الجهل بالقانون
بقلم / موسي محمد حمدي المحامي
يتسأل بعض الناس هل يمكن أن يطبق عليه قانون وهو لم يكن عالم به بحجة أنه يجهل القانون ويجهل نصوصه و مواده؟ أو بحجه أنه أمي يجهل القراءه و الكتابة؟ فكيف لمثله أن يعلم بالقانون أو أنه يعيش بالخارج وفوجئ بقوانين جديده تم تطبيقها وهو لم يكن يعلم بها وهل فهل يجوز الدفع بالجهل بالقانون ؟
ورغم أن فكره الجهل بالقانون تتصف بالمعقوليه والواقعيه وذلك لتعذر علم جميع الاشخاص بكل قانون يصدر داخل الدوله الا اننا لو اتفقنا علي هذا لوجدت صعوبات وعراقيل في تطبيق القانون بحجه عدم العلم به.
وعلينا ان نعلم ان القواعد القانونيه تمر بعده مراحل حتي تكون ملزمه للكافه وتطبق علي جميع الافراد وتعتبر اخر مرحله تمر بها هيا النشر بالجريده الرسميه.
فإذا تم نشر التشريع بالجريدة الرسمية ودخل حيز التنفيذ قامت قرينة قانونية على علم الأفراد به ولا يجوز بحسب الأصل اثبات عكس هذه القرينة.
وفي ذلك نص الدستور في المادة (٢٢٥) على أن:
“تتشر القوانين في الجريدة الرسمية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إصدارها، ويعمل بها بعد ثلاثين يوما من اليوم التالي لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت لذلك ميعادا آخر. ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها”.
وتعتبر قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون من القواعد المسلم بها في معظم دول العالم ومؤداها أن التشريع متى اصبح نافذا فإنه يسري في مواجهة جميع الأفراد المخاطبين بأحكامه ولا يعفى أي منهم من الخضوع له سواء علموا به أو لم يعلموا.
وبناء على ذلك لا يمكن لعائد من الوطن ان يعتذر بجهله القانون الذي يسري في حقه بحجة صدوره وهو خارج البلاد كما لا يقبل نفس العذر من شخص أمي بحجة أنه لا يستطيع قراءة الجريدة الرسمية التي نشر فيها القانون، بل لا يجوز لأجنبي قدم إلى مصر وأتى ما يستوجب تطبيق القانون المصري عليه أن يعتذر بجهله حتى ولو كان حسن النية لأن حكم هذا القانون يخالف تمامأ المعمول به في بلده.
ولعل فكرة المساواة بين الأفراد أمام القانون هي من وجهة نظرنا الأساس الذي تقوم عليه قاعدة عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون فالقانون ينبغي أن يطبق على المجتمع ولا يجوز لأحد ان يفلت من حكم القانون لأسباب خاصة به كعدم علمه بالقانون أو ادعائه عدم العلم به ولا شك في أن القول بغير ذلك يعني الاهدار الكامل للغاية التي من أجلها أنشأت القواعد القانونية وهي رعاية مصالح الأفراد بالمحافظة على النظام في المجتمع
وحتى ان بعض الفقهاء يري انه ليس من العداله الزام الاجنبي بقوانين لايعلم عنها شيئا ولايكن في مقدوره ان يعلم بها بسبب اللغه واختلاف الثقافه فقد تبيح دولته شيئ و تحرمه دوله اخري فيصبح مخالف القانون دون اعتقاد منه ذلك فابالرغم من ذلك فان المشرع يغلب المصلحه العامه علي المصلحه الخاصه خوفا من اشاعه الفوضي وخوفا من افلات الاجانب من حكم القانون بحكم عدم علمهم بالقانون الا وانه لوحظ في السنوات الأخيرة حرص وزارات الخارجية على أن تتيح للمسافرين من مواطنيها عبر مواقعها الرسمية على شبكة الإنترنت تعليمات عامة بشان سلامتهم تتضمن اوجه الاختلاف بين القوانين الوطنية وقوانين الدولة المزمع السفر إليها وذلك حتى لا يقعوا تحت طائلة المسئولية بسبب المخالفات الناتجة عن الجهل منه القوانين.
وهناك بعض الاستثناءات على هذا المبدا خاصة في حالة القوة القاهرة وتتحقق في حالة انقطاع الاتصال بين الدولة وأحد أقاليمها الأمر الذي يحول دون نشر الجريدة الرسمية في هذا الإقليم ويكون ذلك عند وجود جزء من أقاليم الدولة تحت الاحتلال أو انتشار وباء أدى إلى وضع الإقليم تحت الحصار كما يعتبر عدم توزيع الجريدة الرسمية أيضا أحد الاستثناءات التي تحول دون علم الكافة بالقانون حيث إن توزيع الجريدة يعتبر قرينة على علم الأفراد بالقانون.