أثر التجارة الإلكترونية على إنتهاكات الملكية الفكرية “2”
بقلم الدكتور/وليد محمد وهبه المحامي
لم يحرك ساكنا تصريح “أبل” نحو المجتمع العربي بعد أن أكدت في أكثر من مناسبة عدم رغبتها في تطوير المحتوى في متاجرها الإلكترونية أو متجر الأفلام الخاص بها لعدم تطبيق الشرق الأوسط حقوق الملكية الفكرية وضمان عدم سرقة محتواها ولكن وقوف الولايات المتحدة مع الشركات أسهم في التصدي لمثل تلك الانتهاكات.
في 2010، أغلقت حكومة الولايات المتحدة تسعة مواقع على شبكة الويب لعرض الأفلام بدون مقابل، وكان عدد المشتركين في هذه المواقع -التي كان بعضها يعرض الأفلام بعد عرضها الرسمي في دور السينما بعدة ساعات- يبلغ ما يقرب من سبعة ملايين مشترك كل شهر.
وكانت هذه المواقع -شأنها شأن الكثير من مواقع التعدي على حقوق نشر التسجيلات الموسيقية- تحقق أموالاً من إيرادات الإعلانات والتبرعات.
وفي 2011، أشارت التقارير إلى أن شركة إنتاج Voltage Pictures تقاضي 24583 من مستخدمي برنامج BitTorrent، معظمهم في الولايات المتحدة، لقيامهم بتنزيل فيلم The Hurt Locker بشكل غير قانوني. وتشير تقديرات مجلس الأفلام الكوري إلى أن 50 في المائة من الأسر في كوريا قاموا بتنزيل أفلام بشكل غير قانوني، تمثل خسارة لصناعة الأفلام، خصوصا سوق أقراص الفيديو، قد تصل إلى مليار دولار أمريكي.
الكتب الإلكترونية في خطر تنمو تطبيقات المكاتب الإلكترونية والمزودة لعدد من المنشورات المطبوعة بصيغة إلكترونية، تنمو بشكل متزايد، ما يقلق دور النشر والمؤلفين، فنمو جمهور القراءة الإلكترونية يتيح قناة جديدة لتوزيع الكتب وغيرها من المواد المنشورة، وإن كان يفتح إمكانية تقاسم المواد المحمية بحقوق التأليف والنشر على نطاق واسع. ويبدو أن تأثير القرصنة هنا أقل قسوة مما هو في الوسائط الأخرى.
وقد قالNigel Newton، مؤسس شركة Bloomsbury للنشر ورئيسها التنفيذي أخيرا: “يجب أن نعترف بأننا محظوظون بالانتصار في هذه الحرب وأن الجمهور يقبل بضرورة دفع شيء ما مقابل الاطلاع على الكتب الإلكترونية”. ومع ذلك، ففي 2011، لاحظت رابطة الناشرين التعدي على حقوق النشر على الخط وأن ذلك شمل مؤلفات يبلغ عدها 31 ألف مؤلف على أكثر من 80 ألف صفحة على شبكة الويب.
وحسب التقرير الصادر من الاتحاد الدولي للاتصالات فإن صناعة البرمجيات تعاني القرصنة الفعلية والرقمية، وقد أصدر تحالف صناعة وتجارة البرمجيات 7,5 مليون إنذار إلى مواقع الند للند ومستخدمي برنامج BitTorrent في 2009، فيما يتصل بتوزيع البرمجيات على الخط بشكل غير قانوني، وذكر أن القرصنة تمثل ما يقرب من 40 في المائة من السوق العالمية.
ومعظم البرمجيات المستخدمة في بعض البلدان تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة. ويعد قيام الشركات بشراء عدد محدود من تراخيص الاستخدام ثم تركيب المنتَج على عدد كبير من الحواسيب الشخصية تزويراً وقرصنة رقمية، ويمثل تحدياً لصناعة البرمجيات.
دور الهيئات التنظيمية يعد مجال حقوق التأليف والنشر جديداً على هيئات تنظيم الاتصالات.
ومستويات القرصنة السائدة على الإنترنت تمثل ضغوطاً كبيرة على نماذج العمل القائمة، والأطر القانونية والبيئات التنظيمية. ونظراً للطبيعة العالمية للاقتصاد الرقمي، أصبح الكثير من هذه التحديات يواجه صانعي السياسات والهيئات التنظيمية بشكل متزايد في الأسواق في جميع أنحاء العالم. وتوفير بيئة تعزز الإبداع والابتكار، وتفسح المجال للمنافسة، وتستفيد من قدرة التكنولوجيا الرقمية على إحداث تحول شامل، يعني تحقيق توازن دقيق يحفز جميع الجهات المختلفة صاحبة المصلحة ويحميها. ويتعين على هيئات تنظيم الاتصالات أن تضمن أن تكون جميع جوانب الاقتصاد الرقمي قادرة على النمو والازدهار، كي يمكن تحقيق المنافع المجتمعية. ومع ذلك، يبدو الآن أن مراعاة الكياسة في العمل على تعزيز الاقتصاد الرقمي تمثل خيارا تنظيمياً أسلم من التدخل بقوة.