واقعة إهانة أطباء مستشفى شربين .. هل من مسائلة؟

بقلم: محمد شعبان

تابعت ببالغ الحزن ذلك الفيديو المتداول على وسائل التواصل الإجتماعي لأحد أعضاء مجلس النواب أثناء (اقتحامه) أحد منشآت الدولة الصحية (مستشفى شربين بالدقهلية) متداخلاً في وظيفة عامة من دون أن يكون له صفة رسمية من الحكومة ودون أن يؤذن له بذلك منها، فولج المستشفى منقضاً على أفراد الطاقم الطبي على ظن – خاطئ – من سيادته أنه يمارس دوراً رقابياً ( ليس له )، فأخذ يوبخ أفراد الطاقم ويهددهم أمام المرضى وجمهور المتعاملين معهم وهو ما سبب لهم حرجاً كبيراً وإهانة بالغة اتسع نطاقها لاستخدام النائب المذكور (كاميرا فيديو) وقيامه بتسجيل وقائع هذه الإهانات وإذاعتها على العامة عبر صفحته الشخصية وهو جعلها على مرئى ومسمع من أفراد الشعب كله، ما أصاب الهيئة الإجتماعية بالإستياء والكدر، لما شاهدوه وسمعوه من سلوكيات وعبارات تشكل خروجاً سافراً على القيم البرلمانية التي من المتوجب على عضو البرلمان أن يتحلى بها، علاوة على الإهانات المقزعة التي تلقاها أفراد الطاقم الطبي في وقت هم في أمس الحاجة لأن يُرسَّخ إحترامهم في نفوس افراد الشعب لما يقومون به من دور جوهري في هذا الوقت الحرج الذي تمر به مصرنا الحبيبة بظروف الوباء العالمي، هذا كله بخلاف التحدي الصارخ الذي أبداه النائب للإجراءات الإحترازية التي تتخذها الدولة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، بظهوره على العامة متحدياً بدخوله مستشفى طبي هو بالتأكيد موطناً للوباء من دون أن يرتدي الكمامة الواقية أو القفاز وهو ما يشجع الكثيرين على الإلتفاف على القواعد التي تضعها الدولة في مواجهة الأزمة.
هذه الواقعة المعروضة سلفاً بكل ما فيها من ظروف وملابسات تؤكد ارتكاب السيد النائب لعدد من المخالفات، منها ما يندرج تحت وصف جرائم وفقا للمنطبق عليها من قانون العقوبات، لكون الواقعة في مجملها تشكل جريمتي إهانة موظف عام أثناء تأدية عمله وجريمة تداخل في عمل موظف عمومي من غير مختص وهي الجرائم المعاقب عليها وفقاً للمادتين 133/1 و 150 من قانون العقوبات. وبقية المخالفات تندرج تحت وصف خروج على واجبات الوظيفة البرلمانية – وفقاً للائحة الداخلية للمجلس- والتي تفرض على عضو مجلس النواب أن يراعي الإحترام الواجب لمؤسسات الدولة الدستورية، وتجنب إتيان أفعال تخالف الدستور والقانون.
والجديربالذكر أن مخالفات السيد النائب متكررة، فهو في حالة اعتياد على هذا الخروج السافر على كل المثل والقيم والتقاليد البرلمانية، واستمراء السيد النائب ارتكاب هذه المخالفات كان بسبب عدم اتخاذ إجراء حاسم ضده يواجه خروجه السافر على تقاليد البرلمان وانتهاكه لمحارم قانون العقوبات الذي يضبط إيقاع السلوك في المجتمع.
لذلك فإنني من خلال هذا المنبر وبهذا المقال أوجه عدداً من الرسائل :
الأولى : إلى السيد المستشار النائب العام طالباً وملتمساً سرعة التدخل لفتح تحقيق عاجل في الواقعة المذكورة وغيرها من الوقائع التي سبقتها – ولم تسقط بالتقادم- لكونها تشكل جرائم لا تتقيد النيابة في تحريك الدعوى الجنائية عنها بثمة قيد، واتخاذ ما يلزم من إجراءات نحو توجيه طلب لمجلس النواب لرفع الحصانة عن السيد النائب المذكور- والذي سبق وأن قرر المجلس في فبراير الجاري إحالته للجنة القيم لخروجه على واجبات العضوية – تمهيداً للتحقيق معه وإحالته للمحاكمة.
الثانية: إلى السيد رئيس الجمهورية بما يملكُه من صلاحيات قانونية وفقاً للإختصاص الأصيل المعقود له بقانون الطوارئ بإحالة بعض الجرائم إلى محاكم أمن الدولة طوارئ، أن يوجه بإصدار قرار بإحالة الجرائم المنصوص عليها في الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات – وهي جرائم مقاومة الحكام وعدم الإمتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره – إلى محاكم أمن الدولة طوارئ تمهيداً لإحالة النائب المذكور للمحاكمة أمامها.
الثالثة : إلى دولة رئيس مجلس الوزراء بصفته رئيس الحكومة وبما يملكه من اختصاص في توجيهها لأداء اختصاصاتها وفقاً للدستور، داعياً سيادته للتوجيه بإعداد مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات بتعديل المادة 133 منه بإضافة فقرتين ثالثة ورابعة يكون نصهما كالتالي :
( فقرة ثالثة : وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة من موظف عام أو ذي صفة نيابية عامة أو مكلف بخدمة عامة أو ساهم فيها بأية صورة وكان ذلك اعتماداً على سلطة وظيفته أو النفوذ المستمد منها. فقرة رابعة: ويجوز للمضرور في الحالة المنصوص عليها في الفقرة السابقة تحريك الدعوى الجنائية بالطريق المباشر ما لم يتم تحريكها بمعرفة النيابة العامة ).
الرابعة : إلى السيد الدكتور/ رئيس مجلس النواب طالباً من سيادته بحكم سلطاته كرئيس لهيئة مكتب المجلس أن يجتمع بالهيئة ويقرر إحالة العضو المذكور إلى لجنة القيم لاتخاذ شئونها – وفقاً للائحة الداخلية للمجلس – نحو المخالفات المتكررة التي وقعت منها والتي بات من شأنها افقاده للثقة والإعتبار المؤهلين لإسقاط عضويته من المجلس.
وأخيراً أود أن أنقل كامل تقديري واحترامي لأفراد الطواقم الطبية بمستشفيات جمهورية مصر العربية بكل مفرداتهم ( أطباء وطواقم تمريض وإداريين وعمال ) متقدماً إليهم بجزيل الشكر على العطاء منقطع النظير المبذول في سبيل دفع الأذى عن صحة المواطنين داعياً المولى عز وجل أن يرفع قدرهم بين الناس وأن يطرح البركة في أزواجهم وذرياتهم إلى يوم الدين.

زر الذهاب إلى الأعلى