17 معلومة عن التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية والمشكلات العملية المثارة حول الزواج العرفي
تقرير/ علي عبدالجواد
تصوير / أحمد سمير
محاضرة شيقة وقيمة بما قدمته من معلومات حول إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، وما طرحته حول الضمانات التي وضعها القانون لحفظ الحقوق الزوجية، وحجية وثيقة الزواج في إثبات وضمان تلك الحقوق، والمشكلات العملية المثارة حول الزواج العرفي، وإثبات النسب منه، وضوابطه، وشروط قبول دعوى التطليق من الزواج العرفي، ألقاها نائب رئيس محكمة النقض المستشار أحمد موافي، بمعهد محاماة القاهرة الكبرى.
قال المحاضر إن الأحوال الشخصية تتناول المسائل المتعلقة بالزواج والطلاق والآثار المترتبة على عقد الزواج، وهناك مسائل أخرى مثل الولاية على المال والمواريث والوصية، وما نص عليه القانون 1 لسنة 2000 في المواد 6 و 7 و 8 من القانون، والمادة 11 .
وأوضح أن الولاية على النفس هي المسائل النتعلقة بالشئون الشخصية للخاضع للولاية، والولاية على المال هي المسائل المتعلقة بالشئون المالية للخاضع لهذه الولاية.
وفي شرحه للملتحقين بالدورة الخامسة بمعهد محاماة القاهرة الكبرى، طرح المحاضر مجموعة من الأسئلة جول عقد الزواج وتعريفه، والآثار المترتبة عليه، وهل هناك فرق بين الزواج القانوني الموثق، والزواج غير الموثق من الناحيتين الشرعية والقانونية؟، وما هي حجية وثيقة الزواج الرسمية في الإثبات فيما يتعلق بالمنازعات التي تثار بخصوص هذه العلاقة الزوجية؟.
كما طرح المحاضر أسئلة تمثلت في: ما هو عقد الزواج؟ وهل هناك فرق بين الزواج الموثق وغير الموثق؟ وهل نستطيع أن نعتبر عقد الزواج شأنه شأن العقد المدني ونقول أن العقد شريعة المتعاقدين وبالتالي من حق وكيل الزوج والزوجة أن يضمنه وثيقة الزواج الشروط الاتفاقية؟
وأكد المحاضر أن عقد الزواج ومسائل الزواج هي أحد أهم المسائل التي تختص بنظرها محاكم الأسرة، مشيرًا إلى أن اختصاص محكمة الأسرة بنظر المنازعات المتعلقة بعقد الزواج والآثار المترتبة عليه؛ اختصاص حصري ونوعي ومتعلق بالنظام العام.
وتابع: «في أي نزاع متعلق بعقد الزواج أو أحد الآثار المترتبة عليه، أقيم من خصمك في محكمة مدنية، تدفع بعدم الاختصاص وتطلب أن تحال الدعوى إلى محكمة الاسرة المختصة، ويجوز التمسك بهذا الدفع في أي مرحلة من مراحل التقاضي، وعلى المحكمة من تلقاء نفسها أن تتصدى لمسألة الاختصاص وأن تقضي بعدم الاختصاص لنظر الدعوى إذا كان النزاع يتعلق بأحد المسائل الخاصة بمسائل الأحوال الشخصية».
وشدد أنه من المهم أن يعرف المحامي التكييف الصحيح للطلبات طبقًا للواقع الصحيح في الدعوى، وليس العبرة في العبارات والالفاظ التي تخط بها صحيفة الدعوى.
واشتكمل: «إصباغ التكييف الصحيح واجب على المحكمة من تلقاء نفسها، وواجب على المحامي كمدعى عليه عند إعلانه بصحيفية الدعوى ويجد أن الخصم يكيف الدعوى على ضوء معين، أن يذكر في مذكرة الدفاع التكييف الصحيح، ويمشي على ضوءه».
وذكر أن 90 % من مسائل الأحوال الشخصية تدور حول عقد الزواج والآثار المترتبة عليه، وتوضح الإحصائيات أن نسب الطلاق مرتفعة ومتفشية لدرجة الخطورة، وهذه القضية تحتاج تضافر كل الجهود.
وأشار إلى أن قضية الطلاق قضية أمن قومي ومجتمعي، فالمجتمع كله يدفع فاتورة قضايا الطلاق، والجهاز المركز للتعبئة العامة والإحصاء رصد في شهر واحد أكثر من 19 ألف حالة طلاق، مابين 25 إلى 30 عامًا (وفقًا لما ذكره المحاضر)، وهناك نسب لمن تجاوزت أعمارهم 75 عامًا، لذا فقضية الطلاق قضية مجتمعية تحتاج تضافر كافة الجهود بما فيهم السادة المحامين الذين هم أحد جناحي العدالة.
