«النقض»: للمحكمة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم 4390 لسنة 79 بتاريخ 02/08/2022 ، أنه يجوز للمحكمة كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم، إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.
المحكمـة
على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر أوراق الطعن – تتحصل فى أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 11052 لسنة 2003 مدنى كلى شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم برد مبلغ الضريبة النسبية المحصل عن عقد القرض محل التداعي.
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 3783 لسنة 12ق القاهرة، وبتاريخ 14/1/2009 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى بقبول الطعن شكلًا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه للسبب المبدَى منها، وإذ عُرِضَ الطعـــن علــــى هــــذه المحكمة فى غرفة مشـورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لمحكمة النقض – كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم – إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.
وأن الطعن بالنقض يعتبر واردًا على القضاء الضمنى فى مسألة الاختصاص الولائى المتعلقة بالنظام العام. وكان الفصل فى اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة فى نظره والفصل فيه باعتبار أن التصدى له سابق بالضرورة على البحث فى موضوعه. وكانت عبارة النص – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تدل على حكم فى واقعة اقتضته، ووجدت واقعة أخرى مساوية لها فى علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة فى غير حاجة إلى اجتهاد أو رأى، فإنه يفهم من ذلك أن النص يتناول الواقعتين وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما فى العلة، سواء كان مساويًا أو أولى، ويسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد انتهت فى قضائها الصادر بتاريخ 25 من يوليو سنة 2015 إلى عدم دستورية نص المادة 123 من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005 – التى نظمت طريق الطعن فى قرار اللجنة ثم فى الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية فيه، والمقابلة للمادة 161 من قانون الضرائب على الدخل الصادر بالقانون الملغى رقم 157 لسنة 1981 – وسقوط عبارة أمام المحكمة الابتدائية الواردة بعَجُز الفِقرة الثانية من المادة 122 من ذات القانون والتى تقابل المادة 160 من ذات القانون الملغى بأنه لا يمنع الطعن فى قرار اللجنة أمام المحكمة الابتدائية من تحصيل الضريبة، وقد أسست قضاءها على ما أوردته بمدونات حكمها من أسباب مرتبطة بمنطوقه من أن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب والرسوم منذ إصداره القانون رقم 165 لسنة 1955 فى شأن تنظيم مجلس الدولة حتى صدور القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأنه مؤكدًا بنص المادة العاشرة منه فى بندها السادس الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى دون غيرها بالفصل فى تلك الطعون وفقًا للقانون الذى ينظم كيفية نظر هذه المنازعات أمام تلك المحاكم.
وأنه لا وجه للاحتجاج بأن هذا البند السادس جعل مباشرة المجلس لهذا الاختصاص رهنًا بصدور القانـــــون المنظــــم لكيفية نظر هذه المنازعات أمام محاكمه، كما أن التراخى فى سن القانون المنظم لكيفية نظر هذه المنازعات أمامه أو فى تضمين قانون الضرائب تلك القواعد لا يُعد مبررًا أو مسوغًا لإهدار الاختصاص الذى احتفظ به الدستور لمجلس الدولة. وليس من قيد على مباشرة المشرع سلطته فى تنظيم حق التقاضى إلا أن يكون الدستور ذاته قد فرض فى شأن مباشرتها ضوابطًا محددة تعتبر تخومًا لها ينبغى التزامها فلم يستلزم صدور هذا القانون. ولما كان من المقرر أن مجلس الدولة هو صاحب الولاية العامة دون غيره المختص بالفصل فى كافة المنازعات الإدارية والتى تدخل ضمنها الطعون فى القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية فى منازعات الضرائب.
وكان مؤدى القضاء بعدم دستورية نص فى القانون اعتباره منعدمًا منذ صدوره وعدم جواز تطبيقه من اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء ذاتها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل فى موضوع الدعوى وقضى بذلك ضمنًا باختصاص القضاء العادى بنظرها فإنه يكون معيبًا مما يوجب نقضه.
ولِما تقدم، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة المختصة بنظرها طبقًا لقضاء الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية وغيرها بمحكمة النقض الصادر بتاريخ 24 من يونيو سنة 2014 فى الطعن رقم 2050 لسنة 74ق هيئة عامة.
لـذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وحكمت فى الاستئناف رقم 3783 لسنة 12ق القاهرة مأمورية شمال القاهرة بإلغـــاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادى ولائيًا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة لنظرها، وأبقت الفصل فى المصروفات.
أمين السر نائب رئيس المحكمة