ومضة قانون ( ٢٠ ) ” إِعَادَةُ الْرُّوْحِ “

بقلم/ أحمد خميس غلوش

ظنّى أنّه يقع الآن على أجيال المُحامين مهمّة كبرى؛ بل مقدّسة لإعادة الرّوح ، وبثّ الوعى وقيادة بعثٍ جديدٍ للتّقدّم به إلى المُحاماة .

الأستاذ المفكّر الأديب

رجائى عطيّة

نقيب المُحامين ورئيس اتّحاد المُحامين العَرب

لا جدال .. أنّ أُمّنا الرّؤوم ” المُحاماة ” ، قبل اختراع مايسمّى بالتّشريع أو بالدّيمقراطيّة ، مابخلت فى تاريخها القديم قطّ، على أوطانها .

واليوم لزامَاً علينا نحن أبناء تلك المهنة أن نكون أوفياء لها .. بارّين بها ، سيّما .. ثمّة حياة برلمانيّة حقيقيّة نحياها فى بلادنا حول العالم ، يمكن فيها  ردّ الجميل إلى المُحاماة بسنّ قوانينَ وتشريعاتٍ تخدم المصالح العامّة،ولِمَ لا وهى الّتى كانت ولازالت الطّريق الحقيقىّ على مَرّ العُصور ؛  لاستقراء آلام المجتمع ، وتضميد جراحاته .

فلو أخذنا مثلَاً : وثيقة العهد الأعظم “ماجنا كارتا ” عام ١٢١٥م .. لرأينا تاريخََا يضئ ويزهر فى مجال الشّرعيّة والحُقوق والحريّات .

فمن قام بخلق تلك الحياة السياسيّة ؟

_ إنّهم النّبلاء والمفكّرون.

فكانت ” ماجنا كارتا ” الإنكليزيّةُ أولى التّقنينات فى فجر التّاريخ وسابقةََ تشريعيّةََ فى الشّأن الديمقراطىّ ، لقد أطعمت انجلترا  الكوكبَ الأرضىَّ حضارة الحريّة ، وأسقته قوانين الفكر ونبذ العبوديّة وأشبعته لوائح عاشت إلى اليوم ضدّ حُكم ” الملك جون ” المُطْلَق  .

أيضََا ، أرسطو كان رجلَ فكرٍ وفلسفةٍ وحكمةٍ وعدالةٍ وحقٍّ ، والمُحامى اليومَ فى تقديرنا ، تتشابه تلك الصّفاتُ بينه وبين ذلك الخالد الإغريقىّ  “أرسطو “،  الّذى قال فى كتابه السّياسة  :” جميع البلاد حسنة النّظام أوّل عناية يجب اصطناعها هى ألّا يُخالَف القانون فى أىّ شىءٍ كان ، وأن يحترس بأشدّ مايكون من التّحرّج من أن يُصاب القانون بأىّ أذى مهما يضعف ، إنّ تعدّى حُدود القانون يدمّر الدّولة من حيث لا تشعر  “، والمحامون النّبلاء بلاشكٍّ، فى كلّ حقبةٍ زمنيّةٍ ، هم خير من ينادون بتطبيق وحماية وسيادة القانون .

لذلك كان حالُ المُشرّع فى مصر ، ووفقََا لنُصوص ( أبى القوانين ..الدّستور المصرىّ الحالى  ) خاصّةََ المادّة رقم ٩٨ ، والّتى ذكرت المُحاماة صراحةََ بالباب الرّابع فيه .

لاسيّما أنّه أفرد فصلََا كاملََا ، من الأحد عشر فصلََا المتعلّقة بنظام الحُكم ” الباب الخامس ” تحت عُنوان الفصل السّادس :  المُحاماة، وهو قول المادّة  ١٩٨ ، أنّ :- (( المُحاماةُ مهنةٌ حرّةٌ مستقلّةٌ، تشارك السُّلْطَةَ القضائيّةَ فى تحقيق العدالةِ ، وسيادةِ القانون ….. )) .

والمفكّرون ،الأدباء ،الفلاسفة والسّاسة بالطّبع يقودون الأمم ، ونحسب أنّ المحامين هم أحرص طائفة تحمى الدّول مع أقرانهم من رجالات القانون فى كلّ العُصور ، فهم حاملوا فنّ التّحضّر الفكرىّ وقناديل الرّقىّ القانونىّ ، لكونهم أرباب الكلمة ،  ومِنْ أوائلَ مَنْ يرفضون تأليهَ الطّغاة ويدافعون عن حقوق وحريّات شعوبهم .

وأخيرََا .. هل نُعيد رُوح “الماجنا كارتا ” الدّيمقراطيّة فى الوقت الحالى لمُجتمعاتنا الغربيّة والعربيّة على حدٍّ سواء  ؟حتّى لا تطاردنا لعنةُ أرواح ” ملك جون جديد ” وأمثاله ، أو بعث طاغيةٍ ثانيةََ أو فسادٍ، فى أىّ مجتمع أو أيّة وظيفة !
حفظ الله مصرنا ورئيسها وشعبها وجيشها وشرطتها من كلّ فسادٍ ومكروه.

زر الذهاب إلى الأعلى