آثر شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص على السوق المصري
بقلم الأستاذ/ شهاب الدين محمد
وافقت الهيئة العامة للرقابة المالية على تأسيس وترخيص الشركات ذات غرض الاستحواذ والمعروفة بـ SPAC أو شركات الشيك على بياض، بسجلات الهيئة ضمن نشاط الشركات ذات رأس المال المخاطر.
وتعرف شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص على أنها شركات يتم إنشائها على وجه التحديد للاستثمار في أسواق المال إذ تعتبر تلك الشركات كيانا مدرجا في سوق المال من أجل الاستحواذ على شركات أخرى وإتاحة أسهمها للمستثمرين، ولا يوجد لدى تلك الشركات عمليات تجارية وتجمع رأسمالها بالكامل من خلال الطروحات، بحسب موقع Investopedia.
ويطلق على تلك الشركات أيضا Blank Cheque Companies أو شركات “الشيك على بياض” ويعود هذا الأمر بالأساس إلى عدم إطلاع المستثمرين على الخطط المستقبلية للشركة وبالتالي عدم معرفة كيفية استثمار أموالهم ما يعادل منح تلك الشركات شيكا على بياض من قبل المستثمر في إشارة إلى المخاطر التي تتضمنها عمليات الاستثمار في تلك الشركات.
وازدهر هذا النوع من الشركات بقوة في ثمانينات القرن الماضي ولكنه عاد للظهور في الآونة الأخيرة مع سيولة قياسية بالأسواق بفعل حزم التحفيز التي اتخذتها البنوك المركزية الكبرى حول العالم .
وتُدرج هذه الشركات في البورصات لجمع رؤوس الأموال اللازمة لعملية الاستحواذ المستهدفة، وهي وسيلة استثمارية جديدة للعديد من الأثرياء .
والسماح بتأسيس هذه الشركات يعكس اهتمام الرقابة المالية بابتكار حلول تمويلية من شأنها تسهيل وصول المستثمرين وعلى الأخص الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل .
يأتي هذا التوجه ضمن مبادرة الهيئة العامة للرقابة المالية لإتاحة وسائل تمويل متعددة أمام الشركات الناشئة من جهة وبصفة خاصة في مجال التكنولوجيا والتقنيات الرقمية.
تتيح المبادرة الفرصة أمام الشركات الناشئة والواعدة من جهة وبصفة خاصة في مجال التكنولوجيا والتقنيات الرقمية، والمستثمرين من جهة أخرى لتحقيق الأهداف الاستثمارية المرجوة لكل منهما عن طريق تأسيس شركة لهذا الغرض يتم قيد أسهمها بالبورصة ويكون هدفها الاستحواذ أو إدماج الشركات المستهدفة (Target Company) على أن يتم إتاحة أسهم الشركة للتداول.
تلك النوعية من الشركات ذات غرض الاستحواذ (SPAC) – والخاضعة لأحكام قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992-تعتبر شركات يتم إنشاؤها لغرض وحيد هو الاستحواذ أو إندماج شركات مستهدفة من الشركات الناشئة وبصفة خاصة في مجال التكنولوجيا والتقنيات الرقمية.
خطوات التأسيس
يتم تأسيس شركة من المؤسسيين (المساهمين الرئيسيين) كشركة رأس مال مخاطر ويلي ذلك طرح أسهم زيادة رأس المال بالاكتتاب العام و/أو طرح خاص.
يتم استخدام حصيلة الاكتتاب بعد ذلك بالاستحواذ على واحد أو أكثر من الشركات أو المشروعات بعد الاكتتاب.
تقوم الشركة ذات غرض الاستحواذ تقوم بالحصول على التمويل المطلوب من خلال طرح الأسهم في الاكتتاب العام و/أو طرح خاص، ويتم الاحتفاظ بحصيلة الاكتتاب في حساب مصرفي بشروط محددة الى ان يتم إجراء الاستحواذ المطلوب خلال مدة الزمنية للشركة بحد اقصى سنتين، وفق رئيس هيئة سوق المال.
“إن لم يتم إجراء الاستحواذ المخطط له، فتلتزم الشركة ذات غرض الاستحواذ (SPAC) بإعادة الأموال إلى المستثمرين، بعد خصم العمولات المقررة والمصاريف الاخرى .