تعريف عقد الزواج من الناحية الشرعية وأنواعه وآثاره
عقد الزواج من الناحية الشرعية هو العقد الذي استوفى كافة شروطه الشرعية، وأخصها أن الزوجة مُحلًا للزوجة فليست مرتبطة أو بعصمة شخص آخر، وألا يقوم من ناحيتها سبب من أسباب التحريم.
والعقد بالنسبة للشريعة ثلاثة أنواع (صحيح وفاسد وباطل)، الصحيح الذي استوفى كافة الشروط الشرعية، والفاسد الذي تخلف أحد شروط صحته مثل الزواج بدون شهود، أما الباطل فهو الذي تخلف أحد أركان شروط صحة انعقاده مثل زواج المتعة.
الفرق بين الثلاثة من ناحية الآثار المترتبة عليه، الصحيح تترتب آثار الزواج من تاريخ العقد ولو لم يحدث دخول، وعقد الزواج الصحيح تترتب كافة آثاره بمجرد العقد ولو لم يحدث دخول، مثل التوارث بين الزوجين.
لا تترتب آثار الزواج الفاسد إلا بالدخول، فالطلاق قبل الدخول لا نفقة.
أما الزواج الباطل لا تترتب عليه أية آثار لا قبل الدخول ولا بعده فلا عدة ولا نسب ولا مصاهرة ولا نفقة ولا توارث بين الزوجين.
الفرق بين الزواج الشرعي والقانوني
الزواج القانوني هو نفس الزواج الشرعي ولكن القانون أحاطه بمزيد من الضمانات، حيث تطلب القانون لتوثيق عقد الزواج أو للتصادق عليه وإبرامه بلوغ الزوجين سن 18 سنة، وأيضًا ألزم القانون توثيق عقد الزواج، والفحص الطبي للمتقدمين للزواج، إذا فالقانون وضع ضوابط وضمانات باعتبار أن عقد الزواج أحد أهم العقود.
المركز القانوني لعقد الزواج غير الموثق
الزواج دون السن أو غير الموثق أو الذي لم يتم فيه الفحص الطبي، يطلق عليه الزواج غير الموثق أو العرفي، ومعنى الزواج العرفي هو الزواج الذي استوفى كافة شروطه الشرعية لصحة انعقاده وترتيب آثاره الشرعية والتي منها عدم وجود مانع من موانع الزواج وجود الرضاء والأهلية، فهذا يعتبر زواج صحيح من الناحية الشرعية ولو لم يوثق قانونًا.
والمرأة أو الفتاة التي تقبل بعقد زواج لا يحفظ حقوقها ولا حقوق أولادها. (النفقة ـ الميراث ـ النسب ـ المتعة ـ الحضانة) واقعة في المسئولية بسبب تفريطها في هذه الحقوق، وهي تعلم علم اليقين أنه لا يمكن لأحد أن ينصفها ويجنبها من الظلم الذي قد يقع عليها عند النزاع أو الطلاق، وقد يهجرها الرجل بعد الطلاق، وتنقطع أخباره فلا تعلم موته من حياته، فيذرها كالمعلقة، ولا تستطيع إثبات زواجها منه فتضيع حقوقها.
كما قد تضيع حقوق أولادها عند النزاع أو الطلاق فلا نفقة، ولا متعة، ولا ميراث ولا حضانة، وقد لا تتمكن من إثبات نسبهم حال نكوله، ولا يخفى حجم الآثار السيئة التي يمكن أن تنجم من جراء عدم تمكنها من نسب الأولاد إلى أبيهم، وتجنبًا لكل تلك الآثار السيئة وغيرها نرى حتمية الانصياع لأمر الشرع والقانون بتوثيق عقد الزواج.
التوثيق ضمان لحفظ الحقوق، وسد الباب على المتلاعبين، وسهولة الإثبات في حال حدوث نزاع، حفظ لحقوق المرأة في إثبات النسب .
تنص المادة 17 من قانون 1 لسنة 2000 «لا تقبل عند الانكار الدعاوى الناشئة عن عقد الواج غير الموثق»، وذلك أن أي نزاع يثار بخصوص أي عقد زواج غير موثق فالمحكمة تقضي بعدم قبول الدعوى.
