آثار ثبوت تعاطي المخدرات على الوظيفة العامة
بقلم المستشار الدكتور/ إسلام إحسان – نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية
تنهض المرافق العامة إلى تقديم الخدمات بانتظام واطّراد ، وهو ما يستلزم تمتع موظفيها بلياقة صحية ملائمة للقيام بكل الواجبات والمهام على أكمل وجه ، حفاظًا على سير هذه المرافق وانتظام رعايتها للمصلحة العامة على وجه مستمر ، فما هو الأثر القانونى المترتب على ثبوت تعاطى الموظف المخدرات ؟
و إذا كانت لكل وظيفة عامة حقوقها وواجباتها، فإنه متى تأثرت اللياقة الصحية للموظف العام على نحو يخل بقدرته على أداء هذه الواجبات وتحمل هذه المسئوليات كان من اللزوم أن تنقضي علاقته القانونية بالمرفق العام ، وذلك بانتهاء خدمته و فقدانه الصلاحية القانونية للإستمرار فى مباشرة أعمال وظيفته ، إذ أن المشرع فى قانون الخدمة المدنية 81 لسنة 2016 حدد بالمادة (69) منه الحالات التى تنتهى بها خدمة الموظف العام، وأورد من بين هذه الحالات حالة عدم لياقة الموظف صحيًّا للخدمة على النحو الذي يقرره المجلس الطبي المختص.
و لذلك أوجب القانون رقم ٧٣ لسنة ٢٠٢١ بشأن شروط شغل الوظائف العامة او الاستمرار فيها إجراء تحليل مخدرات بصورة مفاجئة للموظفين بالوزارات و المصالح الحكومية و الهيئات العامة و شركات القطاع العام و الشركات القائمة على التزامات المرافق العامة و شركات قطاع الاعمال العام و الشركات التى تساهم فيها الدولة و المستشفيات الخاصة و دور الحضانة ، و حظر القانون التعيين فى تلك الجهات و ترقية الموظفين بها للوظائف الاعلى او ندبهم او اعاراتهم او نقلهم إلا اذا ثبت عدم تعاطيهم المخدرات من خلال تحليل طبي تجريه جهة الادارة ، و بذلك ينطبق القانون سواء على المتقدم للوظيفة أو الموظف الموجود في الخدمة .
فإذا ثبت من التحليل أن الموظف يتعاطى المخدرات فإنه يتعين وقفه عن العمل بقوة القانون و حرمانه من نصف اجره ، و ذلك الى حين إجراء تحليل ثانى للتأكد من تعاطيه المخدرات من عدمه ، و إذا ثبت من التحليل الثانى تعاطى الموظف المخدرات فإن الموظف يفقد أهليته القانونية لشغل الوظيفة أو الإستمرار فيها و تنهى خدمته بقوة القانون بقرار من جهة عمله ،و نلاحظ أن المشرع في ختام المادة (69) المذكورة فوض اللائحة التنفيذية للقانون في بيان قواعد وإجراءات إنهاء الخدمة الحاصل بأي من الأسباب التي تضمنتها، ومنها عدم اللياقة الصحية للخدمة، وتنفيذًا لذلك فقد بينت المادة (177) من اللائحة التنفيذية للقانون قواعد وإجراءات هذا الإنهاء ، حيث نصت على أنه متى ثبت عدم لياقة الموظف للخدمة صحيًّا بقرار من المجلس الطبي المختص، تعين على إدارة الموارد البشرية أن تعرض الأمر على السلطة المختصة أو من تفوضه لإصدار قرار بإنهاء خدمته ، وذلك دون الإخلال بأحقية الموظف في استنفاد مدد إجازاته المرضية والاعتيادية قبل إصدار هذا القرار، ما لم يطلب الموظف نفسه إنهاء خدمته دون انتظار انتهاء هذه الإجازة.
وأفصحت الفقرة الأخيرة من المادة (177) المشار إليها عن انتهاء خدمة الموظف إذا ثبت عدم لياقته الصحية نتيجة إدمانه المخدرات، ويثبت ذلك بقرار من المجلس الطبي المختص، والذي يقرر بما له من صلاحيات طبية متخصصة أن الموظف تحققت في شأنه خصائص إدمان المخدرات وأنه أصبح غير لائق صحيًّا للخدمة.
و على ذلك فإن إنهاء خدمة الموظفين الخاضعين لاحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016، الذين يثبت تعاطيهم للمواد المخدرة رهين بثبوت إدمانهم لهذه المواد وعدم جدوى شفاؤهم من الإدمان، وذلك بعد استنفاد إجازاتهم المرضية وتقرير عدم لياقتهم الصحية، بموجب قرار يصدر من المجلس الطبي المختص ، دون إخلال بحق الجهة الإدارية في مساءلتهم تأديبيًّا عن واقعة تعاطى المخدرات ، سواء بإحالتهم إلى النيابة الإدارية لمحاكمتهم تأديبياً أو إصدار قرارات تأديبية بمجازاتهم إداريا ً .
وإذا أمتنع الموظف عن اجراء التحليل او تعمد التهرب منه تنهى خدمته أيضاً وجوبياً بقوة القانون ، و يسأل تأديبيًأ فالقاعدة هى وجوب مساءلة الموظفين الخاضعين لاحكام القانون المشار إليه تأديبيًّا حال امتناعهم عن إجراء التحليل الطبي اللازم للكشف عن تعاطيهم للمواد المخدرة، دون إخلال بحق الجهة الإدارية في إحالتهم إلى المجلس الطبي لتوقيع الكشف الطبي لبيان مدى تعاطيهم المخدرات من عدمه، تأسيسا على أن المادتين (57) و(58) من قانون الخدمة المدنية السابقة الإشارة إليهما، تدلان على أنه يتعين على الموظف العام الالتزام بأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية وغيرهما من القوانين واللوائح والقرارات والتعليمات المنفذة لها، وما يصدر من قرارات تنظيمية أو تعليمات أو نشرات أو كتب دورية في هذا الشأن، ومدونات السلوك وأخلاقيات الخدمة المدنية الصادرة من الوزير المختص ، وكل موظف يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته، أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديبيًّا، وأن سبل تحقق استمرارية حفاظ الموظف العام على كرامة الوظيفة العامة التي يشغلها متعددة.
و يعاقب الرئيس الاداري بالحبس او الغرامة التى لا تقل عن ١٠٠ الف جنيه اذا تعمد السماح لمدمن مخدرات بشغل الوظيفة العامة او الاستمرار فيها ، و كذلك يسأل الرئيس الإداري تأديبياً عن ذلك و يجازى تأديبياً لتستره على الموظف و تعمده تعطيل أحكام القانون .