مما لا شك فى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تلعب دورا ً هاما ً ورئيسيا ً فى دفع عجلة التنمية ورواج الإقتصاد القومى لكل دولة .
وتتنوع وتتعدد الأنشطة التى تقوم بها لأداء هذا الدور وتحقيق الهدف لهذا تركز جل الإهتمام بهذه الشركات ووجهت إليها الأنظار نظرا ً لما يحدثه التقصير فى أداء أيا ً من الأنشطة التى تقوم بها تأثير جذرى على إقتصاد الدولة .
إذا كان الإندماج قد أصبح ظاهرة عالمية فإنه ينبغى مع ذلك دراسته بعناية فائقة ومراعاة لضوابطه قبل الإقدام عليه لما له من تأثير بالغ على نشاط الكيانات المقدمة عليه وما يسمه من مصالح كثيرة ومتشابكة . فلا بد أن يتم الإندماج إذن بعد تفكير وترو ونظرة ثاقبة من القائمين على أمر الجهات المقبلة عليه حتى يحقق أهدافه ويقوم على أسس قوية وواقعية وإستغلال أمثل لإمكانات وقدرات تلك الجهات .
مزايا الإندماج
أولا : إتاحة الفرصة أمام المشروعات المندمجة لتحقيق أرباح أفضل .
ثانيا ً :إتاحة الفرصة لتكوين أو توفير رأس مال ضخم يمكن من خلاله الإستمرار فى السوق .
ثالثا ً : فتح الباب أمام المنافسة المشروعة .
رابعا ً : زيادة ثقة العملاء فى الشركات المندمجة .
عيوب الإندماج
رغم الإيجابيات المتعددة لعمليات الاندماج الذي تشهدها السوق المحلية التي تسهم في تعزيز الموقف المالي والتنافسي للشركات، وكذلك خفض التكاليف بسبب وفورات الحجم الكبير، ونقل المعرفة، وتخفيض المخاطر التشغيلية والمالية، إلا أن هذه الصفقات لها مخاطرها على كل الأطراف وتشمل المخاطر الاحتكارية والتنافسية وكذلك مخاطر اجتماعية واقتصادية ومالية.
أن المخاطر الاحتكارية والتنافسية في عمليات الاندماج والاستحواذ تؤدي الي ظهور التكتلات الاقتصادية والشركات الاحتكارية مما يضعف من المنافسة ويتيح الفرصة للشركات الكبيرة في التحكم في الأسواق ورفع مستويات الأسعار وخفض رفاهية المستهلك وبالتالي الإضرار بالصالح العام، بالإضافة الي المخاطر الاجتماعية والاقتصادية من خلال إعادة تنظيم وهيكلة الكيانات المندمجة، والذي يشكل أيضا عملية إعادة هيكلة للعاملين والاستغناء عن البعض منهم مما يؤدي في حالة انتشار هذه العمليات الي ارتفاع مستويات البطالة في المجتمع ويكون له العديد من الآثار السلبية علي النشاط الاقتصادي والاجتماعي ويزداد الأثر الاقتصادي والاجتماعي السلبي في الحالات التي لا تؤدي فيها تطبيقات الاستحواذ والاندماج الي اضافة جديدة علي المستوي القومي من خلال التطوير أو اكتساب المهارات الفنية المتطورة.
وأنه من ضمن تلك المخاطر المالية التي تتسبب في زيادة المخاطر حينما لا يستطيع الكيان المندمج تغطية تكاليف عملية الاندماج وتحقيق المكاسب المتوقعة خلال فترة زمنية معقولة، وتزداد فرص حدوث هذه النتائج في حالة قيام عملية الاندماج بين كيانات هشة تهدف الخروج من أزمات تمويلية أو رأسمالية أو الهروب من مشكلات التعثر المالي وفي النهاية تكون المساوئ المحققة من الاندماج أكثر من المزايا مما يضطر الكيان الجديد للقيام بإعادة تقييم الأصول وهو الأمر الذي قد يؤدي الي الإضرار بحقوق المساهمين وجمهور المتعاملين.
