بدأت بولاية « بايزيد خان الأول » ـ خلفًا لمراد الأول ، بدأت سنة قتل الإخوة اتقاء منافستهم على السلطة ، فتوجس وحاشيته من شقيقه الأصغر « يعقوب » لا لبادرةٍ سيئةٍ منه ، وإنما لشجاعته وإقدامه وعلو همّته ، فخيف أن ينافس أخاه ، ولذلك تم « قتله » باتفاق مع الأمراء وقواد الجيش ، وقيل إن قتله كان بناءً على « فتوى شرعية » اتقاءً لحصول الفتنة !!!
ولم تدم السلطة لبايزيد ، فأغار عليه المغول بقيادة تيمور لنك ، وانتهت المعارك الدامية بأسره ، وبقى أسيرًا إلى أن توفى فى الأسر ، وتجزأت الدولة من بعده إلى إمارات صغيرة دخلت فى صراعات وحروب حتى استقـرت السلطـة إلـى « محمد بن بايزيد» الذى أعلن نفسه خليفة حين بلغه خبر وفاة أبيه ، وليبدأ القتال بين الأخوة ، فقد نازعة أخوه « عيسى » ودخل معه فى عدة معارك تمكّن مـن قتله فى الأخيرة منها ، فانتدب أخاه « موسى » إلى أوروبا لمحاربة أخيهما « سليمان » ، حيث تمكن فى حملته الأخيرة من قتله سنة 1410م ، ولكن موسى لم يلبث أن طمع فى الحكم لنفسه ، ولكنه أخفق فى النهاية ، ولم يرحمه أخوه « محمد بن بايزيد » ، وأمر بقتله سنة 1413م لينفرد بالملك بغير منازع !
وامتدت أنهار الدماء التركية العثمانية إلى مصر ، مع غزو السلطان سليم الأول ، المسمى بالرهيب والقاطع ، والعابس ، تاسع سلاطين الدولة العثمانية ، للشام ثم مصر سنة 1517 م / 923 هـ .. حيث امتد حكمها فى مصر ـ تحت عنوان الخلافة ـ نيفًا وخمسة قرون سالت فيها الدماء أنهارًا فى مصر وباقى الأقاليم التى احتلها العثمانيون الأتراك ، مثلما أُريقت الدماء فى تركيا حيث رئاسة ورأس الدولة .
ولم تكن الدماء التى أراقها سليم الأول فى مصر ، وشنقه لطومان باى انتقامًا لدوره الوطنى ، على باب زويلة .. لم تكن هذه الدماء هى بداية عهد سليم الأول الذى راق له لقب « أمير المؤمنين » ـ لم تكن بداية عهده بالدماء ، فقد صاحبته هذه النزعة الدموية لإزاحة والده « بايزيد الثانى » فقام ضده بانقلاب أوصله إلى عرش السلطة بدعم من الإنكشارية وخاقان القرم ، وترددت بين الروايات فى تفسير موت الأب ـ أن الابن ـ سليم الأول ـ قتله بالسم ، وهى رواية يحلو للإسلاميين طلاب الحكم بالخلافة ، أن يصفوها بأنها رواية مرجوحة ، بيد أن أحدًا لم يستطع إنكار أن سليم الأول « أمير المؤمنين » ـ قد بلغت به نزعته الدموية مطاردة إخوته وأبنائهم ، والقضاء عليهم واحدًا تلو الآخر ، حتى لم يبق له منازع فى الحكم .
إثر انقلاب سليم على أبيه ، أعلن أخوه « أحمد » العصيان ، ورفض الخضوع له ، وتولى حكم أنقره ـ فجرد سليم جيشًا لتعقبه وأرسل ابنه « علاء الدين » فاحتل مدينة بورصة فى يونيو 1512 م ، ولكن « علاء الدين » بعث إلى « مصطفى باشا » يخبره بعزمه على توطيد نفوذه وخلع أخيـه ، واعـدًا إياه بمنصب كبير إذ نقل إليه تحركـات سليـم ونواياه .
وكان السلطان سليم وقد عقد العزم على القضاء على إخوته وأبنائهم ليصفو له الحكم ، قد عين ابنه « سليمان » المسمى بالقانونى فيما بعد ، حاكمًا للقسطنطينية ، وخرج سليم بنفسه على رأس جيش إلى آسيا الصغرى ، فاقتفى أثر أخيه أحمد إلى أنقره ، الذى تمكن من الفرار منه إلى الجبال ، فقام سليم بقتل مصطفى باشا شر قتلة ، متهمًا إيّاه بأنه الذى نقل إلى أخيه خبر مقدمه ، ثم استدار على باقى إخوته وأبنائهم ، فقبض فى بورصة على خمسة من أولاد إخوته قتلهم جميعًا بما فيهم علاء الدين الذى كان قد أرسله إلى مدينة بورصة .
ثم توجه سليم بسرعة إلى « صاروخان » مقر أخيه « قرقود » ، الذى فرّ منه إلى الجبال ، ولكنه تمكن من القبض عليه وقتله !
استمر سليم الأول فى سياسة سابقيه فى إراقة الدماء ، بما فى ذلك قتل الإخوة الأطفال ، احترازًا من طلبهم السلطة .