ومضة قانون (53) “إلَى الْبَرلَمَان”
بقلم: الأستاذ/ أحمد خميس غلوش
هيّ أوّل نُور يِعمَّر.. شعب خَضَّر.. كَوكَب الدّنيا البَوَار.. هيّ نبض ودَاب فِ جسمي.. اسمها متقدّم إِسمي.. هيّ ضامّالنا إِيدينها.. هيّ آمّة الكون بدِينها.. هيّ أُمّ الدّنيا رسمي..
منذ ميلاد البشريّة، ومِصر تحظى باهتمامِ كبيرً بين الأمم، ولمَ لا.. فهي مهبط الأديان ومهد الحضارات ولا زالت، وبقراءة التّشريعات المصريّة القديمة والحديثة بتأمّل؛ نَجِدُ أنّ المُشرّع دومًا يتسلّح ببوّابةِ نصوصِِ تقي وتحمي، أمام أيّة مخاطر قد تلحق أذى بأمن البلاد وزلزلة استقرارها، فيملأ ترسانته التّشريعيّة بذخائر لوائح وقوانينَ تقاتل بشجاعةِ كلّ سوءِ أو مكروهِ، قد يغزو أبناء المجتمع.
ومن ضمن هذه التّشريعات مثلًا.. قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، وموادّ الاغتصاب والإجهاض وغيرها، والّتي ذُكرت سيّما بالكتاب الثّالث منه، بعنوان الجنايات والجنح التي تحصل لآحاد النّاس، وما ورد فيه من موادّ بالباب الأوّل، والباب الثّالث، والباب الرّابع، وكذا الباب الخامس.
وبالابتناء على ما سيذكر من أربعة أمور.. هل تكون ثمّة مواد وضمانات بضوابط دقيقة تكفل فقط للمغتصبة جواز الإجهاض، إذا حملت ؟
(1) أوّلًا – نجد أنّ إجهاض المغتصبة يحدث في بعض الدّول، كالهند:
إذ تنظر المحكمة العليا هناك _ دعوى، رفعها والدا طفلةِِ تبلغ من العمر 10 سنوات للسّماح لهم بإجهاض “جنين في أحشائها ” حملت به بعد تعرّضها للاغتصاب. وتقول ( مراسلة بي بي سي ) في الهند / جيتا باندي.. أنّ المحاكم الهنديّة سمحت خلال السّنوات الأخيرة _ بعمليات إجهاض لفتياتِِ تعرّضن لاغتصاب، كان أحدثها قبل شهرين بعدما نصح الأطبّاء المحكمةَ بالسّماح بإتمام عمليّة الإجهاض.
( منشور في الـ ( BBC NEWS ) بتاريخ 24 يوليو عام 2017 )
(2) ثانيًا – أمّا في مصر، كما جاء منشورٌ بذلك، في جريدة اليوم السّابع تحديدًا، نُشِرِ بتاريخ يوم الإثنين – 9 نوفمبر عام 2009 ما يلي:
أكّد النّائب / محمد خليل قويطة، أنّ عمليّات الاغتصاب تحوّلت إلى ظاهرة خطِرةِ في المجتمع المصريّ، خاصّةً بعدما رصد مركز البحوث الاجتماعيّة والجنائيّة.. ارتفاع ضحايا الاغتصاب، ليصلوا إلى أكثر من 20 ألف حالة سنويًّا، مشيراً إلى أنّ 10% فقط من جملة الضّحايا يتمّ الإبلاغ عنهم.
وقد تقدّم إلى رئيس مجلس الشّعب بطلب نظر مشروع قانون عن “جواز إجهاض المغتصبة” كان قد تقدّم به إلى المجلس في عام 2007، مشيرًا إلى تضمين المشروع العديد من الضّمانات التي تكفل للمغتصبة كافّة حقوقها. ولفت إلى أن عدم وجود قانون في هذا الشّأن يُؤدّى إلى انتشار الإجهاض بالمخالفة للقانون، ويفتح الباب على مصراعيه أمام تجارة الأطفال الّتي تنتج عن مساومات العيادات المشبوهة بعد فوات المدّة الّتي يمكن إجراء فيها عملية الإجهاض.
وقال إنّ القانون يمنح النّساء المعرّضات للاغتصاب الحقَّ في الإجهاض القانونيّ والآمن، مُطالِبًا بسرعة مناقشة وإقرار المجلس لمشروع القانون الّذي أيَّدَه مجمع البحوث الإسلاميّة والأزهر، وجاء ذلك خلال مؤتمرِ صحفيِّ مُوسَّعِ عُقِدَ صباح اليوم بمقرّ المبادرة المصريّة للحقوق الشّخصيّة بالتّعاون مع مؤسّسة المرأة الجديدة حول ضرورة تفعيل “قانون إجهاض المغتصبة”.
من جانبها، قالت د/ داليا عبد الحميد الباحثة بالمُبادرة المصريّة للحقوق الشّخصيّة إنّ “إقرار حقّ النّساء في اختيار إنهاء الحمل النّاتج عن تعرضهنّ للاغتصاب، هو ضرورةٌ إنسانيّة قبل أن يكون مبدأً حقوقيًّا”.
