ورحل خالد الأمين

ماهر الحريري
تختلط دموعي بكلماتي، وتتساقط مني الحروف، وبداخلي حزن دفين. وعلم اليقين، أعلم أن الموت نهاية حياة، فلكل أجل كتاب، وما تدري نفس بأي أرض تموت.. حقيقة أكدتها كل الأديان لأستيقظ صباح هذا اليوم، وعلى صفحات التواصل، على تلك الفاجعة، التي تعلن عن رحيل أخ، وصديق، ورمز من رموز المحاماة، وعلم من أعلام العمل النقابي.

وانهمرت في البكاء أمس. كالسيل دموعي، لم تتوقف من حين لآخر، وفقدت على نفسي السيطرة، فما كنت يوما أظن أن ذلك رد الفعل لرحيل أخ وصديق، فكنت على يقين بأنني أقوى من ذلك بكثير، لكنها المشاعر تتأثر برحيل المقربين.

وبمواقفه، يدور شريط الذكريات وتستوقفني ليلة أمس الأول على الهاتف كلماته، حين هاتفته لأطرح عليه ما صادفني من مواقف، ولم أكن أعلم بمرضه، ومازحني ضاحكا يا صديقي ألم تدر بمرضي؟ وتمنيت له السلامة، وودعته بحديثه متأثراً، وودعني ضاحكاً مازحا، ولم أكن أدري أنه وداعنا الأخير، فسبحان الله علام الغيوب، ولا نزكيه على خالقه الحي الذي لا يموت.. رحل خالد الأمين، رحل الأمين اسما، والأمين صفة، رحل الخالد اسما، والخالد ذكرى ومواقف، ورحلت معه النخوة الرجولة، رحل الصعيدي بكل ما تحمله الكلمة من معان، رحل الذي ظل متمسكا بمبادئه حتى النهاية، رحل المعلم قانونا، والبليغ لغة، ورحل وترك بالقلب أسى، وبالنفس مرارة لينضم لقائمة الراحلين من المميزين فكرا وأخلاقا، والله أشهد ما عهدته إلا صادقا في قوله ووعده، وما عهدته إلا رجلا في كل المواقف، متميزا في كل أداء، محبا وبحق لزملائه.. والله أدعو له بالرحمة، ولنا بالصبر والعوض.
فهكذا، الأشجار، تموت دوما واقفة.. هكذا، كان هو خالد الأمين
اسما وصفة.. رحل جسدا لتبقى ذكراه بيننا عطرة.

زر الذهاب إلى الأعلى