وفيما يتعلق بالأثر علي مستوي أداء الوحدة، حيث تشير العديد من الدراسات الي أن الاندماج يؤدي الي آثار ايجابية علي مستوي أداء الكيان الاقتصادي المندمج بالمقارنة بكيانات مشابهة غير مندمجة أو بالمقارنة بنفس الكيانات المندمجة قبل عملية الاندماج .
و أثر الاندماج علي عدد من المتغيرات وتشمل كفاءة التكاليف ومستوي الربحية والتغير في القيمة السوقية للأسهم، والنصيب النسبي في السوق، وبينما تنعكس الكفاءة الإنتاجية للكيان المندمج بشكل إيجابي علي الوحدة، والصناعة والاقتصاد ككل، إلا أن المزايا الضريبية يقتصر تأثيرها الإيجابي علي الكيان المندمج، وذلك علي حساب ميزانية الدولة والتي تنخفض ايراداتها.
ومن المعروف أن أجهزة حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية تقوم بالموافقة علي عمليات الاندماج والاستحواذ علي أساس رفاهة المستهلك، وبالتالي فإنه في الحالة المشار اليها يتم رفض الاندماج بسبب انخفاض مستوي رفاهة المستهلك، وذلك بالرغم من ارتفاع الرفاهة الكلية وأنه من الممكن الموافقة علي الاندماج إذا ما ترتب علي الاندماج زيادة في الرفاهة الكلية بدون انخفاض في رفاهة المستهلك، فمع حدوث الاندماج تنخفض التكاليف المتوسطة بشكل واضح، وفي ذات الوقت يزداد النصيب السوقي للكيان المندمج ولكن بدرجة أقل من الحالة الأولي، وبالتالي يرتفع السعر بعد الاندماج الي pm وهو مستوي أقل من السعر قبل الاندماج p1.
وشهد الاقتصاد المصري في عام 2015، عددا من عمليات الاندماج والاستحواذ التي تميزت بتنوع كبير في القطاعات المندمجة، فشملت القطاع المالي (استحواذ شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا القابضة وشركة «اكت فينانشال» علي شركة «بلتون» واستحواذ «س آي كابيتال القابضة علي حصة البنك في «كوربليس» وشركة «بايونيرز للاستثمارات« على شركة «رؤية القابضة للاستثمارات»)
وتنتشر عمليات الاستحواذ والاندماج بشكل كبير في كل القطاعات الإنتاجية في مصر، وأن أشكال الاندماج والاستحواذ مختلفة، منها ما هو داخل الحدود وما هو خارجها ومنها ما يمول بالسيولة وما يمول بالأسهم، وعند مقارنة مصر بدول منطقة الشرق الأوسط يتبين أن نصيب مصر من عمليات الاستحواذ والاندماج تبلغ 14٪ من إجمالي عمليات الاستحواذ والاندماج بعد دولة الإمارات العربية المتحدة (21٪.
. وتحتاج أجهزة حماية المنافسة الى إطار قانوني شامل، ومجموعة من المعايير والمبادئ يتم الاعتماد عليها عند تقييم أثر الاندماج على المنافسة. كما تحتاج الى أن تتحول سلطتها من مجرد إبداء الرأي الى الموافقة والرفض بناء على القوانين والمبادئ والمعايير.
وبعد أن تناولنا شرح كامل لفكرة شركات الشيك على بياض التى من المفترض أن تبدأ فى تأسيسها فى القريب العاجل بعد موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية وعرضنا مزايا وعيوب الإندماج أرى أن فكرة هذه الشركات هى فكرة جيدة جدا ً وتساعد عجلة الإنتاج ولكن يجب أن يكون فى ضوابط صارمة وقانونية لمثل هذه الشركات لأنه إذا لم يوجد ضوابط قانونية سوف نكون بصدد صناعة غول للممارسات الإحتكارية بشكل مقنن يهدد الإقتصاد القومى ويقلل من رفاهية المستهلك ويتحكم فيه ويقتل الإبداع لدى رواد الأعمال لأنه سوف يرى أن مجهوده ذهب بلا فائدة حقيقية نظرا ً لمشكلة فى الهيكلة الإدارية أو المالية بسبب سيطرة شركات الشيك على بياض على الشركات الصغيرة والمتوسطة .