القضاء ينفذ عدالة السماء

بقلم: أشرف الزهوي

من روائع المواقف التي يسجلها التاريخ للقضاة، ما قام به القاضي محمد بن عبد الله الصفراوي؛ عندما رفض قبول شهادة الملك الكامل الأيوبي لما رآه من تصرفات تصدر عنه مما يؤثر على عدالته. حدث أن حضر الملك إلى مجلس القضاء وطلب الإدلاء بشهادته، وأصر على ذلك، فأبلغه القاضي انه ليس أهلا للشهادة لجرح عدالته ثم عزل نفسه عن القضاء.

شكا الحمالون (الذين يحملون المتاع لقاء أجر يتقاضونه) الخليفة أبا جعفر المنصور إلى القاضي، لأنه لم يوفهم عن حمل متاعه عندما حج في عام ١٣٦ هجرية، فبعث إليه القاضي محمد بن عمران يستدعيه إلى مجلس القضاء، فمثل الخليفة أمام القاضي الذي سمع الدعوى ودفاع الخليفة ثم قضى على ضوء ما ثبت له.

وحكم القاضي شريح على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عندما ساوم رجلا على شراء فرس له، فركبه لتجربته فعطب الفرس أثناء التجربة، فلما أراد رده لصاحبه أبى الرجل، وعرض النزاع على القاضي شريح الذي قضى على عمر بقوله (خذ ما ابتعت أو رد كما أخذت) أي انفذ البيع أو رد الفرس كما أخذته، وقد سر عمر رضي الله عنه بهذا القضاء، وولى شريحا قضاء الكوفة، فظل قاضيا بها ستين عاما.

شهد الفضل بن الربيع وزير الرشيد عند أبي يوسف، فرد شهادته، ولما عاتبه الخليفة في ذلك قال: لقد سمعته يوما يقول للخليفة (أنا عبدك، فإن كان صادقا فلا شهادة للعبد، وإن كان كاذبا، فلا شهادة للكاذب).

سيظل القضاء حصن الفقراء وملاذ المظلومين عبر الأزمان والسنين.

زر الذهاب إلى الأعلى