دعوى إثبات النسب
المشرع ولإن كان قرر عدم قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج غير الموثق إلا أنه استثنى من ذلك دعوى إثبات النسب، وبالتالي يجوز قبولها كدعوى ونزاع يطرح أمام المحكمة لبحث طلباتها.
دعوى إثبات الزوجية
الدعاوى المرفوعة بطلب إثبات الزوجية، وليس الآثار المترتبة على الزوجية، لا تخضع لقيد عدم القبول المنصوص عليه في المادة 17 من القانون رقم 1 لسنة 2000.
التطليق من الزواج غير الموثق
القانون ولإن كان قد نص على عدم قبول الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج غير الموثق عند الإنكار إلا أنه في الفترة الأخيرة أجاز قبول دعوى التطليق من الزواج غير الموثق .
هل جحود وإنكار عقد الزواج يعد فسخًا له؟
إنكار الزوج المدعى عليه لقيام العلاقة الزوجية لا يعتبر طلاق أو فسخًا لعقد الزواج، والمدعية التي رفعت دعوى طلب تطليق من زواج عرفي ليس لها الحق ولا تملك شرعًا أن تتزوج بآخر، لأنها تقر بالعلاقة الزوجية فلا يتثنى لها الارتباط بغير المدعى عليه حتى وإن عجزت عن إثبات هذا العقد، وللتحلل من هذا الزواج على وكيلة المدعية أن تطلب من المدعى عليه أو وكيله أن يكرر وإن كانت زوجتي فهي طالق بائن ، حتى تتمكن من الزواج بآخر.
شروط وضعها المشرع لقبول دعوى التطليق من الزواج العرفي أو غير الموثق :
1 ـ أن يكون هناك إنكار للعلاقة الزوجية .
2 ـ أن يكون الزواج غير ثابت بوثيقة رسمية .
3 ـ أن يكون الزوجين (المدعية والمدعى عليه) على قيد الحياة .
4 ـ أن تكون الطلبات في الصحيفة قاصرة على طلب التطليق أو الفسخ فقط لا غير.
حجية الحكم الصادر بالتطليق
تكون الحجية قاصرة فقط على التطليق، ولا يحق للمرأة التي حصلت على حكم بالتطليق في دعوى التطليق من الزواج العرفي أو غير الموثق، أن ترفع دعوى بالآثار المترتبة على هذا الطلاق مثل المتعة والمؤخر وخلافه.
سن الزواج
القانون 126 لسنة 2008 رفع سن الزواج ومنع المأذونين والموثقين من توثيق عقود الزواج أو التصادق عليها إلا إذا بلغ سن الزوجين 18 سنة، لأن عقد الزواج مهم والعبرة في أن يكون بلغ الزوجان من النضج والإدراك المرحلة التي يعرف فيها عقد الزواج والآثار المترتبة عليه.
حكم الزواج دون السن القانونية:
عقد الزواج دون السن القانونية المرجع لإثباته صحيحًا أو باطلًا يرجع فيه لأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبو حنيفة .
الرأي الراجح من مذهب الإمام أبو حنيفة الذي أحال إليه القانون فيما يتعلق بالنزاعات التي ليس لها نصوص في القانون هو الرأي الذي يعقبه أو يشار إليه بـ 12 عبارة ومنها: «الصحيح ـ الأصح ـ الأوجه ـ الأشبه ـ وعليه الفتوى ـ وبه يفتى ـ وعليه العمل .. الخ» .
والرأي الراجح في مسألة عقد الزواج دون السن القانونية عند الإمام أبو حنيفة أن العبرة ببلوغ سن 15 سنة أو ظهور علامات البلوغ قبل سن 15 سنة.
الفحص الطبي
القانون 126 لسنة 2008 أيضًا أدخل تعديل، وبناء عليه أصدر وزير العدل قرار للمأذونين بمنع توثيق عقود الزواج إلا بعد أن يقدم الزوجان شهادة فحص طبي لخلوهما من الأمراض التي من الممكن أن تهدد صحتهم أو صحة وحياة نسلهم.
حكم عقد الزواج الذي يبرم بالمخالفة لهذا القيد بدون الفحص الطبي، هو زواج صحيح.
حجية وثيقة الزواج الرسمية
وثيقة الزواج الرسمية لها حجية مطلقة في الإثبات فيما يتعلق بإثبات العلاقة الزوجية وتوافر أن هناك علاقة شرعية خالية من الموانع بين الزوجين، لا يجوز إثبات عكسها إلا عن طريق الطعن بالتزوير.
الشروط الاتفاقية في وثيقة الزواج (أمثلة)
1ـ الاتفاق على من تكون له ملكية منقولات الزوجية.
