمداً منهما، وبالتالى فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سواه، فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩، ومصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة ٤٢ من القانون رقم ١٨٢ لسنة ١٩٦٠ المعدل .
فلهــــــــــذه الأسبــــــــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أُسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط.