زيارة موجعة للتاريخ
بقلم: أ. أحمد سلام
في ذكراه الخمسين تكشف أن التجربة موضع مراجعات مفادها أن الثورات وإن ساهمت في إعادة رسم المشهد السياسي للدول فإن الحلقة المفقودة هي ديمومة الإطار الثابت للدولة التي تختلف من حاكم لحاكم ولكل حاكم رؤاه وذاك ماتفرد به العالم الثالث فما من حاكم يفارق إلا ويليه من يسير علي نهجه باستيكة بمثل ماقيل بعد رحيل الرئيس جمال عبدالناصر والنهج المغاير للرئيس السادات الذي قرأ الأرض من خلال التوجه نحو الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما انتهى به إلى الذهاب إلى حيث عدو سلفه اللدود للتفاوض مع إسرائيل في قراءة برجماتية نكشف أنها الأكثر واقعية في سبيل استعادة سيناء .
زمن الرئيس جمال عبدالناصر شهد زعامات تاريخية في الصين مثل شوين لاى وفي الهند مثل نهرو فضلا عن الرفاق الروس وتجربة خروشوف وهنا يمكن القول بأن تلك الفترة كانت ذات طبيعة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية ووجود قطبين كبيرين هما الإتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأمريكية. كانت مصر في المعسكر المحايد كدولة مؤسسة في إطار دول عدم الانحياز فضلا عن شراكة استراتيجية مع الإتحاد السوفييتي استفادت منها مصر في الصناعة وتسليح الجيش ولاحقا بناء السد العالي .
مخاطبة العالم والتفاعل مع قضايا التحرر ومساندة الدول الأفريقية والعربية بل ودول أمريكا الجنوبية كان التوجه المصري في زمن الرئيس جمال عبدالناصر وهذا يحسب لفترة حكمه واليقين أن الزمن لو عاد للوراء ماحدث ذلك اليوم لأن شخصية مثل جمال عبدالناصر الناصر ضد مصالح الغرب الذي أجهز علي التجربة تماماً ومن تداعياتها الانكسار القاتل في يونيو 1967.
زعامة جمال عبدالناصر كانت خطراً على مصالح الغرب ولهذا كانت النهاية قاتمة على مصر التي دعت للقومية العربية وكانت القاهرة في مرمي نبران الغرب الذي سعي بشتي السبل أن يحد من نشاط جمال عبدالناصر الذي يهدد المصالح في الشرق الأوسط والعالم الثالث عموماً .
رحيل الرئيس جمال عبدالناصر المفاجئ أجهز علي كل شئ والمحصلة إشادة من دول العالم الثالث بدور مصر عبد الناصر بالتزامن مع وجع مما جري لمصر بعد احتلال سيناء في مشهد استغرق ست سنوات كي تعبر مصر آثار الهزيمة ولكن استحال عليها نيسان مرارة ست سنوات من الانكسار .
يموت الحاكم اذا ويأتي من يخلفه ويتغير كل شيئ بل ويستحيل الحديث عن الإيجابيات لأن القادم أفضل من الراحل بحكم آلية الدولة العميقة التي تركض في فلك الحاكم طالما في سدة الحكم وهكذا .واليقين أن الحكم علي كل تجربة يتكفل به التاريخ .
السياسة إذا توجه وقد إنتهي عصر الزعامات التاريخية وصار الحديث عن الماضي بمثابة قراءة درامية للتاريخ لأن الأمر ينتهي إلي طي صفحة من فارق علي طريقة مات الملك.
في ذكراه الخمسين الرئيس جمال عبدالناصر الرئيس الثاني لمصر وتلك حقيقة لايمكن إنكارها لأن من سبقه كل بحمل لقلب رئيس مصر قبل أن ينتهي به المطاف إلى ما انتهى اليه ،وسيظل الرئيس جمال عبدالناصر حالة خاصة اقترنت بمرحلة ماتت معه وعاشت بعده ذكريات الخمسينيات والستينيات التي شهدت الكثير من الأحداث التي وثقت ريادة مصر ولكن كانت النهاية حزينة لأن مصر الشعب والوطن كابدا كثيرا جراء زعامة جمال عبدالناصر التي كانت خطراً على الغرب الذي أجهز علي التجربة لينتهي كل شيئ في لمح البصر .