2ـ الاتفاق على من له حق الانتفاع بمسكن الزوجية في حالة الطلاق أو الوفاة.
3ـ الالتفاق على الا يتزوج بغيرها إلا بإذن كتابي من الزوجة.
4ـ الاتفاق على رصد مبلغ مقطوع أو راتب شهري يدفع للزوجة عند الوفاة أو الطلاق بلا مبرر.
5ـ الحق في الاتفاق على تفويض الزوجة في تطليق نفسها.
التكييف القانوني للشروط الاتفاقية وحجية ورودها في وثيقة عقد الزواج
الإخلال بالشروط الواردة في وثيقة الزواج، هل يترتب عليها فسخ عقد الزواج أم تخول للزوجة الحق في طلب التطليق ؟
وهل إذا أخل الزوج بالشروط الواردة في وثيقة الزواج تطلب التطليق للإخلال أم للضرر؟
الشروط الاتفاقية تخضع لتقدير محكمة الأسرة.
هل الزوج يملك خيار فسخ عقد الزواج في حالة أدخلت عليه الزوجة الغش والتدليس بأنها ليست بكر؟
الزوج يملك التطليق، ولكنه لو طلق يترتب على ذلك تحمله الآثار المترتبة على الطلاق من نفقة وعدة وغيرها..، ولكن بطلبه الفسخ فهو يريد أن يتحلل من الالتزامات الناشئة عن عقد الزواج.
ليس هناك نص في القوانين المنظمة للأحوال الشخصية ينظم هذه الحالة، لذا نرجع لأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة، وبالرجوع إلى المذهب نعلم أنه لا يقرر للزوج خيار الفسخ مطلقًا، لأن الزوج يملك أن يطلق بإرادته المنفردة.
قد يقول البعض أن الزوج بذلك سيتحمل النفقة وغيرها، وأوضحنا أن النفقة بمجرد العقد حتى لو الزواج فاسد فالمرأة تستحق النفقة بمجرد الدخول.
يظهر هذا أثر هذا الغش والتدليس فيما يتعلق بمدى استحقاقها المتعة، فمن ضمن شروط استحقاق المتعة الا يكون الطلاق بسبب يرجع إلى الزوجة، فالزوج في دعوى المتعة إذا أثبت أن الزوجة كانت هي السبب في الطلاق بما أدخلته من غش وتدليس فمن الممكن أن ترفض المحكمة دعوى المتعة.
تفويض الزوجة في تطليق نفسها
القانون ولائحة المأذونين أجازا للزوجين أن يتفقوا أن الزوج يفوض الزوجة في تطليق نفسها بإرادتها المنفردة، قد يكون التفويض شفاهة أو كتابة وقبل عقد الزواج أو معاصرًا لعقد الزواج، لو كان معاصرًا شرط صحته أن يكون الإيجاب من الزوجة وليس من الزوج فإذا كان من الزوج فهو بذلك فوض قبل أن يملك.
صيغة التطليق قد تكون صيغة عامة أي في أي وقت، وقد تكون مقيدة بوقت معين، كأن يقول لزوجته لكي الحق في تطليق نفسك لمدة شهر من الآن.
ومن صور التفويض أنه قد يكون متكررًا أو لمرة واحدة، كأن يقول الزوج لزوجته لكي الحق في تطليق نفسك متى شئتي وأنى شئتي فبذلك يكون لها الحق في تطليق نفسها لمرة واحدة، أما إذا قال الزوج لزوجته لكي الحق في تطليق نفسك كلما شئتي، فلها الحق في تطليق نفسها حتى تستوفي الثلاث تطليقات المقررة.
في تفويض الزوجة في تطليق نفسها لا تملك الزوجة أكثر مما يملك الزوج فيما يتعلق بعدد الطلقات أو وصفها.
واستأنف معهد المحاماة بالقاهرة الكبرى، أمس الأربعاء، عمله بمحاضرة لمحامي الجدول العام الملتحقين بالدوره الخامسة، من نقابات؛ شمال وجنوب الجيزة، وشبرا الخيمة، من الساعة الواحدة ظهرًا حتى الساعة الثالثة عصرًا، وذلك بمقر انعقاد المعهد في قاعة المؤتمرات باتحاد عمال مصر.
تأتي المحاضرات برعاية الأستاذ عبدالحليم علام، نقيب المحامين – رئيس اتحاد المحامين العرب، وتحت إشراف الأستاذ حسين الجمال الأمين العام، والأستاذ إسماعيل طه عضو المجلس، والأستاذة فاطمة الزهراء غنيم، مقرري عام المعهد.