الجريمة التأديبية للموظف العام (1)

 

 

بقلم: مصطفى العياط – محامي وباحث ماجستير قانون عام – قسم الدراسات العليا بكلية الحقوق جامعة عين شمس

 

قبل البدء عن الحديث عما هو المقصود بالجريمة التأديبية والتعريف بها، لا بد أن نوضح المقصود بمن هو الموظف العام؟ والمقصود بالقانون التأديبي؟.

فيقصد بالموظف العام كما عرفته المحكمة الإدارية العليا بأنه: “هو الشخص الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الأخرى عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الاداري لذلك المرفق”.

وعلى ذلك فإنه ينبغي أن تتوافر مجموعة من العناصر والشروط فيمن يطلق عليه موظفاً عاماً، وبالرجوع إلى أحكام المحكمة الإدارية العليا نجد أنه قد فصلت المحكمة الإدارية العليا في حكم آخر من أحكامها تلك العناصر الأساسية للوظيفة العامة بقولها: “لاعتبار الشخص موظفاً عمومياً يتعين مراعاة العناصر الآتية:

1- أن يساهم في العمل في مرفق عام تديره الدولة عن طريق الاستغلال المباشر.

2- أن تكون المساهمة في إدارة المرافق العامة عن طريق التعيين أساساً.

3- أن يشغل وظيفة دائمة، وأن يكون شغله لهذه الوظيفة بطريقة مستمرة لا عرضية.

ومن تلك العناصر التي ذكرت في هذا الحكم من أحكام المحكمة الإدارية العليا، نستطيع أن نوضح أنه يتعين توافر الشروط الأساسية التالية لاعتبار الشخص موظفاً عاماً، وإن كانت ليست بالعناصر القاطعة النهائية وحدها لتحديد هذه الصفة:

1- أن يقوم الشخص بعمل له صفة الانتظام.

2- أن يقوم الشخص بخدمة شخص من أشخاص القانون العام.

وأما عن المقصود بالقانون التأديبي، فإنه بالرجوع إلى القانون الوضعي لم نجد تعريفاً جامعاً مانعاً للقانون التأديبي، وعلى وجه العموم يمكن القول بأن التشريع قد خلا من تعريف هذا القانون، ولذلك ألقي العبء على الفقه في تعريفه.

فعرفه البعض بأنه: “هو مجموعة التشريعات التي تحكم علاقة جهات الإدارة في الحكومة والهيئات العامة والمؤسسات بالعاملين بها، فتحدد واجباتهم بها بل وتقرر الجزاء على المخالفة”.

وقد ذهب البعض إلى تعريف هذا القانون بأنه: “هو مجموعة من القواعد الآمرة التي توضع للحفاظ على انتظام العاملين بالمرافق العامة بهدف تسيرها سيراً منتظماً مطرداً ويتضمن هذا القانون النص بطريقة عامة مجردة على نوعية العقاب الذي يطبق على المنحرفين من العاملين بعد التحقيق معهم وتوفير الضمانات اللازمة في مرحلتي التحقيق والمحاكمة”.

ومن هذين التعريفين أجد أن التعريف الأول هو التعريف الأوضح وأنه يتميز بالسهولة والوضح والشمول.

وبعد أن ألقيت الضوء عن المقصود بالقانون التأديبي سوف أبدا بالحديث عن المقصود بالجريمة التأديبية، وفى الحقيقة نجد أنه لم يرد بالتشريعات تعريفاً جامعاً مانعاً للجريمة التأديبية، وقد جرت عادة المشرع في إصدار قوانين العاملين بالدولة والقطاع العام النص على تعريف عام للجريمة التأديبية يقضى بأن: “كل عامل يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديبياً، ولا يعفى العامل من الجزاء استناداً إلى أمر صادر إليه من رئيسه إلا إذا أثبت أن ارتكاب المخالفة كان تنفيذاً لأمر مكتوب بذلك صادر من هذا الرئيس بالرغم من تنبيهه كتابةً إلى المخالفة، وفى هذه الحالة تكون المسئولية على مُصدر الأمر وحده، ولا يسأل العامل مدنياً إلا عن خطئه الشخصي”.

كما تنص لوائح العاملين بالشركات العامة على ما يلي: “كل عامل يخالف أحكام اللائحة أو التعليمات أو الأوامر الصادرة إليه من الشركة أو رؤسائه، أو يخرج على مقتضى الواجب في أداء عمله يعاقب تأديبياً”.

ومن هنا نجد أن تعريف الجريمة التأديبية في قوانين التوظف المتعاقبة لم تخرج عن أنها: “هي كل فعل يخالف به العامل مقتضى الواجب المفروض عليه أداؤه”.

ولذلك لا نجد مفراً من الرجوع إلى القضاء الإداري الذي عني بتعريف هذه الجريمة، في هذا المجال حيث تقول محكمة القضاء الإداري ما يلي: ” لكى تكون ثمة جريمة تأديبية تستوجب المآخذة وتستأهل العقاب يجب أن يرتكب الموظف فعلاً أو أفعالاً تعتبر إخلالاً بواجبات وظيفته أو مقتضياتها”.

وبالرجوع إلى إفتاء الجمعية العمومية بالقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة نجدها تقترب من التعريف الصحيح للجريمة التأديبية حيث تقول: “… الجرائم التأديبية ليست محددة في القوانين على سبيل الحصر وهي كل فعل يرتكبه الموظف ويكون من شأنه اعتباره جريمة تأديبية يحق للجهة الإدارية محاسبته عليها وتوقيع الجزاء المناسب”.

وخلاصة القول يمكن أن نعرف الجريمة التأديبية بعدة تعريفات منها:

1- أنها: “هي كل فعل أو امتناع عن فعل يرتكبه الموظف العام ويخرج به على واجبات ومقتضيات الوظيفة العامة”.

2- يمكن تعريفها بأنها: “إخلال بواجبات الوظيفة إيجاباً أو سلباً”.

3- يمكن تعريفها بأنها: “كل فعل أو امتناع يرتكبه العامل ويجافى واجبات منصبه”.

زر الذهاب إلى الأعلى