ومضة قانون ( ٢٢ ) “المُحَامَاةُ .. رَحِيْقٌ”
بقلم: الأستاذ/ أحمد خميس غلوش
المُحاماة فنّ الحجّة والجدل والبرهان والإقناع ، فقد كان روّاد الفلسفة مُحامين؛ بما يملكون من حجج ولغة عالية ونظرة ثاقبة ، وكثير من الشّعراء كانوا مُحامين؛ بما يمتلكون من أدوات اللّغة والبلاغة والفطنة .
الدّكتور
عبد الرزّاق السّنهوري
يبدو جدََّا .. أنّ طريق حضارة الفكر الإنسانىِّ قد بدأ بكلمة ، فى زفافٍ مفروشٍ بورود البيان ؛ وتأثير هذا الحفل الرّقراق ممتدٌّ وإلى اليوم موجودٌ بوضوحٍ بين صفحات الزّمن .
فلا أقوى ولا أجمل من الكلمة للتّعبير عن المكنون الدّاخلىّ للإنسان ، فى ترجمة أحلامه وكذا آلامه ، فبلا شكٍّ .. أوّلى المهن الّتى ينطبق عليها هذا الوصف : هى ” المُحاماة ” القويّة الجميلة، تلك المهنة الغالية صاحبة الرّسالة القدسيّة فى محاريب العدالة .
فهى لها رحيقٌ خاصٌّ بها ، فى رأينا هى الأمّ الّتى من رحمها : تتمخض تجارب الحياة بالنّسبة لدراسة قضيّةٍ ما ، تخاف عليها وتسهر وتضحّى بكلّ نزاهة وفداء ، فتولد عصارات الأفكار فيها ، من أجل الدّفاع والحماية ومن ثمّ .. تمتاز عن باقى المهن فى أمور كثيرة ، فهى أوّل وأصدق وأعدل طبيبٍ يشعر بأوجاع موكّله، يبذل كلّ مجهوداته لِيَصِفَ رحيق الشّفاء .
كما أنّها هى الدّواء هى والقضاء .. للقضاء على داء الظّلم والافتراء ، طبقََا للدّستور المصري الحالي فى المادّة (١٩٨) منه .. وصفها أنّها ” مهنة حرّة مستقلّة تشارك السِّلطة القضائيّة فى تحقيق العدالةِ ، وسيادة القانون ” .
ونهايةََ .. وجبت الإشارة إلى هذه الومضة .. هذه
الطّمأنة التشريعيّة ، كى يتعطّر الوجدان المُجتمعي دومََا بهذا الرّحيق القانوني .