وأوضحت منى عزت رئيسة وحدة الحملات بمؤسّسة المرأة الجديدة، أنّ “مجمع البحوث الإسلاميّة بالأزهر، وافق على مشروع القانون بتاريخ 30 ديسمبر 2007، كما وافقت عليه لجنة الاقتراحات والشّكاوى بمجلس الشّعب في إبريل 2008، وقامت بإحالته إلى لجنة الشّئون الدّستوريّة والتّشريعيّة بالمجلس، وطالبت د / أحمد فتحي سرور _ رئيس مجلس الشّعب، بتقديم توضيح حول سبب تجميد المشروع في إدراج اللّجنة حتّى اليوم.
(3) ثالثًا – أيضًا بمُطالعة موقع ( D W ) نرى تصريحات، نُشِرَت بتاريخ 24 نوفمبر عام 2009 كالتّالي:-
وهناك جدل قائم حاليًا بين الفقهاء والقانونيّين وعلماء النّفس حول إصدار قانون يسمح بإجهاض المغتصبة، حيث تقدّم بالقانون النّائب المصريّ / محمد خليل قويطة، وهو مشروع لإجازة إجهاض المرأة الّتي تمّ اغتصابها، مع وضع الضّوابط الّتي تحول دون استغلال هذا التّعديل لمن لا يستحقّه.
وأوضح النّائب أن جريمة خطف الفتاة واغتصابها تعدّ من أخطر الجرائم الّتي تلحق بالمجتمع، ومن ثَمّ وجب على المجتمع أن يزيل عنها الإكراه الّذي فرضته عليها ظروف تلك الجريمة، بحيث يصبح من حقّها أن تفرغ أحشاءها من هذا الجنين الّذي يذكّرها بأسوأ لحظة مرّت بها. وقال إنه سيتعجّل البرلمان في دورته الجديدة على إقرار القانون، خاصّةً بعدما وافق مفتي مصر الشّيخ/ علي جمعة، عليه بشروط.. منها أن يحدث الإجهاض خلال الشّهور الأربعة الأولى للحمل؛ أي “قبل نفخ الرّوح فيه”، وأيّده في ذلك عددٌ من علماء الأزهر. وشدّد النّائب على ضرورة وضع الضّوابط الّتي تضمن حسن تنفيذ اقتراحه، ومنها ألا تستفيد منه إلّا الفتاة التي ثبت على وجه قاطعِِ ويقينيِِّ أنّها قد اغتصبت عنوةً وكرهًا، دون أن يكون لها أيّ إرادةِ أو اختيارِِ وذلك بإجراء الفحوصات الطّبّيّة اللّازمة.
وأكّدت فوزية عبد الستار / أستاذة القانون الجنائيّ، ورئيسة اللّجنة التّشريعيّة بمجلس الشّعب سابقًا، أنّه لتنفيذ الاقتراح يجب أن توفّر الدّولة عيادات طبّيّةّ خاصّة، تُحوَّل إليها الحالات الّتي أبلغ عنها للشّرطة أو النّيابة العامّة؛ لتقوم هذه المراكز الطّبّيّة بالعمل الطّبّيّ نحو إجهاض المغتصبة بصورةِ قانونيّةِ وشرعيّةِ لكنّها أشارت إلى أنّه لو أباح القانون الإجهاض في هذه الصّورة فمن الممكن أن يكون بابًا لسيلِ من العمليّات، حيث سيكون القانون منفذًا لكثيرِ من الأطبّاء الملتوين للإفلات من العقاب، إذا ما قام بعمليّة إجهاض، ونتّفق مع هذه الرّؤية، شريطة وجود ضوابط تحيط بتلك العمليّات.
(4) رابعًا – ثمّ نجد جواز إجهاض حمل الاغتصاب، في البرازيل:
حيث فرضت البرازيل شروطًا إضافيّة لحصول ضحايا الاغتصاب على الحقّ في الإجهاض، بما يشمل خصوصًا إرغام أفراد الطواقم الطبية على الطلب من المرأة المعنية رؤية الجنين بواسطة صورة بالأشعة الصوتية، كذلك سيتعين على النساء الراغبات في الإجهاض تقديم “شرح تفصيلي عمّا حصل معهن، وسيتم إعلامهن بأنّهن يواجهن خطر الملاحقة القضائيّة في حال عدم القدرة على إثبات صحّة ادعاءاتهنّ”. كما تفرض الشروط الجديدة على ضحايا الاغتصاب إبلاغ الشّرطة بالحادثة والتّقدّم بشكوى، بصرف النّظر عن رغبة المرأة بذلك أو عدمها، وفقَا لصحيفة “انفوباى” الأرجنتينية.
(منشور باليوم السّابع، بتاريخ الأربعاء / 2 سبتمبر عام 2020)
خِتامَا: هل يُناقَش قانون جواز إجهاض حمل المغتصبة أو إضافة موادّ تبيح ذلك بتدابير وضوابط مقنّنة، في البرلمان المصريّ؟